خبر من سيبني بيتا في شرقي القدس.. هآرتس

الساعة 11:53 ص|21 ديسمبر 2012

بقلم: يوسي فيرتر

(المضمون: لماذا يحتفلون في الليكود في حين ان المجتمع الدولي يهاجم اسرائيل. وما الذي جعل يئير لبيد يقلب جلده. وما الذي جعل نتنياهو يهاتف حوطوبلي - المصدر).

كانوا ينشدون هنا ذات مرة: "من سيبني بيتا في تل ابيب؟/ نحن الطلائعيون سنبني في تل ابيب/ جيئونا بالطوب وسنبني في تل ابيب". واليوم يعلنون خطط بناء وبعد ذلك رخص بناء وفي مرحلة متأخرة سيعلنون إنهاء المباحثات في اعتراضات سكان على خطط البناء، في نفس الاماكن التي جرت حولها جولة سابقة بالضبط – في شرقي القدس أو في الضفة الغربية

تجري المعركة على اصوات مصوتي اليمين في اللجان اللوائية التي تعمل في نوبة ثانية، وفي أروقة الامم المتحدة وفي واشنطن. وكلما تلقت اسرائيل قدرا أكبر من التنديد بها في الساحة الدولية بسبب "البناء في القدس!" (يقول ناس الليكود ويبدأون انشاد النشيد الوطني)، ولتذهب مكانتها عند المجتمع الدولي الى الجحيم، سيكون ذلك أفضل للحزب الحاكم. هذه هي النظرية الهازلة كلها على رِجل واحدة. هذه النظرية وهذا هو ثمنها.

لا حاجة الى ان نذكر ان كل خطوة في فترة انتخابات يُفحص عنها وتُقاس في استطلاعات الرأي. ان اعلان رخص البناء لحي رمات شلومو في شمال القدس ووراء الخط الاخضر لم يحظ بعلاج مختلف. وكان الاستنتاج واحدا لا لبس فيه. "كانت الردود ممتازة، وهذا جيد بصورة خالصة بالنسبة الينا"، قال هذا الاسبوع مسؤول رفيع المستوى في الليكود، "كان اعلان البناء في E1 ردا. وكان عقابا للفلسطينيين على الاجراء في الامم المتحدة. ان الاعلان هو مبادرة منا بصورة تامة وهو يُحسن الينا من عدة جهات: 1- يجلب الينا مصوتين من اليمين؛ 2- ينقل الخطاب الى الملعب السياسي – الوطني، والسؤال المركزي في معركة انتخابات هو في أي ملعب تلعب؛ 3- يرسم خطا فاصلا واضحا بين اليسار واليمين؛ 4- يبذر الخصومة والشحناء في الكتلة الخصم. فماذا يمكن ان نطلب بعد".

يصعب ان نجادل الحقائق. خذوا مثلا الربح الصافي الأخير الذي ذكره المسؤول الكبير: فالاعلان بالقرار على بناء 1500 وحدة سكنية في رمات شلومو ما يزال يظهر في العناوين الصحفية الرئيسة، وأعلنت رئيسة حزب العمل عضو الكنيست شيلي يحيموفيتش في مقابلة صحفية بأنها تعارض كل اقتطاع من ميزانيات المستوطنات حتى تلك المعزولة خارج الكتل الاستيطانية. "لا يمكن ان نعامل سكان المستوطنات التي نشأت بحسب قرارات حكومة اسرائيل – وكان حزب العمل يسيطر على أكثرها – بأنهم مجرمون"، قالت يحيموفيتش. "تقع على الحكومة مسؤولية عن الاولاد هناك".

