بإرادة صلبة وعزيمة قوية

بالصور تقرير : الجريح « الأسطل » يتغلب على إعاقته بابتكار مصعد كهربائي

الساعة 07:28 ص|11 ديسمبر 2012

مثنى النجار

"بالإرادة نصنع من إعاقتنا إبداعا", بهذه العبارة بدأ الجريح المعاق صالح الأسطل (27 عاماً) حديثه عن انجازه بتصميم مصعداً كهربائياً خارجياً لمنزله بإمكانيات بدائية وبسيطة، للتخفيف من معاناته في تسلق السلالم بشكل يومي.

"الجريح" الأسطل الذي بترت كلتا قدميه اثر قصف إسرائيلي استهدفه برفقه زملائه في مارس من العام الحالي، صمم هذا المصعد الكهربائي ليساعده على التنقل بحرية إلى مسكنه في الطابق الثاني بمنزل عائلته الكائن ببلدة القرارة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" زارت منزل الأسطل وتعرفت على ابتكاره الجديد الذي يجسد المقولة "الحاجة أم الاختراع" ويؤكد أن الفلسطينيين كسروا حصارهم المفروض عليهم من قبل (إسرائيل) بإرادة صلبة وعزيمة قوية.

ويقول: "لم تنحني هامتي إلا لله، فقد كافحت وتحديت الإعاقة التي لازمتني عقب إصابتي، حتى ابتكرت طريقة تجعلني اتنقل بكل سهولة من منزلي إلى الشارع دون معاناة"، مشيراً إلى أنه رفض أن يصبح رهينة لكرسٍ متحرك ينظر إليه الآخرون بعين الشفقة والضعف.

وأوضح أن هذه النظرة المجتمعية شكلت له وقوداً دفعه نحو اختراعه, وجعلته يخوض تحدياً مع نفسه يثبت فيه القدرة على العطاء وتحقيق الانجازات وتجاوز المحن.

وتظهر إحصائية الجرحى المبتورة أطرافهم سواء في الأذرع أو الأصابع أو القدمين إلى 1250جريح يعانون من إصابات مباشرة أدت إلى بتر أجزاء مختلفة من أجسادهم بفعل همجية الاحتلال وعدوانه واستخدامه لوسائل قتالية محرمه دولياً في اغلب الأوقات.   وبدأت حكاية "الأسطل" عندما بدأ يشكل عبءً على من حوله الذين لا يترددوا في مساعدته بالتنقل وصعود السلالم، الأمر الذي دفعه لإنشاء "مصعد كهربائي" بإمكانيات بسيطة ذاتية، لافتاً إلى أن حياته باتت أفضل بكثير بعد اعتماده على نفسه في حرية التحرك دون الاعتماد على أحد. 

ويخرج الأسطل كل يوم من منزله شاعراً براحة تغمره دون أن يسبب تعباً لأحد, ويقول: "حتى أنني في اغلب الأوقات أتناسى بأنني مبتور القدمين, في وقت لم أكن أتوقع أن تنجح هذه الفكرة إلا أن الله وفقني فيها".

وعن المصعد يقول عبد الكريم الاسطل ابن عم الجريح صالح وهو من ساعده على إتمامه:" يعمل المصعد بمشغل يدوي يسهل على "صالح" الحركة صعوداً ونزولاً من منزله وعلى ارتفاع ثلاثة أمتار من مدخل المنزل إلى أعلى مدخل الباب الذي تم افتتاحه في جدار إحدى غرف الطابق العلوي الذي يسكنه الجريح . 

ويتابع :" استغرقت مدة إنجاز المصعد خمسة أيام من العمل, وهو مكونٌ من أذرع حديديه سمكها 2 ملم، و"صاج مقلفن", بالإضافة إلى ألواح من "الزينجو", إلى جانب ماتور كهربائي للرفع، وسلك "الستي" الساحب المعروف, ومولد كهربائي يتم تشغيله بواسطة التحكم عن بعد لتسهيل عملية التحرك, حيث قدرت تكلفة إنجازه قرابة 2000 دولار أمريكي حسبما قال عبد الكريم. 

ومع كل جولة ركوب بالمصعد يلازم الأسطل طفله البكر محمد الذي يبلغ من العمر عامين ونصف العام, ويضيف صالح: "أشاهد مظاهر الفرحة على ولدي محمد عندما أذهب لقضاء حاجتي خارج المنزل، حيث يرافقني ويسارع بالصعود قبلي لاعتبار أن المصعد يشكل لعبة مسلية له".

ووجه الأسطل اللوم الشديد على كافة الجهات المعنية بأمور الجرحى والمعاقين على تقاعسها وتقصيرها من حيث تقديم الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة والجرحى, داعياً المؤسسات المجتمعية إلى ضرورة الاهتمام بشريحة الجرحى وخصوصاً المبتورة أجزائهم.

فالإعاقة هي في كثير من الحالات حافزاً لمواجهة التحديات ومنطلق لاستكشاف آفاق إبداعية ريادية جديدة, وفي رسالته الأخيرة قال الاسطل:" إذا أردتم شيئا فاسعوا جاهدين للحصول إليه,فالنجاح قد لا يأتي من أول تجربه وقد يكون طريقنا صعب لكننا حتما سنصل..