خبر يعيشون في عالم افتراضي- يديعوت

الساعة 10:43 ص|10 ديسمبر 2012

يعيشون في عالم افتراضي- يديعوت

بقلم: اسحق بن - اسرائيل

تميزت دولة اسرائيل دائما بنوعية قيادتها التي أحسنت فهم الواقع، أما الفلسطينيون في المقابل فكانوا يعيشون في عالم افتراضي لأحلام بالعدل والعودة. وما يزال بعضهم على ذلك الى اليوم فقد رأينا حماس قبل زمن قصير فقط تحتفل بـ "انتصار" في العالم الافتراضي – ويشتمل على "تدمير أحياء في تل ابيب" و"اسقاط سبع طائرات لسلاح الجو الاسرائيلي". أما في الواقع فان سكان غزة جياع للخبز وحل الصراع أبعد مما كان قط.

في العالم الافتراضي تكفي خطبة واحدة في بار ايلان يتم تصويرها تصويرا جيدا ولا حاجة الى نظرية سياسية منظمة وعملية. أما في الواقع فان التفاوض مع الفلسطينيين عالق وبرميل المواد المتفجرة الذي نجلس عليه يقترب من نقطة الانفجار. وفي العالم الافتراضي وفي رد على الاعتراف بالفلسطينيين دولة في الامم المتحدة تسلك حكومة اسرائيل سلوك أصغر المشاغبين في يهودا والسامرة وتجبي "كلفة" القرار بالموافقة على بناء آلاف الشقق في المناطق. وفي الواقع تصبح اسرائيل أكثر عزلة ويئن مواطنوها الشباب بسبب اسعار السكن في داخل الخط الاخضر.

في العالم الافتراضي يُنتخب للكنيست صحفيون ومنتجون ومشاهير آخرون. وفي الواقع سيحتاجون الى علاج مشكلات الاقتصاد والخارجية والامن التي لا يعرفون عنها إلا شيئا ضئيلا. ولا يكفي "شراء" شخص أمني أو اقتصادي آخر بل يجب وجود فهم في هذا الشأن ولذلك يجب الاهتمام به ودراسته. قبل اسابيع معدودة فقط شاهدنا السباق السخيف الى عدسات التصوير لقادة يريدون ان يصبحوا رؤساء وزراء للتعبير عن تأييد لعملية "عمود السحاب" ما بقيت مستمرة وللتعبير عن تأييد لوقفها حينما وقفت. وهذا يشهد أكثر من كل شيء على ان هؤلاء القادة ليس عندهم ما يقولونه. لكن هذا غير مهم في العالم الافتراضي لأن الشيء الأساسي فيه هو التقاط الصور لهم والحديث بلغة غوغائية تجعل الجموع تصوت لهم.

في العالم الافتراضي فقط يستطيع قادة افتراضيون جاءوا من قريب من العالم الافتراضي (وسائل الاعلام) ان يشتكوا من ان عودة زعيمة اخرى الى السياسة "تسرق" منهم اصواتا كانت "لهم" في المجال الافتراضي (أي في استطلاعات الرأي).

وفي العالم الافتراضي يُترجَم "العدل الاجتماعي" الى ثمن جبن الكوتج أو الى تلويح بـ "أرباب المال" باعتبارهم أصل كل شر. أما في الواقع فان التساوي في العبء العسكري وحقوق الفلسطينيين في المناطق المحتلة هي عوامل عدل اجتماعي تؤثر في حياتنا أكثر، أكثر بكثير.

في العالم الافتراضي فقط يمكن "ان يُقتل في خيمة التوراة" مئات الآلاف من الناس وان يعيشوا على حساب آخرين يعيشون ويعملون ويُقتلون في عالم الواقع.

وفي العالم الافتراضي لا حاجة لقول الحقيقة للشعب، بالعكس، فالحقيقة تضر بصناديق الاقتراع. أما الواقع في المقابل فغير مدين لخطب الانتخابات فهو يخطو في مساره الخاص. من ذا يريد ان يسمع ان حل الصراع مع الفلسطينيين يحتاج الى المخاطرة؟ وانه قد يستمر سنين كثيرة يُحكم علينا فيها بأن نحيا على سيوفنا. يُفضل ان يُصرف انتباه الجمهور الى شؤون اخرى.

ان "العدل" بعامة و"العدل الاجتماعي" بخاصة، في الواقع قيمتان مهمتان تستطيعان ان تقررا مصيرنا. انهما قيمتان عامتان منحهما آباء آبائنا من سيدنا موسى الى الأنبياء، لأمم العالم. علمنا الأنبياء انه لا يوجد عدل لليهود وللأقوياء والأثرياء، وعدل آخر للأغيار والضعفاء والمعدمين. ولا يوجد عدل اجتماعي في داخل الخط الاخضر وعدم عدل خارجه. ونقول لمن لا يفهم انه لا توجد "خطة اقتصادية" مفصولة عن الشأن الفلسطيني أو عن إدماج الحريديين في عالم الواقع.

في كل ليلة نغمض عيوننا ونستسلم للنوم وعالم الأحلام. لكن الصباح يأتي وتشرق الشمس ونستيقظ لعالم الواقع. حان الوقت للاستيقاظ من العالم الافتراضي الى الواقع في الصعيد السياسي ايضا.