خبر ما لا يريد بيبي أن يراه- هآرتس

الساعة 09:30 ص|11 ديسمبر 2012

 

بقلم: رؤوبين بدهتسور

لو ان رئيس الوزراء تعاطى مع قرار الجمعية العمومية بمنطق وبرود أعصاب بدل ان يكافحه مكافحة لا بقاء لها لانقض عليه كمن يجد غنيمة كبيرة ولسارع الى تبنيه. لأنه قرار الامم المتحدة الأكثر ايجابية بالنسبة الى اسرائيل الذي اتخذته المنظمة في الـ 65 سنة الأخيرة.

من المؤكد ان والدي بنيامين نتنياهو حدّثاه أكثر من مرة عن فورة الفرح التي غمرت الاستيطان اليهودي في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947، بعد ان اتخذت الجمعية العمومية بأكثرية الاصوات القرار 181 على تقسيم ارض اسرائيل الى دولتين. ويعترف نتنياهو بيقين باعتباره مثقفا عالما بتأثير الأحداث التاريخية في الاجراءات السياسية، بأهمية وثيقة الاستقلال التي صاغها الآباء المؤسسون مدركين تأثيراتها التاريخية، في تنبه شديد ونظر الى المستقبل. وهذا ما ورد في وثيقة الاستقلال: "في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947 اتخذت جمعية الامم المتحدة قرارا يوجب انشاء دولة يهودية في ارض اسرائيل... ان هذا الاعتراف من الامم المتحدة بحق الشعب اليهودي في انشاء دولته لا يمكن مصادرته".

أي ان نتنياهو عالم ايضا بأن دافيد بن غوريون وزملاءه فهموا ان قرار الجمعية في 1947 هو الذي يمنح اسرائيل الشرعية السياسية والاخلاقية لانشائها بصفتها دولة يهودية. وفهم رئيس الوزراء الأول الأهمية التاريخية لقرار التقسيم وجهِد في ان تشتمل عليه الوثيقة التأسيسية للدولة الجديدة، برغم انه اعترف بسيادة اسرائيل على جزء صغير نسبيا فقط من ارض اسرائيل.

ان خطأ رئيس الوزراء نتنياهو في قضية قرار الاعتراف بدولة فلسطينية في انه حصر عنايته فقط في نصه وتجاهل ما لم يرد فيه بصراحة لكنه مهم بنفس القدر: وهو ان الجمعية قد اعترفت بدولة فلسطينية في حدود 1967. ويُفهم ضمنا من ذلك ان المنظمة الدولية تمنح بأكثرية ساحقة للدولة اليهودية في هذه الحدود شرعية دولية. أي انه لأول مرة منذ 1947 يُعطى حل الدولتين اعترافا دوليا صريحا مرة اخرى في حين أصبح لاسرائيل هذه المرة حدود أكثر إراحة بكثير وهي التي شُكلت على أثر حرب الاستقلال. وكان يفترض ان يكون هذا حلم كل من يعلن تأييده لحل الدولتين.

كان يفترض ان يكون نتنياهو من أوائل مؤيدي قرار الجمعية وان يؤكد جوانبه الايجابية. وكان يجب عليه بصفته دعائيا قديرا ان يستعمل القرار وسيلة عظيمة القوة في محاولة للحصول على شرعية دولية في التفاوض مع الفلسطينيين. فها هي ذي اسرائيل التي اعترف بها العالم آخر الامر على أنها الدولة اليهودية في حدود الرابع من حزيران 1967، مستعدة للتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين على اعتراف بدولتهم المستقلة برغم أنهم هم الذين رفضوا قبل 65 سنة قرار التقسيم. وكان يفترض ان يُبين نتنياهو أننا نعترف بحقهم في دولة كما قد أعلنت في خطبة بار ايلان وبقي الآن فقط ان نتباحث في تفصيلات الاتفاق وان نضع حدا للصراع بذلك.

لكن بنيامين نتنياهو لا يؤيد حل الدولتين حقا ولهذا يخيفه قرار الجمعية. وهو يتذكر ما قيل له عن فرح التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947 ويفهم انه لم تعد توجد طريق عودة. وكما أُسست دولة اسرائيل في ليك ساكسس قبل 65 سنة أُسست كذلك الدولة الفلسطينية في مبنى الامم المتحدة في نيويورك قبل اسبوعين.