خبر « معركة الكرامة ».. والدور الإعلامي المطلوب..توفيق السيد سليم

الساعة 07:09 م|17 ديسمبر 2012

عام مضى على اندلاع "معركة الكرامة" التي فجّرها وأسس لأركانها الشيخ المجاهد خضر عدنان.. ذلك الشيخ المتلفّح بخيار الوعي والإيمان والثورة.. المسكون بصرخات المستضعفين والمعذبين والمحرومين في مشارق الأرض ومغاربها.. الممتلئ إيماناً بحتمية انتصار الكف على المخرز، وانتصار الدم على السيف... وهو يقف شامخا شموخ جبال نابلس والخليل والجرمق في وجه السجان الإسرائيلي المدجّج بنار الحقد والكراهية.. ليؤكد من جديد صوابية الخيار الذي آمن به ومن خلفه كل الأحرار الذين ساروا على دربه ليسجلوا الانتصار تلو الانتصار...

 

 عام مضى ولا زالت المعركة مستمرة.. ليسطّر الأبطال القابعين خلف الزنازين، أروع آيات الصمود والتحدي في وجه جبروت السجانين وأركان كيانهم الزائل بإذن الله.. عام مضى ولا زالت الذاكرة حية وهي تستحضر  رجالا ونساءً كتب التاريخ أسماءهم بحروف من ذهب.. ثائر حلاحلة، بلال ذياب، جعفر عز الدين، طارق قعدان، حسن الصفدي، سامر البرق، هناء الشلبي، يوسف شعبان، سامر العيساوي، أيمن الشراونة.. والقافلة تطول... منهم من انتزع حريته ومنهم من ينتظر دون أن تلين له قناة أو تنكسر له إرادة...

 

ورغم الإنجازات التي حققها الكثير من الأسرى في تلك المعركة الأسطورية والمتواصلة، إلا أن حلقة مفرغة لا زالت بحاجة إلى من يملؤها ألا وهي حلقة الإعلام، فلا زال الإعلام العربي تحديدا -وهو الذي نعوّل عليه في هذه المرحلة- يعاني من الضعف والترهل في إسناد الأسرى عبر تفعيل قضيتهم وتسليط الضوء على معاناتهم ومظلوميتهم باعتبارها القضية الأكثر مظلومية على وجه الأرض، وذلك بخلاف الإعلام المحلي الذي استطاع في مراحل معينة تحقيق بعض الإنجازات لصالح قضية الأسرى، ولكنه لا زال أيضا بحاجة إلى مزيد من التفعيل والالتحام أكثر مع هذه القضية، ما يحتم على المعنيين ومن هم في موقع المسؤولية الإعلامية والوطنية والأخلاقية اجتراح سياسة إعلامية واستراتيجية موحّدة تكون قادرة على التعاطي أكثر مع هذه القضية الإنسانية والعادلة لتحقيق مزيد من الاختراق في جدار الصمت والعجز الذي يلف المرحلة، ما يساهم في انتزاع حقوقهم المشروعة والتي كفلها لهم القانون الدولي والإنساني...

 

فلا أحد في هذا العصر يختلف حول أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام في إدارة أي من المعارك، خاصة إذا ما علمنا أن الكثير من المعارك والحروب تُحسم إعلامياً قبل الحسم العسكري في أرض المعركة، لذا يجب أن نوطن أنفسنا ووسائلنا الإعلامية على التسلّح بكل ما من شأنه الإسهام في حسم معركة أسرانا البواسل في كافة المنابر الإعلامية لا سيما الدولية منها عبر التركيز على الجوانب الإنسانية الصعبة التي تعصف بهم خاصة أولئك الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية في وجه السجان منذ ما يقارب من النصف عام.

 

ولهذا نرى أنه من الضرورة بمكان أن يقف الإعلام الفلسطيني والعربي والإسلامي بجانب السياسي والمقاوم والأسير وكافة مكونات المجتمع الفلسطيني الذي يناضل من أجل نيل حقوقه وانتزاع كرامته من بين براثن الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، فلا يمكن لنا أن نؤمن بجدوى أي من وسائل الإعلام ما لم تكن وجهتها وبوصلتها منسجةً تمام الانسجام مع القضية الفلسطينية التي باتت اليوم قضيةً مركزيةً للأمة، تماما كما نادى بذلك منذ نحو ثلاثة عقود المفكر الشهيد د.فتحي الشقاقي، ولهذا نرى أن أي انشغال عن فلسطين "قلب الأمة النازف" هو حرف للبوصلة.. وتشتيت لجهد الأمة وإهدار لمكوناتها وعناصر قوتها...

 

ففلسطين بأرضها وقدسها ولاجئيها وأسراها بحاجة إلى تضافر كل الجهود المبعثرة.. وإلا سيبقى هذا "الربيع العربي" مقفراً كصحراء جرداء ما لم تتفتح أزهاره في بيت المقدس ليتنسم عبقها اللاجئون والأسرى وكل المحرومين... وعندها يفرح المؤمنون بنصر الله...