خبر المدارس والتعليم يا عرب.. بقلم/ توفيق أبو شومر

الساعة 01:18 م|10 ديسمبر 2012

سأظلُّ أنشدُ الأغنية الشهيرة:

"لن نتقدم أبدا، ولن نخطو خطوة واحدة نحو التقدم والرقي واللحاق بركب الحضارة والتكنولوجيا بدون أن نبني أهم ركائز التطور والتقدم والحضارة، ولعلّ أهم ركيزة في هذا الطريق هي نظام التعليم، فالتعليم هو رافعة الأوطان نحو العلا، والتعليم هو النافذة التي تجلب أكسجين النهضة، والتعليم هو المُنجِّي من الغرق في مستنقع التخلف والجهالة!"

أعني بالتعليم برامجه وأنظمته وأساليبه ومدارسه، أعني بالتعليم لجان تطويره، والميزانيات الممنوحة له في كل عام، أعني بالتعليم سدنته ومنظريه ومسيريه!

 وقد أدركتْ دولٌ كثيرةٌ منزلة التعليم، فرصدتْ له من الميزانيات ما يفوق ميزانيات الجيوش والوزارات،وسخرت له كل الإمكانات والطاقات وأقدمتْ دولٌ عديدة على اقتباس تجارب الأمم الأخرى في مجال التربية والتعليم، فهناك بعثات تعليمية تتبادل الخبرات، وتشترك في ندوات، لغاية بلورة التجارب لإبداع طرقٍ تعليمية جديدة!

فاللجان المختصة بالتعليم في إسرائيل مثلا والتي تعمل طوال العام، تدقُ ناقوس الخطر أمام المسؤولين وتحذرهم من مخاطر إغفال تطوير التعليم، وتشعل أمامهم الضوء الأحمر، وفق معيار دول التعاون الاقتصادي OECD التي وضعت إسرائيل في المرتبة الحادية والأربعين بين دولها السبعين وفق اختبار (PISA) وهو اختبار يجري كل ثلاث سنوات على مجموعات عشوائية من الطلاب في الدول المشاركة في موضوعات التكنولوجيا والعلوم والرياضيات، وهذه الموضوعات هي معاول نهوض الأمم.

وقد استنفرتْ إسرائيل وعقدت مؤتمرا لهذا الغرض في نيويورك بدعم من مستثمرين يهود تحت شعار(تحديات تدريس العلوم والتكنلوجيا والهندسة والرياضيات) وبحث المؤتمر أسباب انخفاض مستوى الطلاب في إسرائيل في الموضوعات الحيوية السابقة، وحضر المؤتمر متخصصون وعلماء ومستثمرون من إسرائيل وأمريكا، ومما قيل في المؤتمر:

"مناهج العلوم والرياضيات والتكنلوجيا هي أسس التطور في إسرائيل، فإذا لم تُستثمر الجهود والطاقات فيها، فإن إسرائيل ستصبح جزءا من الماضي الغابر!!"

"إن الاستثمار في مجال التعليم، هو الاستثمار البشري الحقيقي مضمون الربح."

وقد استعان المؤتمر بطلاب ليُدلوا بشهاداتهم، ومنهم الشاب عميت ليفين 15 سنة

والذي أجاب عن سؤال:

 من هو المدرس الجيد؟

فأجاب:

"هو المدرس الذي يُحبب الطلاب في المنهج الدراسي، ويدفعهم لأن يتوصلوا إلى النتائج بأنفسهم، ولا يجب أن تُدَرَّس الموادُ بطريقة المحفوظات والتلقين، إننا بحاجة إلى المدرس المحب لمادته، وأيضا يجب أن تستثير دروسُ العلوم الطلابَ."

وشاركت في المؤتمر أيضا العالمة الإسرائيلية ( أدا يونا) الحاصلة على جائزة نوبل في العلوم، والتي سردت تجربتها عندما جاءت من بيئة فقيرة، إلى أن حصلت على نوبل في خلية البروتين!

كما شاركت أنجليكا بيري، وهي إحدى الثريات الفليبينيات ،ممن اعتنقن اليهودية وأسسن شركة كبرى في إسرائيل في مجال النانو تكنلوجي والتي قالت أيضا:

" إن نهوض إسرائيل كدولة متقدمة يعتمد على التعليم، فالتعليم بمثابة الحبل الصري لتقدم الدولة، وسأقدم الدعم المادي في مجال تطوير التعليم في إسرائيل"

 (من صحيفة الجورسلم بوست 6/12/2012)

استدراكات:

الأول: حاولت أن أُحصي الدول العربية المشاركة في مقياس دول التعاون الاقتصادي السابقة، فلم أعثر إلا على أربع دول، وهي قطر والأردن وتونس ودبي، ولم أتمكن من العثور على ترتيب مستواها بين تلك الدول!!

الثاني: ما يزال معظم المسؤولين العرب الطغاة، ومن هم على شاكلتهم، يرون في تطوير التعليم انقلابا على سلطتهم، وسلبا لنفوذهم، وسيفا يقطع رقابهم،ومصباحا يكشف جهالتهم، لذا فإنهم أخضعوه لسلطانهم، وجعلوه تابعا من توابعهم، وخادما في بلاطهم، وسرية  حربية من عازفي الإيقاع في حفلاتهم، ينشد الأناشيد القبلية البائدة وفق نغمات بحور الشعر العربي التي اخترعها الخليل بن أحمد الفراهيدي العربي !!

الثالث: اعتاد أثرياء العرب أن يبذلوا بسخاء على مشاريعهم ومؤسساتهم ولذائذهم خارج أوطانهم ، ولكنهم أبخل البخلاء إذا تعلق الأمر بالإنفاق على مشاريع تطوير التعليم والنهوض بالثقافة!!

الرابع: إن المدرس العربي المُثقَّف والمثقِّف (بفتح القاف وكسرها) صار ديناصورا منقرضا، وجرى استبداله بالمدرس التاجر الجديد المطحون نفسيا وماليا، والذي يسعى من منطلق ضائقته السابقة، ومن منطلق حقده على المجتمع الذي لا يمنحه حياة فاضلة، إلى بذر كراهية المدرسة في نفوس الأبناء،وإلى أن ينزع من المقررات الدراسية دسمها وجاذبيتها، ويحولها إلى ألغاز ورموز صعبة الفهم، ليتمكن في النهاية من ضمهم إلى قطيع الدروس الخصوصية التي تمكنه من الحياة!