ان استراتيجية يحيموفيتش واضحة فهي تغرس نفسها في اليمين السياسي – الأمني وفي اليسار الاقتصادي – الاجتماعي. ونقول بالمناسبة ان أكثر الشعب موجود هناك. يمكن ان نقول عن يحيموفيتش أنها تُخزي أسلافها في قيادة الحزب – اسحق رابين مثلا الذي تحدث عن مستوطنات سياسية – لكنها ما تزال متمسكة بالرسالة وهكذا تحظى بشرعية بين جماهير واسعة. ان اليسار السياسي الواضح يصوت أصلا لحركة تسيبي لفني أو لميرتس زهافا غلئون.

على أثر هذا التصريح نشأت جلبة عظيمة في الكتلة كما أملوا ان يحدث بالضبط في الليكود بيتنا. وقد تابعت لفني رابين وأعلنت أنها تؤيد تفريقا دقيقا بين المستوطنات في الكتل التي ستظل في داخل اسرائيل في كل اتفاق وبين مستوطنات "سياسية" ستُخلى في كل اتفاق: "لن نحول مالا لا داعي له الى مستوطنات نعلم أنها لن تكون هناك".

ان أقسى رشقة تلقتها يحيموفيتش كانت من قبل يئير لبيد، رئيس "يش عتيد". "انها تؤيد تحويل اموال من الطبقة الوسطى الاسرائيلية الى المستوطنات التي ستكون خارج اسرائيل في كل تسوية في المستقبل"، قال لبيد في غضب، "هذا شيء لا مسؤولية فيه ولا أفهم هذا". أولم يقل لبيد نفسه مع نفس القامة ونفس ناصية شعره ونفس اسلوب كلامه كلاما مشابها تماما لكلام يحيموفيتش قبل نحو من شهرين حينما عرض خطته السياسية في المركز الاكاديمي في اريئيل فقال: "علينا ان نأخذ في الحسبان الزيادة الطبيعية في المستوطنات القائمة. اذا ولد أطفال في عاليه أو في معاليه افرايم فلا يمكن ألا نبني لهم حضانة اطفال أو روضة اطفال. ان الذي ينظر الى المستوطنين على أنهم مشكلة أو عقبة أو مجموعة خلاصية يسلبهم شرعيتهم".

فلماذا يشتكي لبيد من يحيموفيتش؟ وكيف ولماذا أصبح من عرض نفسه على أنه مركز – يمين معتدل، لماذا أصبح مركزا – يسارا؟ التفسير في استطلاعات الرأي. انها الاستطلاعات مرة اخرى. فدخول لفني الحلبة سلب لبيد 4 – 5 نواب ثمينين. والمنافسة في داخل الكتلة تُصدعها. انه يلاحظ في المعسكر قبل الانتخابات بشهر مصوتي لفني أو بنك اصواته المركزي وهو يوجه جهوده الى هناك. بل انه مستعد لأن يفقد شيئا من اصوات اليمين – وهناك مصوتون محتارون بينه وبين الليكود – من اجل ان يعيد لنفسه فقط ما خسره للفني. وهذا السلوك يوحي بذعر وعدم ثقة ونقض القاعدة الأهم في الحملة الانتخابية ألا وهي التمسك بالرسالة. فلو ان لبيد كان نتنياهو لقلنا انه في ذعر.

حلم نتنياهو

كان لنتنياهو حلم قُبيل ولايته الثانية على التوالي وهو ان يصبح اريئيل شارون، لا بمعنى شق طريق فكري وجرأة سياسية الى حد القيام بعمل سياسي كاخلاء غوش قطيف مثلا، فنتنياهو ليس كذلك ولا حتى قريبا منه ونشك في ان يكون كذلك في يوم ما. فهو لا يؤمن بأية تسوية من طرف واحد أو أطراف.

حلم بأن يصبح شارون طراز 2003 من الجانب الانتخابي فقط، أي بأن يضرب ضربته وان يأتي بالـ 38 نائبا الذين حصدهم الليكود برئاسة شارون وان ينشيء حكومة لا يكون وجودها مشروطا بأي حزب واحد وان يصبح ملك اسرائيل وزعيما عظيما كقمة إفرست قويا وصخرة وجودنا ورئيس وزراء لا يمكن اسقاطه أو ابتزازه أو تجفيفه أو حلحلته. أو ان يصبح باختصار المجسد البارز لشعار الليكود: "رئيس وزراء قوي. اسرائيل قوية". كان في 2006 قويا في مواجهة حماس وهو اليوم مجرد قوي.

