خبر ضرار أبو السيسي: المناوب الأخير في أقسام العزل المفتوح

الساعة 07:51 ص|16 ديسمبر 2012

غزة

بقلم: أسير في العزل الانفرادي

ولد الأخ ضرار من أسرة فلسطينية تقيم في ريدروف عام 1970 ، وأكمل تحصيله المدرسي في مدارسها ، وعندما كان طالباً في جامعة اليرموك-إربد ، تم فصله منها على خليفة نشاطه الطلابي ، اضطر بعدها للدارسة في الاتحاد السوفياتي(سابقاً) . وكان مبرزاً ومتميزاً في مجال تخصصه ، حيث أنهى متطلبات شهادة الدكتوراة بتفوق في مجال هندسة الكهربا المائية ، وتم اعتماد مشروع تخرجه كبراءة اختراع استفادت منه أوكرانيا التي نال من إحدى جامعاتها شهادة الدكتوراة . وهو يعتبر في مجال تخصصه كواحد من أربع أو خمس متخصصين عرب مرموقين في هذا الحقل.

كان الأخ ضرار ناشطاً في العمل الدعوي والطلابي أثناء فترة وجوده في الاتحاد السوفياتي ، وقد أسلم على  يديه العديد من أبناء المجتمع الروسي والأوكران ، وقد تزوج الأخ ضرار من إحدى الأخوات الروسيات اللواتي اعتنقن الإسلام ( وهي تنحدر من أسرة رومانوف) وأنجب خمسة أبناء

عند عودته للأردن بعد انتهائه من مشواره الأكاديمي ، عمل لبعض الوقت في إحدى الجامعات الأردنية لكنه فصل مرة ثانية على خلفية نشاطه ، ثم التحق بالعمل في برنامج للأمم المتحدة لتشغيل محطة كهرباء غزة في أواخر التسعينات ، حيث استقر منذ ذلك التاريخ في قطاع غزة .

تميز الأخ ضرار في عمله في تشغيل محطة كهرباء غزة ، خاصةً بعد دخول القطاع في مستويات مختلفة من الحصار التي تكثفت وتائرها بعد فوز حماس في انتخابات 2006 ، وقد تمكن الأخ ضرار بفضل خبرته وفطنته وقدرته على ايجاد الحلول من تشغيل محطة كهرباء غزة بأنواع وقود لم تكن تخطر بالبال .

وكان جزء من التحقيق معه يدور حول دوره في إبقائه على محطة كهرباء غزة تعمل بكفاءة.

بينما كان في طريقه الى أوكرانيا في بداية 2011 من أجل الحصول على الجنسية الأوكرانية . قامت المخابرات الأردنية بإخضاعه إلى تحقيق عنيف في مطار عمان التي كانت محطة انتقال من قطاع غزة إلى أوكرانيا ، وكان من المفترض أن يلتقي فيها ذويه ، ويبدو أنه كان للأردنيين معلومات واضحة تتعلق بنشاط الأخ ضرار في قطاع غزة ، ونتيجة الضغط والتهديد بالإعتداء عليه جسدياً (إدخال قنينة في الشرج) قدم لهم بعض المعلومات ، ثم أكمل رحلته إلى أوكرانيا .

وعندما وصل إلى أوكرانيا ، اتضح أن الأخ ضرار كان مراقباً جيداً من إحدى وحدات الموساد ، حيث تمت مهاجمته من هذه الوحدة إلى إحدى محطات السكة الحديدية ، وعندما بوغت بمن يهاجمه ويسيطر عليه بمادة مخدرة ، حيث غاب عن الوعي ، وفوجيء بعد فترة عندما استيقظ أنه موجود في تحقيق سجن عسقلان [ واعتبرت هذه المحادثة كواحدة من عمليات الموساد الشهيرة في العقود الأخيرة ، وكانت دولة الاحتلال قد تكتمت على  مصير الأخ ضرار لأيام عديدة حتى أعلنت بعد أسبوعين من اعتقاله ، واعتبر اعتقاله ضمن جهود دولة العدو في الوصول إلى الجندي الأسير جلعاد شاليط ، بالإضافة لما ينسبه العدو للأخ ضرار من دور في تطوير سلاح صواريخ القسام ]

تعرض الأخ ضرار لأنواع مختلفة من التعذيب ، أصيب وهو في التحقيق ببعض العوارض الصحية ، تم إعطاؤه حبة دواء سببت له بإختلالات عديدة في وظائف الجسم ، وكان من أهمها الإصابة بالاسهال الشديد .. بعد ذلك أخذت تنتابه أوجاع وأمراض في مختلف أحشائه (الكلى-القلب-الرئتين) ثم أخذت عوارض أخرى أصابت إحدى عينيه وأوجاع في الظهر والرأس .. وقد قاموا بعمل مجموعة تحاليل وفحوص أجريت له ، تركزت في فترة الشتاء الماضي على الدم ..

