خبر يطلقون النار على السلام- معاريف

الساعة 09:34 ص|18 ديسمبر 2012

 

بقلم: بن – درور يميني

قبل يومين كتب هنا نوعام شيزاف ("يطلقون النار على الرسول") انه طالما كان احتلال، ستكون مقاومة، وسيكون قمع، وستكون جرائم، وتقارير وأخبار محرجة في وسائل الاعلام العالمية. وفي نفس المناسبة، وفي أعقاب الحدث الذي ضرب فيه فلسطينيان من "رويترز" ممن أُعتبرا بالخطأ نشطاء "بتسيلم"، اتهم ايضا الصحفيين بانهم "يحرضون ضد منظمات حقوق الانسان". وفي مكان آخر ذكر اسمين: بن كسبيت وعبدكم المخلص.

في أمر واحد كان شيزاف محقا. كتبت غير قليل عن النشاط المنكر لهيئات تدعي بانها تعنى بحقوق الانسان. كشفت النقاب عن أكاذيب نشرت باسم هذه الهيئات. كتبت عن الاجندة السياسية لنشطاء مركزيين في هذه الهيئات، ممن يرفضون حق وجود دولة اسرائيل بصفتها الدولة القومية للشعب اليهودي. كشفنا مساهمة هيئات من هذا المعسكر في حملة التصوير بالشيطان. وكانت الامور موثقة. ولم أحظَ في أي مرة، واسمحوا لي بان أعترف، بالردود.

أما شيزاف فيسير خطوة الى الامام. فهو يخلق علاقة بين حجج موضوعية، هو غير قادر على ان يتصدى لها، وبين ظواهر عنف جنود جديرة بالتنديد. هكذا بحيث أنه يجدر ملاحظة الدرك الاسفل الجديد الذي هبط اليه شيزاف. وعندما طرحت حججا ضد هذه الهيئات، لم يسبق لي أن كتبت بانه "طالما واصلت هذه الهيئات بث الاكاذيب، سيكون عنف ضد نشطاء هذه الهيئات". اما شيزاف بالمقابل فانه يكتب بانه "طالما يستمر الاحتلال، ستستمر المقاومة". ينبغي فقط الايضاح بان المقاومة هي الاسم السري للارهاب. كان يخيل لي أن الانتقاد على "منظمات الحقوق" هو انتقاد شرعي. كما أن الانتقاد على "الاحتلال" هو شرعي. ولكن شيزاف لا يكتفي بالانتقاد. فهو يوفر المبرر "للمقاومة".

عندما تتكرر الكذبة مليون مرة ومرة، "المقاومة مبررة لانها ضد الاحتلال"، فانها لا تتحول لتصبح حقيقة. هكذا بحيث أنه لا مفر من العودة الى الحقائق. نشطاء "المقاومة" ليسوا نشطاء سلام. وهم لا يرغبون في انهاء الاحتلال. هم معنيون بتصفية اسرائيل. كانت لهم فرص، في الماضي البعيد والقريب، ليقيموا لانفسهم دولة. وهم رفضوا كل عرض. لانهم ليسوا معنيين ابدا بانهاء الاحتلال. السلام والمصالحة هما موضوعان جديران. يجب الكفاح من أجلهما، ولكن شيزاف ورفاقه يفعلون العكس تماما. فهم يشكلون موردين لمعاذير الرفض الفلسطيني. التصوير بالشيطان الذي يشاركون فيه هو عائق امام السلام. والاكاذيب التي ينشرونها في أرجاء العالم هي عائق امام السلام. دعم الكثير منهم "لحق العودة" هو دعم لتخليد النزاع والعنف.

واذا لم يكن واضحا لنا طبيعة ذاك العمى، فان شيزاف يقترح علينا صيغه العجيبة: ضم المناطق ومنح المواطنة للفلسطينيين أو الاخلاء الفوري، مع اتفاق أو بدونه. وسيجد شيزاف شركاء مخلصين لهذه الافكار في اليمين الاسرائيلي. موشيه آرنس، روبي ريفلين، تسيبي حوتوبيلي وغيرهم الكثيرين ممن يقودوننا هم ايضا نحو "دولة واحدة" في ظل منح قرص تهدئة في كل ما يتعلق بالجانب الديمغرافي.

ولكن لندع جانبا هذا الاتجاه الذي يربط بين اليسار المتطرف واليمين المتطرف. فشيزاف يعرض ايضا خيار الاخلاء "مع اتفاق او بدونه". وبالفعل، باراك حاول، كلينتون حاول، اولمرت حاول. وقد نالوا الرفض المطلق. الفلسطينيون لم يريدوا 91 في المائة ولا حتى 95 في المائة. ارادوا حق العودة. بمعنى، هذا ليس الاحتلال. انه اللاجئون. وعندها حاولت اسرائيل ايضا الاخلاء بلا اتفاق. فعلى ماذا حصلنا؟ الصواريخ وحماس. كيف بالضبط سيضمن لنا الشيزافيون بان هذا لن يحصل ايضا بعد اخلاء من جانب واحد ليهودا والسامرة؟ كيف بالضبط سيضع مؤيدو حماس في جنين حرابهم ويحولونها الى مزامير؟

في السبعينيات، في الثمانينيات، في التسعينيات كان معسكر سلام. كنت جزء منه في بعض المراحل. ارائي لم تتغير. المعسكر تغير. فقد تحول، في أغلبيته الساحقة، الى "معسكر حقوق الانسان". هذا المعسكر لا يعنى بدفع التسوية الى الامام. انه يعنى بالدفع الى الامام بالفريات ضد اسرائيل وبتمثيل الرفض الفلسطيني. لقد كان يمكن أن يكون للشيزافيين دورا مركزيا في دفع الاحتمال للتسوية الى الامام. ولكن بدلا من الصراع ضد رافضي السلام، يكافحون ضد اسرائيل. اذا اردنا أن نعرف لماذا سيفوز اليمين في الانتخابات، لا حاجة للاجتهاد. ينبغي النظر الى اليسار. لا توجد حاجة لاكثر من ذلك.