خبر هكذا خسرنا في الدعاية- يديعوت

الساعة 09:28 ص|11 ديسمبر 2012

 

بقلم: نوح كليغر

كتب المسرحي اليهودي المولود في النمسا بيلي فيلدر في سيرته الذاتية ان الانجاز الأكبر للنمساويين هو أنهم نجحوا في اقناع العالم بأن بتهوفن كان نمساويا وكان هتلر المانيا. ويمكن ان نقول على نحو يشبه هذه المقولة اللاذعة الصائبة ان أكبر انجاز للفلسطينيين أنهم نجحوا في اقناع العالم بأنهم ضحايا.

اجل، يعتبر الفلسطينيون لدى الرأي العام العالمي بائسين حقا ومُعانين لسلطة اسرائيل الرهيبة، وموطوئين يضطرون الى المس باولئك الذين يُذلونهم ويضطهدونهم. وسقط العالم ضحية للدعاية الكاذبة والافتراءات والقصص المختلقة وفانتازيات على شاكلة ألف ليلة وليلة. وفي هذا الشأن يتفوق العرب على اليهود بعشرات الدرجات هذا الى ان اسرائيل أهملت مجال الدعاية سنين كثيرة.

تركنا الملعب للعرب لأننا اعتقدنا ان العالم يعلم ان الحق معنا – والانسان المحق لا يفكر ألبتة في انه يجب عليه ان يدير دعاية كي يبرهن على حقه ويُثبته. وقد تعلمنا بطريقة قاسية ان الامر ليس كذلك لأنه تبين أنك اذا كررت الأكذوبة بضع مرات بحسب نظرية وزير الدعاية النازي غيبليز فكأنما تصبح حقيقة. وقد تعلم العرب هذه النظرية وسيطروا على الرأي العام.

قبل سنين كثيرة حينما بدأت أظهر في محاضرات في أنحاء العالم علمت بما أدهشني ان أكثر الجمهور اعتقد انه كانت توجد دولة عربية فلسطينية احتلها اليهود، وبعد ان طردوا السكان جعلوها دولتهم وهي اسرائيل. وقد اضطررت آنذاك – واضطر اليوم ايضا احيانا – الى ان اوضح ان دولة اسرائيل تأسست بقرار الامم المتحدة لا باحتلال دولة عربية لم تكن موجودة أصلا.

هذه في الحقيقة قوة الدعاية وهي الدعاية التي جعلت 360 مليون عربي في 22 دولة، جعلتهم داود، وجعلت 6 ملايين يهودي في اسرائيل جالوت. ان آلاف القذائف الصاروخية التي أطلقها ارهابيون متعطشين للدم على مدن جنوب اسرائيل وبلداته في مدة 12 سنة وأوقعت خسائر باهظة من الأرواح وتدمير ممتلكات كثيرة – فهناك أكثر من مليون انسان، نحو الثلثين منهم اولاد واطفال يعيشون في خوف وعدم يقين شبه دائمين – كل ذلك لم يغير الرأي العام والتقارير الأحادية لأكثر وسائل الاعلام، فبقي الفلسطينيون هم البائسين والمضطهدين.

واليوم ايضا بعد إظهار مئات الآلاف من سكان غزة المتحمسين الذين هتفوا لزعيمهم خالد مشعل الذي أعلن من جملة ما أعلن قوله "لن نعترف باسرائيل أبدا وسنستمر في قتل الصهاينة"، بعد إظهارهم للكراهية، هل سيستمر العالم في رؤيته الفلسطينيين ضحايا؟ عندي انطباع ان الامر كذلك. فـ "الرأي العام" لن يتغير ولن تؤثر فيه حقائق على الارض.

يمكن ان يكون الامر مختلفا ايضا. حينما بدأت "جولة غزة" الأخيرة كان عندي خمسة ضيوف من المانيا. ووُجدوا في وقت وجود صافرتي انذار في تل ابيب في شارع وعلى الشاطيء. وحينما هاتف الآباء القلقون أجابوا بأنه لا ينبغي ان يقلقهم شيء وأوضحوا ان "كل شيء على ما يرام. وليست الحال هنا كما يُظهرونها دائما في التلفاز". وحينما عادوا الى المانيا اهتموا بأن يرووا لكل طلاب المدرسة الحقيقة عن الوضع في البلاد وعن الهجمات بلا تفريق على المدنيين.

لكن ماذا عن الرأي العام عامة؟ ان غولدا مئير هي التي قالت ان حياة جندي اسرائيلي واحد أهم من الرأي العام العالمي.