خبر رويترز: اسرائيل قد تجري محادثات مع مشعل

الساعة 04:44 م|07 ديسمبر 2012

رويترز

سعت إسرائيل ذات يوم لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في محاولة فاشلة بشوارع العاصمة الأردنية عمان.

وبعد ذلك بخمسة عشر عاما بدأت تنظر إليه بشكل مختلف بعض الشيء ويقول محللون إسرائيليون إنه رغم ذلك قد يكون الرجل القادر على فتح حوار بين الحركة وإسرائيل.

ووصل مشعل إلى غزة يوم الجمعة في أول زيارة له للقطاع منذ 45 عاما تستمر يومين للمشاركة في احتفالات الحركة بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتأسيسها وللانضمام إلى ما تقول حماس إنها مسيرة النصر بعد صراعها مع إسرائيل في الآونة الأخيرة.

ويتبنى الزعماء الإسرائيليون وجهة نظر مختلفة عن القتال الذي استمر ثمانية أيام وانتهى بوقف لإطلاق النار اذ يقولون إنهم وجهوا ضربة قوية لحماس من المتوقع أن تردع المسلحين عن إطلاق صواريخ من القطاع الساحلي لشهور طويلة.

ويعتقدون أيضا أن القتال زاد من ابتعاد حماس عن مجال نفوذ إيران ووضعها في معسكر مصر وقطر حيث يلعب مشعل الدور الرئيسي في هذا التغير الاقليمي. ويبلغ مشعل من العمر 56 عاما عاش منها 45 عاما في المنفى بعيدا عن الضفة الغربية مسقط رأسه.

وقال شلومو بروم كبير الباحثين بمعهد دراسات الأمن القومي وهو معهد أبحاث مستقل في تل ابيب "يلعب خالد مشعل حاليا دورا أكثر إيجابية من وجهة نظر إسرائيل.

"بوجه عام حماس منقسمة إلى فصيلين... فصيل غزة والفصيل الخارجي. هناك نقاش بين الاثنين على عدة مستويات وفصيل مشعل الخارجي أكثر اعتدالا بكثير. هذا سبب أهميته لإسرائيل."

ولا يعتبر أي وزير في إسرائيل مشعل شخصية معتدلة على الأقل في العلن. وبالنسبة للإسرائيليين تعتبر حماس مرادفا للتفجيرات "الانتحارية" وإطلاق الصواريخ. وتصنفها إسرائيل وحلفاؤها الغربيون ضمن المنظمات الإرهابية.

لكن مشعل تبنى في السنوات الماضية موقفا يقوم على تأييد فكرة إبرام هدنة طويلة في مقابل انسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل حرب عام 1967 .

وقال لرويترز الأسبوع الماضي في قطر حيث يقيم منذ غادر سوريا قبل بضعة أشهر انهم قبلوا بذلك لكن ليس مقابل الاعتراف بإسرائيل أو التخلي عن الحقوق الفلسطينية.

واستقبل قرار مشعل مغادرة دمشق بعد خلافه مع الرئيس السوري بشار الاسد بشأن الحملة التي يشنها على الانتفاضة في بلاده بترحاب غير معلن.

وقال مشعل نفسه لرويترز إن هذه الخطوة أثرت على العلاقات مع ايران الممول ومورد السلاح الرئيسي للحركة. وتعتبر اسرائيل أن طهران هي اكبر مصدر تهديد لها بسبب برنامجها النووي الطموح.

وقال يوائيل جوزينسكي الباحث في معهد دراسات الأمن القومي "قيادة حماس الخارجية تحاول أن تترك المحور الإيراني. هذا أمر لافت للنظر لكنه لن يكون سهلا لأنهم لا يزالون يعتمدون على الأسلحة الإيرانية." وأضاف "في النهاية يمكن أن يكون هذا مفيدا لاسرائيل."

وكان رحيل مشعل المفاجيء من سوريا قد أضعف موقفه داخل حماس. وكانت علاقاته مع دمشق جعلته محورا رئيسيا لكن مع تضرر هذه العلاقات او انهيارها بدأ زعماء غزة ترسيخ سلطتهم.

وتلف السرية آليات عمل حركة حماس من الداخل لكن من هم بداخل غزة تمتعوا بمزيد من النفوذ منذ استطاعوا السيطرة على القطاع عام 2007 بعد الاقتتال مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وقال مسؤول اسرائيلي كبير طلب عدم نشر اسمه إنه غير مقتنع بأن مشعل بذل ما يكفي من جهد لاستعادة مصداقيته داخل الحركة بوصفه زعيما بلا منازع. وأضاف "هناك صراع دائر على السلطة... لكنهم يخفونه."

