لأنها الإرادة ..

بالصور بغزة .. « معاق حركياً » تتجاوز سرعته (60 ميل) بالساعة !!

الساعة 08:59 ص|18 ديسمبر 2012

غزة (خاص)

لأنها الإرادة التي تصنع المعجزات وتحطم القيود وتسحق المعيقات والإعاقات، ولأن الحياة لا تتوقف عند اطراف بترت أو ابصار فقدت أو اركان شلت، ولأنه يمتلك العزيمة والإصرار الذي يمل الفؤاد والوجدان، انطلق لينافس ويقارع الحياة.

الجريح المقعد "أسامة ابو عسكر (40 عاماً) والذي بترت قدميه "من منطقة الحوض" اثر استهدفه من قبل طائرات الاحتلال الحربية، لم يتوقف ويركن للشكوى والتباكي والانزواء، بل نزع عنه رداء الخور وقلة الهمة وإنعدامية الاستطاعة "فكر الانهدامية الذاتية"، ليلبس سيف الإرادة والعزيمة والإصرار والعزة ليطور دراجة نارية تلائم إعاقته.

 

جولة ع "الموتوسيكل" مع فاقد قدميه !!

ربما يخشى البعض ركوب الدراجات النارية مع الأصحاء جسدياً فما الحال عند الركوب مع شخص مبتور القدمين "من منطقة الحوض".

اسامة صاحب الجود والكرم ابى الا ان يوصل مراسل الوكالة على دراجته الى اقرب مفترق للطرق، وليطلعنا عن كثب على إمكانية دراجته على مواجهة الطريق وتمكنه من ذلك.

بعد ركوب دراجة اسامة النارية فوراً يتبدد الخوف ليحل مكانه الاطمئنان نظراً لقوة التحكم التي يتمتع بها في إدارته للدراجة رغم الإعاقة.

يقول "اسامة" ودرجته تطوي الارض –كناية عن السرعة- بابتسامة :"احياناً تتجاوز سرعتي 60 ميل بالساعة وأذهب بدراجتي الى اينما احببت جنوباً وشمالاً".

وتأتي فكرة الدراجة التي أصطنعها اسامة لنفسه للتغلب على الصعوبات التي يواجهها جراء إعاقته.

ويضيف :"من طبيعتي احب الحركة والذهاب والإياب ومشاركة الناس افراحهم واتراحهم وتلبية اموري الشخصية والبيتية بنفسي".

واردف حديثه قائلاً :"بعد إصابتي وبتر قدميً بدأت أفكر جدياً للتخلص منها عن طريق ابتكار عمل يحفظ لي استقلاليتي بالحركة، فوجدت هذه الفكرة، والحاجة أمُ الاختراع والإعاقة امُ الاختراع".

وتقوم فكرة الدراجة النارية على وجود بعض "الحواجز الحديدية" للإحالة دون وقوعه وتثبيته على كرسي القيادة، بينما يوجد بمؤخرة "الدراجة النارية" حاملة الهدف منها حمل الكرسي اليدوي للمعاقين حركياً حتي يتم استخدامه في المناطق الضيقة وعند الاستغناء عن الدراجة النارية.  

بينما وضع "اسامة" كافة غيارات السرعة و"البريكات" الوقوف اليدوي قريباً من يديه.

ويقول "اسامة" صنعت هذه الدراجة بناء على هندستي لها لتوافق إعاقتي، ونفذها احد الحدادين.


عزةُ نفس ..

وعند البدء باللقاء الصحفي ما كان لمراسل الوكالة ان يبتدأ حديثه الا بعد الإجابة على سؤال "اسامة" الذي يعتبر بالنسبة له مصيري، فتساءل قائلاً :"اريد أن أعرف ما هي بغية اللقاء الصحفي، وكيف سيظهرني اللقاء، على أنني مجاهد فقد نصف جسده فأقعد، لكنه يمتك إرادة ودافعية للحياة وصنعت ما يمكنني صنيعه لأواجه صعوبات الحياة أم كحالة انسانية يتباكى عليها المجتمع فينفقوا عليً ما جادته ايديهم".

واردف تساؤله قائلاً :"انا والحمد لله بخير من الناحية المادية، ولا اريد ان أظهر كشخص يعشق الحياة وملذاتها ويتاجر بما اقرضه لله، ولا ارجو من هذا اللقاء الا ان اظهر للعالم ولا سيما للأصحاء أن الإرادة تصنع المستحيل وتحقق المعجزات".

 

زوجتي الصابرة ..

وعن كيفية مسايرة حياته الاجتماعية واموره البيتية يقول "أسامة" :"بحمد الله انا ملتزم اجتماعيا مع جيراني واقربائي واهالي الحي، اما عن اموري بيتي فرزقني الله بزوجة صابرة محتسبة تقوم على إعانتي داخل البيت".

وذكر "اسامة" انه ولشدة التزامه اجتماعياً بمنطقته وبالمسجد القريب من بيته – مسجد ابو بكر الصديق-  تم تكليفه بإدارة اللجنة الاجتماعية بالمنطقة والمسجد.

ويشير "أسامة" "ضاحكاً" ان معدل خروجه من المنزل بعد امتلاكه الدراجة النارية زاد الضعف، وهو ما يشعره باعتماده على نفسه رغم الإعاقة وخطورتها.


"اربط الجرح.. وقاوم"!!

يقول "أسامة" كنت أنا والشهيد محمد معروف احد المرابطين في سبيل الله على ثغور الوطن في نقاط متقدمة فباغتتنا طائرات الاحتلال الحربية بعدد من صواريخ.

"كان الشهيد محمد معروف قبل لحظات وكانه يوصيني بعدم الجزع، ينشد انشودة "اربط الجرح وقاوم وامسح الدمع الحزين" وينظر الى عيني مباشرة ليستشهد هو على الفور وانا افقد قدميً" يقول أسامة.

ويستذكر "أسامة" أنه وعند خروجه من غرفة العمليات سأل الدكتور المشرف على حالته ونوعية اصابته فقال له :"احتسب واصبر ولا تجزع يا أسامة لقد بترت قدميك"، يقول اسامة "حينها قلت الحمد لله".   

ويضيف "مبتسماً" :"كمجاهد دائماً كنت اتوقع  في كل لحظة ما اصابني والحمد لله على ما قدر، وشعاري هو قوله تعالى (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )".

وبناهية حديثه ناشد اسامة كافة الجرحى والمصابين والمكلومين بضرورة الاطمئنان لقدر الله وان لا يجزعوا مذكراً إياهم بقول الرسول :"ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم وريحه مسك ".

تركنا "اسامة" يزمجر بدراجته صوب الشمال، محتسباً قدميه بالجنة، ولسان حاله يقول "لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى، فما انقادت الآمال إلا لصابر".


معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة
معاق وإرادة