ومنذ ان رأى نتنياهو ان الحلم يلاقي جُزأه مازج افيغدور ليبرمان واسرائيل بيتنا. لكن تباً لأن المجموع في هذه الاثناء ليس لا يساوي مجموع أجزائه فقط (42 نائبا في الكنيست الماضية)، بل انه أصغر منه كثيرا: 35 – 36 مقعدا بحسب استطلاعات الرأي. ونصيب الليكود من هذا المزيج 22 – 23 نائبا، أي أقل من تمثيله في الكنيست الحالية بـ 4 أو 5.

ان هذا العدد قريب من الـ 19 نائبا الذين حصل عليهم الليكود برئاسة نتنياهو في 1999، في نهاية ولايته الاولى الفاشلة. وقد اضطر آنذاك الى اخلاء كرسيه لاهود باراك. وفي هذه المرة فان السلطة مضمونة له بسبب الكبر النسبي والانقسام النهائي في كتلة المركز – اليسار، وعدم وجود مرشح حقيقي لرئاسة الوزراء من المعسكر الثاني. سيصبح رئيس وزراء مرة ثالثة لكن نشك في ان ينال لذة كبيرة بقدر كاف اذا افترضنا ان الاعداد ستبقى على هذا النحو.

لهذا خرج مقر انتخابات الليكود هذا الاسبوع مع حملة تربط قوة نتنياهو بقوة اسرائيل. والرسالة هي: اذا صوتم لليكود فستحصلون على رئيس وزراء قوي. واذا أصبح عندكم رئيس وزراء قوي فانه يستطيع ان يقدم السلعة التي تتمنونها أنتم الرعايا وهي تغيير طريقة الحكم، وقانون التساوي في العبء، واقتصاد سليم، وأمن ووفرة وسعادة وما شئتم. وقد أسمى بعضهم ذلك في هذه المرة: أنا الدولة.

هذا في واقع الامر بداية حملة الدعاية التي يستعملها كل حزب كبير يصارع احزابا تابعة؛ ان قائمة الليكود بيتنا قضمها نفتالي بينيت من البيت اليهودي – الاتحاد الوطني، وشاس آريه درعي وايلي يشاي وكل حزب صغير ومتوسط في كتلة اليمين، قضما شديدا. فكلها يضربه من الخلف وتقول لمصوتيها: إطمئنوا، ان بيبي هو رئيس الوزراء أصلا فتابعوا قلوبكم والحزب الذي يمثلكم حقا. ستزداد هذه المعركة حدة في الايام التالية الباقية حتى فتح صناديق الاقتراع. ونتنياهو مهموم في الأساس بالجبهة التي أخذت تسخن بينه وبين من كان رئيس مقر عمله في السنتين 2006 – 2007، وانفصل عنه في ظروف سيئة وهو اليوم يعضه في قسوة. وليس عرضا انه حينما جاء الى عكا هذا الاسبوع انقض على معهد تحضيري ديني والتُقطت له صور مع طلابه. وفي يوم الثلاثاء اتصل رئيس الوزراء بعضو الكنيست النائبة تسيبي حوطوبلي التي هي عضو في مقر العمل الديني لليكود بيتنا وتحدث اليها عن الانباء المنشورة التي زعمت انه يميل الى ترك بينيت وحزبه اليميني المتطرف خارج حكومته القادمة.

"لست مستعدا لضبط نفسي في مواجهة حيل نفتالي الدعائية وكأن حزبه يجب ان يكون كثير النواب ليُرغمني على ادخاله الى الحكومة. ليكن واضحا"، تحدث نتنياهو الغاضب مع حوطوبلي. "أنني لا أرفض أي شخص وأي حزب يوافقان على خطوط الحكومة الأساسية. هذا هو شرطي الوحيد لدخول الحكومة وهو الموافقة على الخطوط الأساسية".