ورفض المسؤول الذي تبنى موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لا يقدم تنازلات احتمال أن يرغب مشعل ذات يوم في إجراء محادثات مع اسرائيل.

وأضاف "بين الزعماء المختلفين هناك اختلافات محدودة بين ما يقولونه لكن في نهاية المطاف هي اختلافات طفيفة."

ولعب نتنياهو دورا مهما وإن كان بطريق الصدفة في تعزيز مسوغات مشعل بين الفصائل الفلسطينية حين أمر جهاز المخابرات الاسرائيلي (موساد) باغتياله عام 1997 ردا على تفجير في سوق بالقدس أسفر عن مقتل 16 شخصا وانحي باللائمة فيه على حركة حماس.

وألقت الشرطة الأردنية القبض على ضباط المخابرات الاسرائيلية بعد أن حقنوا مشعل بالسم في الشارع. وخلال ولاية نتنياهو الأولى كرئيس للوزراء أجبر على تسليم الترياق وحولت هذه الواقعة المدرس السابق الى واحد من أبطال المقاومة الفلسطينية.

وقال ايتامار رابينوفيتش سفير اسرائيل السابق في الولايات المتحدة الذي يقوم بالتدريس في جامعة تل ابيب "في حركة مثل حماس حين تصبح هدفا للاغتيال السياسي فهذا وسام شرف وقد وضع الوسام على صدره."

وطالما اعتبرت اسرائيل حماس تهديدا خطيرا يمكن احتواؤه. وفي وقت ما أرسلت الحركة مفجرين انتحاريين إلى المدن الاسرائيلية. ثم شنت هجوما من غزة وأطلقت الاف الصواريخ على جنوب اسرائيل.

وردت الحكومات المتعاقبة. ففي 2008-2009 شنت اسرائيل حملة استمرت ثلاثة أسابيع أودت بحياة 1400 فلسطيني بينما قتل 13 اسرائيليا. وفي نوفمبر تشرين الثاني بدأت صراعا استمر ثمانية أيام خلف 170 شهيدا فلسطينيا كما قتل ستة اسرائيليين.

وعلى خلاف الحال قبل أربع سنوات لدى حماس أسباب أكبر للابتهاج عما كانت عليه عند نهاية الجولة الأخيرة من القتال.

فللمرة الأولى تمكنت صواريخها من الوصول إلى تل أبيب والقدس. كما أظهرت للعالم انها تتمتع بمساندة قوية من أكبر الدول العربية أبرزها مصر التي كانت تبدي دعما فاترا في أفضل الأحوال قبل الربيع العربي.

ودون شك كبلت العوامل الاقليمية المتغيرة يد اسرائيل. فعلى عكس عام 2009 لم تشن هجوما بريا رغم حشد الاف الجنود المدعومين بالدبابات على الحدود تأهبا للهجوم. كما قبلت بسرعة الوساطة المصرية ربما غير راغبة في الحاق ضرر لا يمكن اصلاحه بالعلاقات الدبلوماسية المهمة مع مصر.

وتجري الأطراف الثلاثة محادثات حاليا في مصر بهدف تثبيت وقف اطلاق النار. وتطالب حماس بانهاء الحصار البري والبحري المفروض على غزة منذ 2006 الذي يهدف إلى وقف واردات الأسلحة لغزة والذي خنق النمو الاقتصادي.

وفي 2010 وتحت وطأة ضغوط دولية لتخفيف الحصار رفعت اسرائيل بعض القيود على واردات وصادرات عبر المعابر البرية ويرجح مسؤولون أن تقدم المزيد من التنازلات الآن. ورغم ذلك من المؤكد أن يستمر الحصار البحري ما بقيت حماس تطالب بالحق في إعادة التسلح.

ويظهر اجراء المحادثات حتى لو من خلال وسطاء أن اسرائيل وحماس تنخرطان بالفعل في حوار. ويرى محللون اسرائيليون ان الحوار قد يتعمق إذا ما هيمن مشعل على حماس وطور خطابا أخف حدة.

ولا أحد يتوقع أن تسفر هذه المحادثات إذا ما جرت عن وضع نهاية لعقود من الصراع في الشرق الأوسط لكنها قد تضمن على الأقل الا يتفاقم الصراع على نحو أكبر.

يقول عوزي رابي مدير مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط "رسميا نقول إننا لا نتعامل معهم لكن الأمور تتغير أمام أعيننا.

"إذا ما كان خالد مشعل قادرا على إنفاذ كلمته فصدقني سيتباحث معه أحد من هنا حتى لو سرا."