خبر تراث هرب الجيش الإسرائيلي -هآرتس

الساعة 10:00 ص|13 ديسمبر 2012

تراث هرب الجيش الإسرائيلي -هآرتس

بقلم: يسرائيل هرئيل

        (المضمون: روح الضعف والاستسلام التي يبثها قادة الجيش الاسرائيلي الكبار في نفوس المقاتلين الصغار هي التي ستشجع الفلسطينيين على انتفاضة ثالثة - المصدر).

        الهرب من رُماة حجارة كابوس يهودي؛ فهو صدمة شعورية مُذلة مضطهدة للعيش في الجلاء. يظهر في مؤلفات المبشرين بالصهيونية عنصر الهرب الذي يمس بكرامة الانسان الأساسية حاثاً على النهوض والعودة الى ارض الآباء وانشاء دولة لا يضطر فيها اليهود بعدُ الى الهرب من الأوغاد الذين يرمونهم بالحجارة. وكل من امتنع عن ذلك تحمل تبعته.

        يوجد لليهود دولة الآن. وجنودها (الظاهرة التي بدأت قبل 25 سنة في أحداث الانتفاضة الاولى)، المسلحون من أخماص أقدامهم الى أعالي هاماتهم ما يزالون يهربون. وفي وسائل الاعلام العربية التي تبث بلا انقطاع المقاطع المُذلة لا يكفون عن تحقير "اليهود الذين هربوا كالكلاب". ان اصابة رُماة الحجارة ستُسبب تصعيدا كما يوجه كبار قادة الجيش. وماذا عن الردود على صور الهرب؟ انها تشجع بالضبط ما يأملون منعه بضعف انجازهم، أعني التصعيد. ينبغي ان نطلب المغفرة من آبائنا وكانوا قلة مطاردة لا دفع عندها، ممن خجلنا بهم لأنهم لم يصمدوا في مواجهة مثل هذه الأحداث.

        ان رجال القانون الذين صاغوا "أوامر اطلاق النار" (التي هي في واقع الامر أوامر حظر اطلاق النار) يتحملون تبعة. لكن المسؤولين عن الظاهرة المحرجة هم قادة الجيش الذين وافقوا على ان يقرر رجال القانون لا القادة معايير القتال ويكبلوا أيدي الجنود. وهم مسؤولون بتهربهم من مسؤوليتهم باعتبارهم قادة، سوى التأثيرات الامنية، عن المس بكرامة الجنود بشرا ويهودا. وينبغي ان نتوقع ان يزن القادة بخلاف رجال القانون في توجيهاتهم معايير الكرامة الشخصية والأُطرية والقومية.

        ان التوجيهات القانونية مُكبِّلة حقا لكنها جزء من السبب فقط قد يكون الأقل أهمية للضعف الذي أصاب الجيش الاسرائيلي. ان "روح القائد"، التي تثقل منذ سنين على المتمسكين بالهدف والساعين الى الصدام في الحرب هي عامل مركزي في ضياع أكثر الغرائز أساسية عند الجندي (والانسان): وهي رد الحرب بأكبر منها.

        هذا الاسبوع في عيد الأنوار كان عند وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان وقائد منطقة المركز فرص لنقل رسائل مبدئية ترفض الهرب وتشجع على البطولة، لكنهم اكتفوا بالدفاع بقولهم ان سلوك الجنود ليس لذيذا حقا لكن ضبط النفس يمنع انتفاضة ثالثة.

        ان من يقفان اليوم على رأس الهرم – وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان – مسؤولان عن "روح الجيش الاسرائيلي" الحالية، وعن روح الهرب من لبنان في 2000 والهرب من حسم في فترة المخربين المنتحرين. كان الأول آنذاك رئيس الوزراء ووزير الدفاع وكان الثاني قائد فرقة أيوش (يهودا والسامرة). وهو قائد تم التخلي في ايامه عن مدحت يوسف في قبر يوسف والحاخام بنيامين هارلينغ الذي لم يُخلصوه مدة يوم كامل هو ومجموعة المتنزهين معه ونزف حتى الموت في جبل عيبال.

        اليكم خسارة "روح القائد" في عيد البطولة: في 2012 "نحن نتوقع من الجنود"، قال أول أمس قائد رفيع المستوى لمراسلين عسكريين، "ان يتصرفوا بضبط للنفس وارتداع واحتواء". ان شخصية من أصبح الاحتواء – أي تلقي الضرب من غير رد حاسم – هاديا يهديه من المؤكد ان لا اعتبار عندها لقيم مثل "كرامة الجندي انسانا ويهوديا"، و"كرامة الجيش الذي يعمل المحارب في صفوفه" و"كرامة الدولة وكرامة الشعب اللذين يمثلهما الجنود". لا شيء من ذلك بل "ضبط النفس" و"الارتداع" وفي الأساس: الاحتواء، فقط، وهو الذي يستطيع المخربون بسببه الاستمرار في اطلاق آلاف الصواريخ على اسرائيل وهو الذي يفضي الى الانتفاضة التالية.