بالصور تحقيق: بغزة .. سيارات « نُص عُمر » بتراخيص حكومية !!

الساعة 10:19 ص|20 ديسمبر 2012

غزة (تحقيق خاص)

تجوب شوارع قطاع غزة سيارات (أكل الدهر عليها وشرب) تفوق في قدمها أعمارها الافتراضية بعشرات السنيين، علاوة على أنها تعاني العديد من المشاكل أبرزها أعطال ميكانيكية وكهربائية وأخرى تتعلق بجسم المركبة.

وربما الشيء المثير للاستغراب أن تلك السيارات تتحرك بتراخيص حكومية عن طريق وزارة النقل والمواصلات، وتفيد المشاهدات أن تلك السيارات يتم ترخيصها إما عبر الواسطة وإما بالتحايل على القوانين، لذلك كله أمتعض أهالي ومواطنو غزة من تلك الظاهرة التي تشكل مصدر قلق دائم للحوادث التي تنجم عنها، ليصفوها بــ"توابيت الموت المتحركة".

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" رصدت في هذا التقرير هذه الحالة، ووقفت على الأسباب والمتسببين والحلول والمعالجة ورصد للظاهرة عن كثب.

 

سيارة خطيرة مرخصة "عمومي"

السائق أحمد جندية (35 عاماً) والذي كان يقود سيارة من نوع (Peugeot 504) حيث بالكاد كانت تسير وتعاني من رداءة بشكل حاد، حيث يختفي منها الضوء الايمن تماماً، وتفقد كذلك ماصات الصدمات، علاوة على انها تعاني مشاكل بالمقود الذي فجأة يتجه ناحية اليمين لعطل أصابه، ناهيك عن عمرها الافتراضي الذي حددته الشركة المصنعة كان وللأسف قد انتهى !!.

جندية يوضح أن سيارته تعرضت لحوادث كثيرة وهو ما اوصلها إلى ما هي عليه ويقول :"في احدى المرات ونتيجة عطل في الـ "الهاند بريك" التوقيف اليدوي أوقفت سيارتي (العزيزة) على طريق مائل فتدحرجت صوب السيارات لتصدمها بشكل مباشر ما أدى لوقوع أضرار كبيرة للسيارات الاخرى".

أما عن سر تمسكه بسيارته القديمة المهترئة فيقول :"سيارتي اشتريتها بـ 4 الالف دينار والان إن كنت سأجلب سيارة أفضل منها حال سيكلف مبالغ طائلة".

وخلال جولة قام بها مراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" مع السائق جندية فكانت للأسف جولة معقدة الخطورة علاوة على أنها كانت كابوس ينتقل من مكان لأخر ومن خطر لخطر.

وعند الاستفسار عن عدم استخدامه "الزمور" أوضح لنا أنه قام بإزالته من ثلاثة أعوام نتيجة خلل أصابه.

ومما يثير الدهشة عند نزولك من السيارة ترى لصقة حمراء اللون بمعنى أن السيارة دخلت فحوص الترخيص التابعة لوزارة النقل والمواصلات ومراكز الترخيص التابعة لها وهو ما أخبارنا به جندية، ولكن يبقى التساؤل كيف رُخصت سيارة بهذا الشكل؟! جندية يجيب بالعامية فيقول:"البركة في فيتامين (واو)" بإشارة منه للواسطة داخل مراكز الترخيص.

"رُخصت بالواسطة" !!

أما خالد الدحدوح (40 عاماً) فحالة سيارته لا تختلف كثيراً عن حالة جندية إن لم تكوت أسوأ , حيث تعاني من مشاكل ميكانيكية قد تؤدي بحياة سائقها أو الركاب بداخلها –لا قدر الله- في اية لحظة.

ويشير الدحدوح إلى انه يعمل على نقل الركاب من فترة ليست بالقليلة.

الدحدوح يقول:"الحمد لله مرخص ومأمن وكله تمام وبارك الله في أولاد الحلال في ترخيص (....) !! اللي سلكونا".

