خبر العار الذي أصبح ملازماً- يديعوت

الساعة 09:30 ص|18 ديسمبر 2012

      

 

بقلم: ناحوم برنياع

قبل اربع سنوات أجرى نتنياهو تفاوضا مع ليبرمان في ضم حزب اسرائيل بيتنا الى الحكومة. وطلب ليبرمان ان يُعين لجميع المناصب المتعلقة بتنفيذ القانون أشخاص يقبلهم وكان ذلك مطلبا غير عادي. فمنذ نشأت الدولة لم يطلب شريك ائتلافي طلبا من هذا النوع. وكان السبب غير عادي ايضا: فليبرمان لم يعرضه بمساعدة ناخبيه أو الوسط الذي جاءوا منه بل كان في الخلفية ملف التحقيق معه ثقيلا ومهددا.

واستسلم نتنياهو فتم تعيين يعقوب نئمان وزيرا للعدل على حساب نصاب الوزراء من اسرائيل بيتنا من قبل ليبرمان وانتدابه؛ وعُين اسحق اهارونوفيتش من كتلة ليبرمان الحزبية وزيرا للامن الداخلي؛ وعُين دافيد روتم وهو من رجال كتلته ايضا رئيسا للجنة الدستور والقانون والقضاء التابعة للكنيست؛ وعلم كل قاضٍ طمح الى التقدم الى اللوائية أو العليا ان الباحثين عن خير ليبرمان يسيطرون على لجنة تعيين القضاة؛ وحينما خلا منصب المستشار القانوني للحكومة أوكل الى طالبي الخير له تعيين المرشحين، فقد علموا ان هذا هو التعيين المقرر من بين جميع التعيينات.

ووجدوا مرشحا مناسبا. فقد كان يهودا فينشتاين واحدا من أبرز المحامين الخاصين في اسرائيل. وبعد ان جمع ماله بالدفاع عن متهمين كثيري الاموال وعظيمي القوة كان من الطبيعي فقط ان طلب الاسهام  من وقته للدولة. وقد جلب الى المنصب تجربة قانونية غنية وعقلا مستقيما ومزاجا معتدلا ومشايعة اعلامية ووقوفا طويلا الى جانب ساسة تورطوا. واستطاع منتدبو ليبرمان ان يفرضوا ان التأليف بين هذه الصفات يضمن لهم مظلة في يوم عاصف.

مرت ثلاث سنوات منذ تولى فينشتاين منصبه. وقد عمل في هذه المدة عملا صعبا لكنه لم يترك أثرا. أما القرار الحاسم الذي سيتم تذكره بسببه فانه ينتظره قريبا منه، أو قد أصبح في الحقيقة في داخله وهو ان قضية ليبرمان كلها له. فمزوز سيتم تذكره بسبب قصاب؛ ولدور بسبب اولمرت؛ وسيتم تذكر فينشتاين بسبب ليبرمان – بسبب التحقيق الذي تلاشى؛ وبسبب استقرار الرأي على عدم تقديم لائحة اتهام بالجناية الثقيلة؛ وبسبب استقرار الرأي على تقديم لائحة اتهام بقضية السفير.

ما يزال القرار الحاسم الذي سينهي القضية أمامه. فليبرمان الذي يتحدث الآن في الأساس على ألسنة محاميه، يضغط من اجل صفقة خاطفة تُمكّنه من العودة الى قيادة الحكومة العليا بعد الانتخابات فورا طاهرا كطفل عمره يوم واحد. لا يُحتاج الى شركة وهمية ولا يُحتاج الى مدققة حسابات في قبرص ولا يُحتاج الى متعاون في السفارة في مولدافيا. ان الاختراع بسيط مثلما هو مستكبر ووقح وهو ان تتخلى النيابة العامة عن عقوبة السجن وان يعترف ليبرمان بلا شيء وان يتناول العار الذي سيصيبه الكنيست الذاهبة ولهذا ينتهي قبل ان يبدأ. ما كان أحد يستطيع ان يوجد بدعة كهذه حتى من اجل ابنه الصغير.

أُخمن ان فينشتاين يُقر بالفضل للناس الذين عينوه. والاقرار بالفضل صفة مباركة؛ وأُخمن ايضا انه يتفهم وضع محامي ليبرمان الحرج، فلو أنه كان المحامي في هذه القضية لبحث تحت الارض عن حيلة تُخرج موكله من غير ضرر.

لكن المطروح الآن ليس عار ليبرمان فقط. ان للعار صفة تثير الاهتمام فهو حينما يسقط قبل الأوان عن ظهر انسان يلتصق فورا بظهر آخر. وقد طُرح للنقاش صيت فينشتاين وسلطته واستقلاله والأثر الذي سيُخلفه، وليست هذه امورا يُستهان بها.

ليس هناك ما يدعوه الى الاسراع. اذا كان ليبرمان هو الانسان السوي العادي فيجب ان يُبحث شأنه كما يُبحث شأن الانسان السوي العادي: أي في بطء وعلى نحو أساسي. في دولة ينتظر فيها ناس كانوا ضحايا جنايات سبع سنوات أو ثماني حتى يُبت الحكم، يستطيع سياسي تورط ان ينتظر بضعة اشهر. وعمل المحامين عن الجُناة ان يبحثوا عن ثقوب في القانون، أما عمل المستشار القانوني للحكومة فهو ان يُريهم الباب.

يتذكر فينشتاين جيدا الافعال التي استقر رأيه بسببها على تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان. وهو يتذكر الصورة وكيف تلقى وزير خارجية دولة اسرائيل وثيقة عن تحقيق معه وقرأها ثم طرحها كأدنى مخالفي القانون في حوض المرحاض؛ ويتذكر كيف امتنع ليبرمان عن تقديم تقرير عن الجناية كما يطلب القانون من المواطن فضلا عن عضو كنيست؛ ويتذكر كيف نمت بعد ذلك الحياة المهنية للسفير الذي سلّم الوثيقة. فهل يمكن اعفاء شخص كهذا من العار؟.

من المؤكد انه تنبه الى ما حدث لداني أيلون الذي عُزل عن عمل نائب وزير الخارجية لكنه أُعيد الى عمله في اللحظة التي تبين فيها أنه قد يُطلب اليه الشهادة في هذه القضية. ان اجتماع هذه الوقائع الذي يثير الاهتمام يُذكر باجتماع الوقائع الذي جعل الشاهدة في قبرص وشاهدا آخر يصابان بمرض عضال. مع هذا القدر الكبير من الحظ في الحياة، فان حياة ليبرمان السياسية هدر في الحقيقة لأنه يجدر ان يقامر بدل ان يقامر بمصيرنا جميعا.