من الملاحظ أن الأخ ضرار كان يزن 95 كغم عند اعتقاله . أما اليوم فهو يزن بين (60-65)كغم فقط ، وكان من الملاحظ أنه ينحل بشكل منتظم .

بعد الانتهاء من التحقيق مع الأخ ضرار أودع في أقسام العزل ، وهو بهذا يعتبر من ضمن مجموعة من الأخوة الذين تم نقلهم إلى أقسام العزل مباشرة بعد التحقيق معهم من أمثال الأخوة (مازنملصة-عبد الله الرغوثي-ابراهيم حامد) وبهذا فإن معاناة الأخ ضرار كانت مضاعفة لعدة أسباب :

1-     إنه يعتقل لأول مكرة ، ويوضع مباشرة في أقسام العزل وبصورة انفرداية (دون شريك في الزنزانة) ونعلم مدى وطأة ذلك اذا ما علمنا أن ضرار ينحدر من أسرة ميسورة ، ويتمتع بمستوى معيشي مرتفع .

2-     للأخ ضرار نفسية شفافة ، وربما هو ينتمي إلى ذلك النوع من الناس الذين يكون لانفعالاتهم النفسية دور ينعكس سلباً على صحتهم العضوية ، ويعتقد الأخ ضرار أنه كان أسييء له أثناء عمله في القطاع من أحدهم ، ومع جهلنا لطبيعة تلك الحادثة غير أنها طالما كانت تثير مواجعه .

3-     ومما كان يحزنه أيضاً قلة اعتناء الأخوة به وبأسرته بعد اعتقاله ، خاصة أنه كان من المتوقع أن يتم الافراج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" ، فضلاً عن أن اعتقاله ارتبط بقصة "شاليط" }حتى أن عائلة شاليط كانت تتصل أحياناً على  أسرته ضمن حملتها ، وكانت تقول لها أن ضرار سيخرج في حال تم الافراج عن شاليط{ فقد كان من المتوقع أن تسعى الحركة إلى تخليصه كأحد الطاقات والخبرات والكوادر التي ينبغي استعادتها والاستفادة منها في مشروعها ، ولعله كان يشعر بمرارة شديدة عندما علم أن اسمه لم يكن مدرجاً في أي لحظة للتفاوض ، بالإضافة إلى التقصير في التواصل مع أسرته .

4-     لقد انتعش إلى حد كبير عندما جاورته أنا وأخوين آخرين في بداية هذا العام 2012 لمدة شهرين ونصف تقريباً [فقد كان مسكوناً  نزلنا عنده في عزل عسقلان ، بفكرة الموت ، وأنه سوف يغادر هذه الدنيا مع نهاية هذا العام ، وحاولنا طرد هذه الأفكار والهواجس لديه ، وبالفعل كانت حالته النفسية تتحسن] ولكن سأتوقع عندما أننا عندما غادرناه بعد نجاح الاضراب المفتوح عن الطاعم في الربيع الماضي بإصابته بنكسة على هذا الصعيد ، وخاصة أنه تبقى الوحيد من بيننا [المعزولون بأمر من الشاباك] بين مجموعة نزلاء جنائيين " يهود وعرب " .

إن معاناة الأخ ضرار ستكون مضاعفة عندما نعلم وليس فقط وقع تركه في العزل بعد خروج بقية إخوانه المعزولين ، بل طريقة معاملة السجانين له ، وهم ينحدرون جميعهم من منطقة عسقلان والجنوب التي تقع عليهم بالعادة الصواريخ الخارجة من غزة ، تلك الصورايخ التي يتهم بتطويرها ، ولنا هنا أن نتخيل طبيعة المعاملة اليومية له من قبل أولئك السجانين النعصريين ، فقد قرأنا في الشهور الماضية العديد من التقارير الإخبارية عن ظروف عزله التي ازدادت سوءاً ، ومن المفيد هنا التذكير بأن عزل عسقلان الذي يقيم فيه الأخ ضرار منذ خروجه من التحقيق هو من أسوأ المعازل على الاطلاق خاصة في ضيق مساحة الحجرة ، حيث يسعر ساكنيه طيلة الوقت بأنه مكتّف ، فلا تتعدى المساحة الحرة فيها سوى مساحة بلاطة ونصف عرضاً والمترين ونصف طولاً.

