أعده/ مركز أطلس للدراسات العبرية

تقرير « نتنياهو »... تعبير صادق عن مجتمع متطرف

الساعة 05:29 م|20 ديسمبر 2012

غزة

كما تسابق بالأمس المرشحون الإسرائيليون للانتخابات الإسرائيلية على تأكيد الحرب ضد غزة، تنتقل الآن الحملة الانتخابية إلى التهام الضفة الغربية وإنهاء فكرة دولة فلسطين على اقل الحدود التي يقبل بها المفاوض الفلسطيني .

 

مرشحو الأحزاب يحاكون فكرة التحول اليميني في المجتمع الإسرائيلي في عملية السباق على الصوت ، صوت المجتمع اليميني الذي يتعزز ويتكاثر.

 

تشير الاستطلاعات في الرأي إلى أن 67% من مؤيدي أحزاب الوسط لا تقبل إلا بالقدس عاصمة موحدة لدولة "إسرائيل"، ومن التحولات اللافتة أيضا  أن 20 % من مؤيدي أحزاب الوسط  يعربون عن مواقف صقورية مشابهه لمواقف مؤيدي اليمين.

 

فـ 20% من مؤيدي حزب العمل يطالبون بأن يعترف الفلسطينيون  بـ "إسرائيل" كـ "دولة يهودية" ،  كما أن 60% من مؤيدي حزب العمل لا يقبلون  بـ دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 67 وتقسيم القدس لحل النزاع.

 

ومن مؤشرات التوجه العام في المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين أن زعيمة حزب العمل تطالب على عدم  المس بالميزانيات الكبيرة المستثمرة في المستوطنات وتؤكد انه لا يمكن تجريم المستوطنين الذي أقاموا مستوطناتهم بناء على قرارات حكومية.

 

التحول في المجتمع الإسرائيلي هو نتيجة شعور عميق بأن مشروع اليسار والوسط أصبح مستهلكاً ولم يعد هناك أمل للتغلب على مشكلة الفلسطينيين إلا عبر مشروع اليمين؛ الذي لم يختبر بشكل حقيقي.  مشروع اليمين المتطرف - مشروع نتنياهو ومفكره ليبرمان- والذي لا يعتبر الفلسطيني يرقى إلى الإنسانية التي تجعله يستحق الحرية والاستقلال .

 

أوساط الليكود تقول بأن " بيبي ملزم بأن يتجه يميناً لأننا – أي الليكود- في هذه الأثناء نفقد المقاعد في داخل الكتلة ( الليكود – بيتنا) ويجب إعادتها إلى البيت" يضيفون "  مع كل الاحترام للانتقاد الدولي توجد في "إسرائيل" أيضاً انتخابات ونحن أيضا ملزمون تجاه مقترعي اليمين".

 

هذا التوجه واضح في تقرير اللجنة اللوائية واللجنة المحلية في القدس والتي تسعى إلى إقرار تغيير خريطة جنوب القدس دراماتيكياً من خلال إقامة حي يهودي جديد جنوبي المدينة باسم "جفعات همتوس" (تلة الطيارة)، ويوم الخميس القادم ستبحث اللجنة اللوائية مخطط  أخر هو أيضا يتحدث عن إقامة نحو 1200 وحدة سكنية في منطقة غيلو، وفي 7/1 ستعود اللجنة  للبحث في إقامة منطقة فنادق كبرى في المكان.

 

وفي الجانب الاقتصادي ما زال نتنياهو هو يسير صوب اليمين حتى تدخل الضفة وغزة الآن سوياً في عملية "رجيم" من خلال مصادرة عائدات الضرائب وإفقاد السلطة القدرة على دفع رواتب الموظفين.

 

يشار هنا أن هناك قرابة 2 مليون صهيوني محبطين من كل الأحزاب الإسرائيلية، ولم يعبروا عن وجهة نظرهم في المواقف السياسية، فهم لا يجدون أفقا سياسياً لدى اليمين ولا لدى اليسار.  لكن هذه الشرائح قد نقول موقفها إذا تضررت اقتصادياً أو إذا وجدت أن دولتهم تسير في اتجاه خطير.

 

 أيضا على المستوى السياسي ففي كيا الاحتلال هناك من يتحدث عن أن "إسرائيل" تعتقد أنها تعاقب الفلسطينيين على توجههم إلى الأمم المتحدة، ولكن دول العالم لا يمكنها أن تواصل السكوت وستجد نفسها مضطرة لمعاقبة دولة الاحتلال على هذه الأفعال.

 

ما هو الثمن الذي يمكن أن تدفعه "إسرائيل"؟

 

الثمن الذي يمكن أن يدفعه كيان الاحتلال هو انقلاب السحر على الساحر؛ وذلك من خلال الفلسطينيين الذي عمل الاحتلال على أن يقدمهم للعالم على أنهم لا يستحقون دولة ولا ينتمون لـ "العالم الحر" وليسوا أهلا لتحمل المسئولية.

 

فالصورة التي تقدمها "إسرائيل" عن الفلسطيني والتي ساهم الفلسطينيون – للأسف- في خلقها عن أنفسهم هي: الفلسطيني المنقسم على نفسه، الفلسطيني الذي لم يستطيع أن يشكل نظاماً سياسياً واحداً منذ أكثر من 25 عاما ، الفلسطيني الذي لم يستطيع أن يتفق على برنامج سياسي موحد على الأقل لمدة عام واحد !!.

