خبر ملائم كالقفاز على اليد- معاريف

الساعة 10:50 ص|24 ديسمبر 2012

ملائم كالقفاز على اليد- معاريف

بقلم: نداف ايال

        (المضمون: جون كيري، المرشح للخارجية الأمريكية، يركز على الهدف – تحقيق تسوية دائمة يتقرر فيها مصير المستوطنات. هذا نهج برغماتي جدا. ومع أنه يعتبر صديقا قريبا لإسرائيل الا ان التزامه لها ادنى من التزام هيلاري كلينتون - المصدر).

        ثمة شيء ضيق بعض الشيء، إن لم نقل قروي، في فحص تعيين جون كيري فقط من خلال زاوية النظر الإسرائيلية. ففي السنوات القريبة سيكون السناتور القديم مسؤول عن ادارة دبلوماسية القوة العظمى الأهم في العالم. وهو سيكرس للشرق الاوسط زمنا كثيرا، ولكن بالتأكيد ليس جل زمنه. سيقف أمام تحديات احتواء النفوذ الصيني في منطقة آسيا – الهادي، ادارة الخروج من افغانستان، الازمة النووية مع ايران، تواصل العلاقات المعقدة والمتوترة مع روسيا، صعود القوة الاقتصادية لافريقيا وغيرها.

        كيري هو احد الأصوات البارزة والرائدة في الحزب الديمقراطي في الشؤون الخارجية منذ سنوات عديدة، ولا سيما في العقد الاخير. بطل حرب، ابن لعائلة مميزة وأب دبلوماسي، حلم كيري دوما في أن يكون رئيسا. ولكن بعد أن فشل في انتخابات 2004 توجه الى النشاط التقليدي لسناتور كبير – بناء مكانة شخصية دولية مع تجربة واسعة وعلاقات متفرعة.

        علاقاته الطيبة مع اوباما – فان كيري هو المسؤول عن الاختراق الاكبر له في الوعي الوطني في الخطاب في المؤتمر الديمقراطي في 2004 مما ساعده بلا ريب في ترسيخ هذه المكان. كان اوباما هو الذي كلف السناتور الكبير بمهمات كمبعوث شخصي للرئيس وهكذا بناه عن قصد كوريث محتمل لهيلاري كلينتون. قد لا يكون كيري هو الخيار الاول لاوباما – فقد كانت هذه على ما يبدو سوزان رايس – ولكنه اثبت نفسه من ناحية الادارة في الاختبارات الاولى للعمل الدبلوماسي بتكليف من البيت الابيض: قدرة، ولاء وسرية.

        والان بالنسبة لإسرائيل. الرئيس الامريكي هو مثالي في السياسة الداخلية وواقعي برغماتي في السياسة الخارجية. امريكا اوباما تعمل في العالم انطلاقا من اعتبارات واقعية، باردة وشبه محافظة. وخلافا لجورج بوش، الذي تبنى اراء رومانسية (الديمقراطية في العالم العربي، معاقبة محور الشر)، فان اوباما برغماتي وأكثر توازنا. ليس لديه مكان للولاءات القديمة، ليس لبريطانيا "التحالف التاريخي" وليس للباكستان باسم "التعاون الامني".

        توجد كلمتان تقودانه: مصلحة امريكا؛ بالنسبة لاوباما، في السياسة الخارجية (خلافا للسياسة الداخلية) يوجد مكان محدود للقيم. النماذج: لو كان نجح مبارك في أن يقمع بالقوة الثورة المصرية في غضون اسبوع، لكانت ادارة اوباما عانقته بحرارة. وادارته هي أيضا التي تجاهلت الثورة الخضراء في ايران. عندنا، عندما كان احساس بانه يمكن تحقيق تقدم في المسيرة السياسية الاسرائيلية – الفلسطينية، فقد حاول اوباما؛ ولكن عندما فشلت المحاولة اعلن بان "نحن لا يمكننا أن نرغب في السلام أكثر من الطرفين"، وترك الشرق الاوسط على راحته.

        كيري مناسب لاوباما كالقفاز لليد. واضح أنه عند مراجعة تصريحاته في شؤون اسرائيل، فانه يعارض المستوطنات، مثلما اشير هنا في نهاية الاسبوع. كل مسؤول امريكي (بما في ذلك الجمهوريين) شغل هذه المناصب – من هيلاري كلينتون وحتى جيمز بيكر عبر كونداليزا رايس وكولين باول – عارض بشدة البناء في المستوطنات. ولكن يجدر الانتباه الى تصريحات كيري التي تتناول الطلب الامريكي للوقف المؤقت للبناء في المستوطنات كشرط للمفاوضات مع الفلسطينيين، الطلب الذي طرحه في حينه الرئيس اوباما على نتنياهو (الذي وافق عليه).

        "عارضت الجهد العلني المتواصل هذا (وقف البناء) في المستوطنات لاني لم أعتقد أبدا بان هذا سينجح، وعمليا، اضعنا سنة ونصف على شيء لم يكن عمليا، لكل أنواع الاسباب، قابلا للتحقق. فالمفتاح (لتحقيق الاتفاق) هو الوصول الى ترسيم الحدود ومتطلبات الامن، واذا ما توصلت الى ترسيم الحدود فانك تكون قد حللت بذلك مشكلة المستوطنات".

        بتعبير آخر – فان كل طلب "مبدئي" من نوع الشرط الاولي هو عقيم في نظر كيري. وهو يركز على الهدف – تحقيق تسوية دائمة، يتقرر فيها مصير المستوطنات. هذا نهج برغماتي على نحو رائع. فمع أن السناتور الكبير من مساشوستس يعتبر صديقا قريبا لاسرائيل، الا ان التزامه أدنى من التزام هيلاري كلينتون. والسبب مزدوج. فكلينتون كانت تلهو، وربما لا تزال تلهو بفكرة الترشح للرئاسة في 2016، وهذا يلزمها في ان تكون حذرة جدا في مواجهة محتملة مع اسرائيل. اما الامال الرئاسية لكيري فليست قائمة. فقد خسرها في 2004، وهذه هي محطته الاخيرة. كما أن كلينتون تشعر بالتزام عاطفي، شبه عائلي، لاسرائيل. اما كيري فيمكن أن يسمح لنفسه ببعض الابتعاد.

        وبالمناسبة، في أمر واحد نجدهما متشابهين: محافل في واشنطن تبلغ عن أن جون كيري يكن لرئيس الوزراء نتنياهو ذات مستوى العطف مثل كلينتون – مستوى منخفض جدا، لمن له شك، كالمستوى الذي نشأ في الولاية الاولى تجاه نتنياهو في أعقاب علاقاته المهزوزة مع بيل كلينتون. لهذه العناصر الشخصية توجد اهمية محدودة، بالطبع. نتنياهو، كيري وكلينتون يعرفون كيف يضعون جانبا المشاعر الشخصية من أجل المصالح المشتركة، ولكن بالتأكيد لا يدور الحديث عن قفزة درجة في الكيمياء الشخصية.