قصة ضرار مع الاضراب عن الطعام في 17/4 _ 14/5/2012 ونتائجه

كان يتواجد في عزل عسقلان وقت الدخول في الاضراب عن الطعام أربعة معزولين مصنفين كمعزولين بقرار من الشاباك هم : ضرار أبوسيسي ، باجس نخلة ، رائد أبو ظاهر ، وابراهيم حامد ... وبسبب الحالة الصحية الخطيرة لضرار [ كان يتناول 8 حبات دواء في اليوم لأمراض يجهل معظمها ] ورغم أنه كان     للإفراط في الاضراب غير أننا نجحنا في اقناعه بعدم الاضراب ، أما الثلاثة الآخرون فقد أضربوا طيلة الـ 28 يوماً التي استمر فيها الاضراب في يوم 14/5/2012 تم استدعاء الثلاثة المضربين سوية للالتقاء بممثل قيادة لجنة الاضراب الأخ جمال الهور ( الذي كان متواجداً يومها ضمن بقية لجنة قيادة الاضراب في عسقلان لمناقشة مسودة الإتفاق الذي بمقتضاه سينتهي الاضراب )

قام الأخ جمال الهور بإبلاغ الاخوة الثلاثة حيثيات المداولات الجارية ، وكان أكد لهم تحقيق المطلبين الرئيسين وهما خروج المعزولين بقرار من الشاباك جميعم من العزل بالإضافة إلى إعادة زيارات أسرى غزة . وعندما سئل الأخ جمال عن مسألة إنهاء عزل المعزولين أكد أن الأخ ضرار أبو سيسي هو ضمن المشمولين بالخروج من العزل وأن اسمه ضمن القائمة بأسماء المعزولين التي قدمت أثناء المداولات .

في يوم 16/5/2012 ليلاً تم إبلاغ الأخوين باجس نخلة ورائد أبو ظاهر بتحضير أعراضهما من أجل نقلهما إلى سجون أخرى ، وعندما سأل ابراهيم حامد وضرار الإدارة ماذا بشأنهما كانت الإجابة في الليل لم تأت تعليمات بخصوصهما ، وفي الصباح 17/5 تم السؤال ثانية ، فكان الجواب أنه ربما يتم تأخير ابراهيم وضرار حتى يوم الأحد 20/5/2012 ، عندما قام ابراهيم حامد بإخبار ضابط العدد المناوب بأنه مع ضرار سوف يعودان للإضراب مساء نفس اليوم ( حيث تنتهي مدة الـ 72 ساعة التي منحها إتفاق 14/5 حتى يتم تنفيذ الإتفاق بإخراج كافة المعزولين )

} كان سبب اتخاذ هذا الموقف لشعور ابراهيم وضرار بأن هناك لعبة سيئة يعد لها ، فقد سبقت في الليلة الماضية أنهم سمعوا في برنامج إذاعي عن الأسرى مع زوجة الأخ عبد الله البرغوثي بأنهم أبلغوا زوجها عبد الله مو قفاً مشابهاً بأنهم سوف يؤجلون نقله من عزل الرملة إلى أحد السجون الأخرى حتى يوم الأحد 20/5 ، عندما تم إبلاغ مسؤول أمن سجن عسقلان بموقف ابراهيم وضرار حضر ومعه ملفيهما وأكد لهما بأنه مشمولان بقرار خروجهما من العزل بناءً على اتفاق 14/5 وأراهم الوثيقة الأخيرة التي أضيفت لملف كل منهما والتي يكون نصها } أنه يتعبر السجين ضرار – وابرايهم خارج أقسام العزل بناءً على الاتفاق { وحاول جاهداً تطمينهما وتحجج بأنه لأسباب فنية لا يمكن نقلهما يوم الخميس 17/5 ، وكانت الحجة أنه من المقرر نقلهما إلى أقسام سجن عسقلان ، وبما أنه لا يوجد أقسام أو غرف لحماس فيتعذر نقلهما إليه ، مع أنه أضاف أنه وجودهما في أقسام عسقلان سيكون مؤقتاً ، حتى يتم مكان إقامتهما عندها طلبا منه وضعهما في غرف الأسرى المتواجدين في عسقلان ، فأجاب إن الأمر يتعذر وألمح إلى أن أسرى فتح يرفضون استقبالهما ، عندها قالا له ضعنا في أي غرفة فارغة من غرف السجن وما أكثرها ، حتى نتأكد بأننا خرجنا من العزل ، فرفض أيضاً ذلك ، عندها تم إبلاغه بشكل قاطع بأنهما لن يتحملا أي دقيقة تأخير بعد السادسة مساءً الخميس 17/5 ، حتى تنتهي المهلة الممنوحة في الاتفاق ، عندها قال ضابط الاستخبارات " أنا لن أتحمل مسؤولية بلورة من كان مضرباً إلى الاضراب تانيةً ، وسأنقل الأمر إلى المسؤول عني ليبث فيه .