"لكن نفتالي يوجه طوال الوقت"، قالت حوطوبلي. "وجهي أنتِ ايضا"، أجابها نتنياهو. "اشتكوا في الماضي من أنني عينت باراك وزيرا للدفاع. اذا كانوا يريدون وزير دفاع من اليمين فيحسن اذا ان نكون أقوياء وكبارا".

لا داعي الى ان نذكر ان حوطوبلي وافقت على كل كلمة وقامت بالتوجيه. وقالت ان حملة بينيت غير شرعية. "الحديث في الحاصل عن حزب ضعيف يجب ان يحصل في الحكومة القادمة على حقيبة الأديان أو شيء كذلك"، قالت.

لنتنياهو مشكلة مشابهة مع الحريديين، وبخاصة مع شاس. وليس عرضا ان بدأت تتسرب في الاسبوع أو الاسبوعين الاخيرين أنصاف مقولات من قبل الليكود – بيتنا عن حكومة بلا حريديين. ورفاقنا في شاس هم الذين انضغطوا هذه المرة. فالحريديون يعرفون جيدا من تجربتهم الخاصة الاعراض التي يسمونها "بيبي في نهاية الولاية": "ان نتنياهو في مكان يوجد فيه دائما بعد ولاية لرئاسة وزراء يمين – حريديين"، قال مسؤول كبير من شاس هذا الاسبوع. "انه في موقع دفاع. وهو يصور نفسه على انه كان منعما علينا وأنناحصلنا معه على المال كله والمناصب كلها برغم ان هذا بعيد عن الواقع، حصلنا من اولمرت على أكثر ولم يشغل أحد نفسه بنا، لأن اولمرت أجرى تفاوضا سياسيا. ولم نُجز في هذه الولاية حتى قانونا دينيا واحدا.

"يريد الآن ان يسحق رأسنا كي لا نكون في الحكومة التالية أو كي نكون ضعفاء"، أضاف المسؤول الكبير. "ان استراتيجيته هي ان يوحي الى الجمهور بأنه يستطيع انشاء حكومة من غيرنا. لكنه ينسى شيئا واحدا هو انه لن يكون رئيس وزراء من غيرنا فليست له كتلة من غيرنا. هل يريد ان يتوسل لبيد ولفني ويحيموفيتش لدخول الحكومة؟ سيحدث هذا فقط اذا كانت عنده كتلة قوية. وما بقيت شاس ويهدوت هتوراة معا فهما 19 – 20 نائبا – وهذا غير ممكن لأن شاس تحصل دائما من النواب على أكثر من المتنبأ به – فلن تكون له كتلة حسم. نستطيع ان نأخذ نوابنا ونسير مع مرشح من اليسار. هل يهددوننا لأن نتنياهو لن يرى بعينيه بعد الانتخابات بيوم؟ نحن ايضا كذلك".

سألت الوزير اريئيل اتياس من شاس هل الامر كذلك فقرأ الرسالة متعبا وهي: "اذا أرادوا ان نهتم بالطبقات الضعيفة فيجب ان يعطونا القوة".

ألا تخشى ان يفعل نتنياهو فعل شارون وينشيء حكومة مدنية من غير شاس ومع لبيد، يئير؟

"ان النظرية في الجهاز السياسي هي ان نتنياهو هو رئيس الوزراء القادم، بسبب الكتلة"، قال اتياس وهو يزن كلماته. "اذا كان هذا صحيحا فان شاس جزء من الكتلة ومن غير شاس لا توجد كتلة. وعلى ذلك فان الجدل كله الآن هو هل سنكون أقوياء بصورة كافية كي نؤثر في الميزانية ونمنع الاقتطاع من حقوق الضعفاء".