تقرير جرحى الحرب يضمدون جراحهم ويروون حكاية إصابتهم

الساعة 04:14 م|08 ديسمبر 2012

صحيفة "فلسطين"

لم تنته حكايات الموت بعد ثمانية أيام من حرب الاحتلال على قطاع غزة، كان خلالها الفلسطينيون تحت مرمى صواريخ وقذائف الاحتلال التي تساقطت بشكل عشوائي فوق رؤوسهم، ليصبحوا "بنك الأهداف" لدى الاحتلال.

وقد استشهد في حرب الثمانية أيام  175 مواطنًا وجرح 1399 آخرون، وبالرغم من ذلك لم تستطع آلة الحرب أن تُبقي الإحباط والانهيار في نفوس الجرحى، ولكنها عززت لديهم العزيمة والإصرار والتحدي لتحقيق طموحاتهم وأهدافهم التي يحلمون بالوصول إليها، رغم الآثار التي تركتها هذه الحرب الوحشية عليهم.

نجا بأعجوبة

المواطن خليل حمادة الذي يبلغ من العمر 39 عامًا _وهو مدير وحدة العلاقات الدولية والعامة في وزارة العدل في غزة_ يروي لحظات إصابته؛ ففي ساعات المساء من اليوم الثالث للحرب أطلقت البوارج البحرية العنان لقذائفها لتتطاير على منازل المواطنين الآمنين في بيوتهم على الحدود الساحلية للقطاع؛ فوقعت إحدى القذائف بجوار بيته الواقع جنوب أبراج المخابرات في غزة وأصابته.

وقال حمادة: "منزلنا مدني، ولم أعلم أنه مستهدف من قبل الاحتلال، إذ كنت واقفًا أمام البيت، فإذا الصواريخ والقذائف تنهال عليه بشكل مباشر ومفاجئ"، مضيفًا: "حينها لم أشعر إلا بالقذيفة الأولى التي انفجرت بحائط جيراني الذي كنت بجواره؛ فأصبت بشظايا خطيرة بفخذي اليمنى، وأخرى بالرقبة، ونجوت من الموت بأعجوبة".

استكمل حمادة حديثه: "فالضربة التي لا تُمتنا تزيدنا قوة وصلابة، فالشعب الفلسطيني مظلوم سلبت منه أرضه إلا أن الإرادة والعزيمة والتحدي لم تسلب منه، و(إسرائيل) نبتة خبيثة زرعت في غير موطنها وسنقتلعها في القريب العاجل".

تحت الجدار

والمواطن فايز أحمد الجمل البالغ من العمر 45 عامًا ويعمل قبطانًا بحريًّا قال: "كنا نجلس في بيوتنا كالمعتاد، فكنت مع أطفالي في غرفة ألعابهم لتفريع الطاقة الكامنة داخلهم، إذ لم نكن نخرج لأي مكان بفعل استمرار القصف واستهداف المدنيين في كل مكان".

وأضاف: "كان ابني الصغير ينتظر برنامجًا على التلفاز فخرجنا جميعًا من الغرفة إلا ابنتي ذات الثمانية أعوام، فأطلقت طائرات الاحتلال الصهيونية صاروخها الأول باتجاه برج الدانة الواقع في شارع النصر، وعندما أسرعت بالخروج مع أبنائي سمعت ابنتي تصرخ: "بابا أنا تحت الحجار"، إذ كان حائط الغرفة قد وقع عليها؛ فهرعت مرتاعًا لإنقاذها، وإذا صاروخ آخر يضرب؛ فتناثرت الشظايا بجسمي وغبت عن الوعي وابنتي بحضني".

وأوضح الجمل أنه بعد أن أفاق أسرع بتضميد جراحه ليطمئن على باقي أفراد أسرته، فهم من سكان برج "الدانة" الطابق الـ(13)، وحمد الله على عدم إصابة أحد من أفراد أسرته بمكروه.

إصرار على تحرير الأرض

ومن جهته تحدث الشاب سعيد الحاطوم _(23 عامًا) ويدرس في الجامعة الإسلامية (ماجستير) تاريخ_ عن إصابته، فبعد غياب خيوط الشمس وحلول المغرب ذهب إلى المسجد ليصلي جماعة، وفي الطريق وفي أثناء عودته للبيت مع مجموعة من الشباب أطلقت طائرات الاستطلاع ثلاثة صواريخ استهدفتهم بشكل مباشر.

وقال: "وبفعل القصف كلٌّ منا تطاير في مكان بعيدًا عن الآخر بسبب ضغط الهواء، وتناثرت الشظايا في جسدي".

وتابع الحاطوم حديثه: "لكن صواريخهم لن تخيفنا، بل ستزيدنا قوة وإصرارًا على تحرير الأرض والقدس".

إيمان بالقضاء والقدر

ولم يكن المواطن أبو البراء البالغ من العمر 35 عامًا بعيدًا عن صواريخ الاحتلال التي لم تفرق بين مدني وعسكري في قطاع غزة، إذ شنت طائرة الاستطلاع غارة عليه في أثناء ذهابه إلى سوق الشيخ رضوان ليشتري لأبنائه ما يسد جوعهم في تلك الأيام العصيبة.

قال أخوه: "لقد استهدفته الطائرات استهدافًا مباشرًا، على إثره أصيب بكسر في الفكين، فلم يعد قادرًا على الحديث والأكل مدة شهر كامل، وبعدها ستجرى له عملية أخرى".

وبين أن "أبا البراء" مؤمن بقضاء الله وقدره، وبالقضية الفلسطينية، وما حدث معه هو أقل ما يمكن تقديمه نصرة للقضية وتحرير القدس.