 

غزة تملك الخيارات إن أرادت

 

بالأمس وقفت الضفة بكل قوتها ، رغم الحصار والضنك والملاحقة والاعتقالات، وقفت مع غزة في حربها ضد مشروع اليمين الحاكم في "إسرائيل"، ضد عمود السحاب . كان أهلنا في الضفة يدركون أنهم لا يستطيعون أن يقدموا أكثر مما تقدمه غزة. فماذا تملك الحجارة أن تفعل مقابل صواريخ الفجر والM75 والكورنيت مضاد للدبابات ومضاد للبوارج ومضاد للطيران، كانت الضفة تدرك أنها تملك الرغبة في أن تقول لأهل غزة الذين تحت القصف: " لا... والله لن أحب أن أكون معافى في أهلي ومالي وأهل غزة يشاكون بشوكة" .

 

ولكن؛ ماذا الآن..؟ّ والضفة تعيش النقطة الفارقة في حياتها، تقف أمام محنة مصادرة أراضيها وتقطيع أوصالها. وهجمة السياسيين الإسرائيليين عليها للتنافس على تمزيقها كوحوش استفردت بفريستها .

 

ماذا تقول غزة الآن؟! هل تقول : "لا حيلة لنا، لم يمض على خروجنا من الحرب سوى أيام  ولا نحتمل مواجهة جديدة!!!؟"

 

.. لا, الضفة لم تطلب من غزة أن تدمر نفسها , ولا أن تنتحر. فغزة إن أرادت تملك الخيارات، وخياراتها ليست محصورة بين الحرب المفتوحة والهدوء التام .

 

إسرائيل دخلت الآن معركة حقيقة؛ معركة " كسر العظم" في الضفة مع تحييد غزة ونعتقد ان حربها الأخيرة على غزة جاءت لهذا السياق.

 

وحدة الصف الفلسطيني

 

مصطلح قد يشعر القارئ الفلسطيني بأنه فارغ المضمون أو انه أصبح لفضاً محرجاً تتناقله كل الألسن التي تتمناه والتي تخشاه. المجتمع الفلسطيني لا يتحرك إلا عندما يشعر بالانسجام والانسجام على المشروع والانسجام الشعوري والتوحد على هدف واحد. عندما تمر ظروف تمزق الشعب والمجتمع نفسه، فإن إعادة الوحدة لهذا المجتمع تحصل في احد حالتين:

 

الأولى: وهو أن تدرك القيادة من طرفي الانقسام ضرورة الوحدة والانسجام بين قوى المجتمع الفاعلة ثم تقرر وضع خطط لإعادة  بناء المجتمع من جديد.

 

والثانية: وهو ألا تدرك القيادة ذلك، لكن المجتمع  يعي ضرورة ذلك من خلال حاجة كل قسم من انقسامه للقسم الآخر، وهذا يحدث عندما تضيًق الأزمات الأفق، وتتكشَف للمجتمع المصالح الأنانية والأجنبية التي تعزز الانقسام، عندما يدرك المجتمع أن هذا الانقسام اللعين ليس من اجل قيم ولا بسبب خلاف ثقافي ولا حتى عرقي، عندها يقرر المجتمع أن يسبق قيادته ويتلاحم. عندها لن تملك القيادة إلا أن تتنازل عن كل شروطها المسبقة التي كانت تضعها عقبة أمام إنهاء الانقسام وتجد القيادة تـُسـوِّق التبريرات التي تدعوها إلى إنهاء الانقسام.

 

 

 

معركة المصير الواحد وتبادل الأدوار

 

 الآن الضفة الغربية تحت المطرقة من ضياع الأرض وخنق المدن الفلسطينية. وغزة واقفة على الشاطئ تحاول توسيع الأفق نحو البحر الذي لم يمتد غربا إلى ستة أميال.

 

والضفة توقفت عن استلام رواتبها وبالتالي توقفت عن إمداد غزة بالرواتب. لن يدوم الأمر طويلاً حتى تدرك غزة حاجتها الاقتصادية إلى الضفة وضرورة وقوفها إلى جانب الضفة إن لم يكن من أجل الوطن فسيكون ذلك من أجل قوت يومها. ولكن ستدرك غزة- شعبها وفصائلها- أن الحل ليس بالهجوم على الجيش الإسرائيلي بالسلاح؛ لان هذا الأمر سوف يعطي اليمين الإسرائيلي الحاكم  فرصة أخرى للسباق على صوت الناخب بضرب غزة عسكريا، وضرب الضفة استيطانياً واقتصادياً وعسكرياً أيضا. اليوم أو غدا سيدرك أهل الضفة وغزة أن المواجهة الآن ستكون بين المجتمعات في انتفاضة ثالثة تتكامل فيها القيادة في رام الله مع قيادة غزة بتبادل الأدوار، قيادة الضفة ستتوجه  للأمم المتحدة لتعزل "إسرائيل" وتدفيع المجتمع الإسرائيلي ثمن هذه العزلة . وغزة؛ لتَخرج جماهيرها في مسيرات قوية.  ونحن نستغرب انه - لحتى الآن -لا يوجد فصيل فلسطيني طالب بذلك في غزة – وكأن الفصائل الفلسطينية في غزة لا تستطيع إلا أن تمتشق السلاح !.