الدحدوح يلفت إلى أنه نتيجة الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لا توجد لديه الاستطاعة لعمل الصيانة اللازمة للسيارة، وهي تحتاج الى ما يقرب على (3) ألاف دولار كحد أدنى لإصلاحها من جميع الجهات.

كما ويشير إلى أنه لم يعترض طريقه أية جهة قانونية أو رقابية واجهته للمشاكل والخطورة التي تحويها سيارته.

ولم يخف الدحدوح علمه المسبق بخطورة سيارته التي يسير فيها ولكن لا يجد بديل يسد رمق عائلته في ظل الاوضاع الاقتصادية.

وعن الحوادث التي تسببت بها قال وتبدو عليه علامات الخجل مؤشراً بيدية :"خمسة في عين الحسود".

"سيارات الموت" !!

المواطن (محمد . أ /25 عاماً) الذي كان يركب سيارة "أكل الدهر عليها وشرب" يؤكد صراحة أمام سائقها أنه لا يرغب بالركوب بداخلها، ولكن نظراً لضيق الوقت وتأخره عن جامعته التي يدرس فيها أضطر مرغماً للركوب فيها.

محمد يخشى على حياته أو إصابته بمكروه نتيجة الركوب في سيارة مهترئة بهذا الشكل ولكنه سرعان ماقال :"للضرورة أحكام والله يستر".

ويضيف:"عندما يكون عندي متسع من الوقت أعزف عن الركوب بمثل هذه السيارات".

وناشد وزارة النقل والمواصلات بضرورة حل تلك المعضلة التي وصفها بـ "سيارات الموت على الطرقات" علاوة على أنها لا تليق بالمنظر الحضاري للمدينة.

الحكومة تتحمل النتائج

أما الطالبة دعاء (22 عاماً) فتشير انها لا تركب مثل تلك السيارات البتة منوهة في الوقت ذاته الى انها مزعجة وغير مريحة للراكب.

وتقول دعاء :"أنا أدفع في أفضل سيارة حديثة ومكيفة من الجامعة للبيت 1 شيكل، وفي سيارة تشبه مدينة الملاهي المليئة بالرعب نظراً لفقدانها معايير السلامة أيضاً نفس الثمن، فلماذا لا أنتظر قليلاً وأركب أفضل الموجود".

وطالبت دعاء المسئولين بوضع حد لمشاكل السير في قطاع غزة أو معالجة الظاهرة بالطرق المثالية بدلاً من ترخيصها ومنحها حرية الحركة بالطرقات.

واختتمت حديثها بتحميل المسؤولية الكاملة عن أية حوداث تقع بالطرقات نتيجة تلك السيارات الخطرة لوزارة النقل والمواصلات بالحكومة الفلسطينية بغزة.

رصد للظاهرة

ويشير استقصاء "رصدي" بسيط قام به مراسل الوكالة في شارع عمر المحتار أن عشرات السيارات تنتشر بالشوارع أعمارها الافتراضية انتهت قبل أكثر من 20 عاماً تجوب شوارع القطاع بكل أريحية من الناحية القانونية على أعين وزارة النقل والمواصلات.

وتشير النسب في الاستبيان أن 70% من السيارات القديمة يوجد بها أعطال ميكانية و60% أعطال كهربائية و90% أعطال في الإطار العام وتلف جسم السيارة, بينما أفاد 50% أن مركباتهم تعرضت نتيجة ضعف أدائها لحوادث سير و60% يعتقدون أنها ستتسبب لهم في حوادث أخرى.

ويلفت الاستبيان إلى أن 74% من المركبات التي تعاني من مشاكل واقل من موديل سنة 80 تعمل بالنقل العمومي.

كما وأكد الاستبيان أن 66% من المركبات حصلت على ترخيص من وزارة النقل والمواصلات بينما أشارت النسب أن 73% منهم كانت الأعطال على حالها وحصل على الترخيص بطريقة أو بأخرى.

