خبر الوداع أيها القائد والمعلم والصديق -اسرائيل اليوم

الساعة 10:08 ص|20 ديسمبر 2012

بقلم: الفريق بني غانتس

رئيس هيئة الاركان العامة

        (المضمون: رئيس هيئة الاركان الاسرائيلي يؤبن رئيس هيئة اركان سابقا ويصفه بالحكمة والشجاعة - المصدر).

        سألتك على مسار هبوط مرتجل في أديس أبابا قبل أكثر من عشرين سنة حينما كان التاريخ يحدث أمام أعيننا في عملية "شلومو": "يا أمنون. هل أنت على يقين من ان تحقيق الحلم جيد؟".

        توليت قيادة "عملية شلومو" باعتبارك كنت نائب رئيس الاركان في حين كنتُ اترأس وحدة شلداغ التي قادت مهمة الحراسة الارضية. وفي المهلة اللحظية بين مجموعة مهاجرين وتلك التي تليها تقاسمت معك مخاوفي وآمالي ايضا بازاء العملية المركبة التي أدرناها متساندين.

        منذ ذلك الحين اهتممت بأن أستنفد اللحظات الى جانبك في كل فرصة كانت لي. كنت لي قائدا وكنت لي استاذا وأنا أسمح لنفسي بأن أقول إنني رأيت فيك صديقا ايضا.

        تلقيتني إذ كنت جنديا شابا في لواء المظليين وأقمت سقفا أحمر فوق المكان الذي أصبح بيتا لي الى أن عينتني لأقود اللواء.

        ومرت سنين وها أنا ذا ألقى الاماكن التي كنت تقوم فيها إذ كنت رئيس هيئة الاركان. ان بصمتك موجودة على كل حجر في الطريق التي تعلمت فيها أو سرت فيها أنا نفسي أكثر من ثلاثين سنة خدمة عسكرية. ان القيم التي وجهت الطريق التي قدت فيها الجيش الاسرائيلي وعلى رأسها استقامتك الأساسية تضيء لي كل ركن مظلم من الحيرة والتساؤل وتطمس ولو للحظة على الشعور بالوحدة الذي يميز المسؤولية التي تجيء مع منصب رئيس هيئة الاركان.

        كنت لي في السنتين الاخيرتين دعامة مشورة صلبة؛ وحائطا كحائط المبكى، كنت أستطيع ان أبسط أمامك ما في قلبي سرا عالما أنك تفهم قولي وتشعر بشعوري. وقد عرفت كيف تعرض صورة الوضع كما هي – دون تجميلها لتقديم نصيحة صحيحة ومن وجهة نظر قائد مسلح بسخرية سليمة وسلامة عقل واعية.

        في لقاءاتنا الكثيرة منحتني كامل وجودك. ان شخصيتك، وهي شخصية بطل شجاع، أوحت ببساطة بحكمتك وبسر قوتك النابع كله مما أنت عليه من غير حاجة الى تعلق بأوسمة تكريم أو تفخيم.

        كنت في نظري متزنا على نحو غير عادي وذا قدرة نادرة على التمييز بين الغث والسمين وهي مطلوبة كثيرا في مواقع القيادة التي توليتها. وقد برزت شخصيتك المليئة بالسحر من جميع جوانبك – المهنية والقيادية وبرزت أكثر من كل شيء في الشخص الذي كنته.

        شاهدت مواجهتك النبيلة للمرض وتفهمك لطبيعة الاشياء. "هزمت الاحصاء"، قلتَ. وقد حاربت المرض عشر سنين كاملة منحتنا فيها من حكمتك وصاحبت فيها عائلتك في لحظات صعبة ولحظات فرح وأنت على علم دائما بوضعك وتعرف للزمان فضله وتناضل للحفاظ عليه وتحتفظ بالاحتضان العائلي وتحتضن الاولاد وتالي التي تتعلق نفسها بنفسك والتي سارت معك حتى نفسك الأخير في رحلة حياة من الشراكة المطلقة.

        في لقائنا الأخير هذا الاسبوع قلت لي بنفس حدة العقل التي تميزك كلاما سأحمله معي مثل وصية. وقد خرجت من هذا الحديث ككل حديث من أحاديثنا على مر السنين من غرفتك مختلفا عما دخلُت عليه أرى أبعد وأوضح، وسارعتُ الى كتابة الكلام الذي كان صافيا نابعا من مصدر حكمة نقي ومستقيم وشجاع ومميز.

        تمسكتُ بالزمن الذي منحتني إياه الى جانبك الى ان قلت لي: "يا بني يجب عليك ان تذهب".

        وفهمت معنى الكلمات فقبلت جبينك وصافحتك.

        "أتمنى لك النجاح"، قلتُ وخرجت وبقيتَ أنت معي.