حيث كان ذلك في ساعات صباح يوم الخميس 17/5 وقبل مغادرة الأخوين باجس نخلة ورائد أبو ظاهر حيث كانا شاهدين على الجزء الأكبر من هذه المدوالة ، وفي وقت الظهر تم نقل الأخوين باجس ورائد إلى سجون أخرى .

وفي حدود الساعة 1 ظهراً تم إبلاغ ابراهيم حامد أنه منقول إلى هداريم وطلب منه تحضير نفسه أغراضه وعندما تم السؤال ماذا عن ضرار كانت الإجابة " ربما يتم نقله يوم الأحد " وبالفعل خرج ابراهيم من سجن عسقلان الساعة الثانية ظهراً يوم 17/5 ، وبقي ضرار وحيداً في غزل عسقلان ، بإعتقادنا ربما ساورت إدارة السجون فكرة استبقاء بعض المعزولين في العزل فقد كانت هذه إحدى الأطروحات في السنوات الماضية أنه ربما يستبقوا ثلاثة أسماء كان منها ابراهيم حامد وعبدالله البرغوثي وحسن سلامة ، وربما استبدلوا حسن بضرار في السنة الأخيرة .

إن بقاء الأخر ضرار أبو سيسي والأخ عوض الصعيدي هو ذو قصة أخرى مهمة بقي غصة في قلوبنا وبقي أكبر علامة خرق اتفاق 14/5 خاصة وأن مسئول السجون ( للسجناء الأمنيين ) المدعو بيطون قال لنا بالحرف الواحد : كان من المفروض أن يكون ضرار أبو سيسي مثل بقية المعزولين الخارجين من العزل ، وأن الشاباص يعتبره كذلك ، لكنه قال أن الشاباك يصر على استبقائه في العزل بحجة " واهية " أن السبب سرية مداولات محاكمته ، لا ينبغي أن يكون بين الأسرى العاديين ، ويظهر تهافت هذه الحجة اذا ما علمنا أن هناك العديد من الأسرى الذين كانت تصدر هيئة المحكمة قرار بمنع مداولات المحكمة ، مع ذلك كان يعيشون بين الأسرى العاديين ، فليس لهذا علاقة بمكان وجود المتهم ، نعتقد أن الابقاء على الأخ ضرار أبو سيسي والاحتفاظ به بالعزل ، بالإضافة إلى محاولة النيل منه بما ينسبونه إليه وبما كان يمثل الطرف الأضعف الذي كان من خلاله أرادت إدارة السجون والمؤسسة الأمنية للعدو أن لا يكون اتفاقهم مع  الأسرى ناجزاً كعادة العدو ، وفي حرصه دائماً على عدم إعطاؤنا كل شيء في الاتفاق ، والابقاء على بقية شييء للمساومة عليه .

بالنسبة لنا يعتبر هم إخراج الأخ ضرار أبو سيسي والأخ عوض الصعيدي كأحد أهم المطالب التي يتم تدوال القيام بخطوة نضالية من أجل تخليصهما من العزل من شهور ، وموضوعهما مطروح على طاولة النقاش الوطني الدائم ، مع أننا كنا نفترض أن تكون الجهود والمساعي التي صاحبت إضرابنا من خارج السجون قد أنجزت مسألة استكمال إستحقاق إتفاق 14/5 الذي وقعت مسودته الأولى في القاهرة ، ولكن مع الأسف يبدو أن المتابعة غائبة تماماً رغم تذكيرنا مراراً وتكراراً بها طيلة الشهور الماضية ، هناك مرارة وغصة تمتزج مع كل ضرخة تخرج من أخينا ضرار الذي تعتبر معاناته ، وكان الأمر سيكون أهون لو أنهم احتفظوا أو استبقوا أي معزول آخر سواه ، لأنه لن يكون قليل الحيلة صحياً وتجربةً كما هو عليه الحال الأخ ضرار .

نأمل أن يكون هناك جهداً حقيقياً لتخليص الأخ ضرار من العزل ، سواء كان ذلك منا كأسرى أو من الإخوة في الخارج ، ولن نسامح أنفسنا اذا ما حصل مكروه له لا سمح الله .