 الوزارة تسمح بترخيصهم

(بالكاد استطعنا التواصل مع مسئؤلي مراكز الترخيص) مدير مركز ترخيص السامر سعيد العرقان أوضح أن وزارة النقل والمواصلات تسمح بترخيص جميع أعمار السيارات ولا تحديد انتهاء الترخيص لأية سيارات ولا ضير في ترخيص سيارة يفوق عمرها 20 من انتهاء عمرها الافتراضي.

وقال :"بالفعل السيارات القديمة تؤرق المواطنين بغزة نظراً للأخطار الناتجة عنها واغلب الحوادث تنتج عنها بسبب الأعطال التي تتواجد بها من ميكانيكية وكهربائية وأعطال عامة".

وأضاف :"يلجأ مواطنو قطاع غزة إلى استخدام تلك السيارات نظراً للحالة الاقتصادية الصعبة والمتردية ولو وجدوا البديل المقنع لاستغنوا عن تلك السيارات تلقائياً".

وطالب العرقان وزارة النقل والمواصلات بإيجاد بديل مقنع وحل تلك المعضلة التي باتت تشكل مصدر خطر ورعب للمارة وركاب تلك السيارات.

ورفض العرقان التطرق مطلقاً حول الواسطة بترخيص تلك السيارات داخل المراكز هذا ولم يؤكد ولم ينفِ تساؤل مراسل الوكالة هل تنتشر الواسطة بترخيص السيارات الغير صالحة للترخيص في مراكزها.

 إقرار ومعالجة

من جهته، أقرَ الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات خليل الزيان بتلك الحالة التي تشهدها شوارع وطرقات قطاع غزة وانتشار -ما بات يفسر بالظاهرة- وإشكالية السيارات القديمة (الغير صالحة للسير) التي تعمل بالنقل العمومي والأجرة منوهاً أنه يتم ترخيصها عن طريق الواسطة في بعض مراكز الترخيص.

وأوضح الزيان أن وزارته قامت بإغلاق بعض مراكز الترخيص وإيقاع العقوبة عليها نتيجة ترخيصها لسيارات لم تخضع لفحص حقيقي وموضوعي.

وقال :"بالفعل نلاحظ تفشي السيارات المهترئة والغير صالحة للسير ولو لمتر واحد ونحاول جاهدين التقليل من تلك السيارات بطرق عدة عن طريق التوعية والإرشاد".

وأضاف :"إن معظم حوادث الطرقات تقع من تلك السيارات القديمة التي انتهى عمرها الافتراضي وبدأت تغزوها الأعطال الميكانيكية والكهربائية".

وأفاد الزيان :"من أكبر المعيقات التي تواجه وزارة النقل والمواصلات في عدم إتلاف السيارات القديمة والمهنية الصلاحية هو عدم وجود قانون يمنع يحدد عمر السيارات القديمة من التحرك ولا يوجد قانون صريح وواضح لمواجهته".

وقال :"وزارة النقل والمواصلات لا تتهاون إطلاقاً مع مراكز الترخيص التي يثبت في حقها التجاوزات المشبوهة ونتابع بكثب عن طريق الرقابة المكثفة مراكز الترخيص".

وأشار الزيان إلى أن كثرة وجود السيارات القديمة زاد انتشارها في ظل الحصار المطبق على القطاع وأن وزارته لا تقوم بحملات لجمع ومخالفة تلك السيارات وأحيانا تقوم بترخيص السيارات القديمة مراعاة للحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سكان وأهالي القطاع.

واختتم الزيان حديثه :"الوزارة ستشدد الرقابة على مراكز الترخيص وستحاول أن معالجة ظاهرة انتشار السيارات القديمة والغير صالحة للسير بشكل كبير بطرق شتى تناسب جميع الفئات الاقتصادية المالكة لتلك السيارات".

 

ملاحظة / هذا التحقيق جمعت بعض معلوماته قبل العدوان على قطاع غزة بتاريخ   14/11/2012 ولم يكن حينها مناسب عرضه نظراً للأوضاع الإخبارية المتصاعدة.



سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت
سيارات الموت