خبر حكومة انتحارية.. هآرس

الساعة 10:54 ص|07 ديسمبر 2012

بقلم: يوئيل ماركوس

(المضمون: في نظرة الى الوراء يبدو أن الانجاز الوحيد لحكومة نتنياهو حتى الان هو انها خفضت الخلوي. ولو لم يعتزل المسؤول عن هذا الانجاز السياسة لكان شعار الفائز يمكن أن يكون "كحلون للشلتون!" (كحلون للسلطة) - المصدر).

أرتقب في كل لحظة الفعل التالي من مدرسة بنيامين نتنياهو. في هذه الاثناء أخيرا "حلم" واحد يتجسد: سفراء اسرائيل في كل العالم يتم استدعاؤهم الى احاديث في وزارات الخارجية. ومع أنهم لا يجلسونهم في كراسٍ منخفضة، مثلما فعل نائب وزير الخارجية داني ايالون للسفير التركي، ولكن بيبي لا يمكنه أن يتباهى بـ "التعليمات للسفراء" التي وزعها مكتبه، بان هذا حلم تجسد ونجاح لم يسبق له مثيل. صحيح، حلم تجسد، ولكنه حلم كابوس.

وبينما نتصدر العطف العالمي على كفاحنا ضد تطوير السلاح النووي في ايران، جعلت الان اسرائيل نفسها هدفا بسبب التهديد بالبناء بين القدس ومعاليه ادوميم. تهديد غبي وغير عملي يسقط علينا كل العالم. هذا فشل ذريع من جانبنا ينبع من الغرور، انعدام قدرة المناورة والتزحلق على قشرة موز من جانب زعمائنا. افيغدور ليبرمان، الذي أكثر من السفر الى دول جنوب امريكا وشرق اوروبا، وعد بانه نجح في تجنيد الدول في صالحنا. اما الان فيتبين أن كل هذه الدول اقتنعت بعكس مما ادعى. الجميع صوت الى جانب ضم فلسطين كدولة مراقبة في الامم المتحدة.

لقد رد بيبي بوابل من الاخطاء. تلقى ضربة على الرأس ودخل في حالة فزع. ولا يرتقب منه ان ينتحر استردادا لشرفه على النمط الياباني القديم، فهذا العرف لم ينتشر كثيرا حتى في اليابان ولكن يمكن أن نتوقع منه ان يرد بخطوة اكثر ذكاء. مثلا، ان يؤيد الخطوة الفلسطينية الحالية. في مثل هذه الحالة، إما أن يتراجع الفلسطينيون، مثلما رفضوا قبول دولة حسب مشروع التقسيم للامم المتحدة في 1947 أو أن تفتح ثغرة للحوار. ولكن رأس بيبي كان منشغلا باليمين المتطرف الذي ارتبط به، الفايغليين والليبراليين واسحق شمير الابن، المتطرف بقدر لا يقل عن شمير الاب.

لو كان بيبي أيد الخطوة الفلسطينية، لفسر الامر في العالم كخطوة ايجابية من جانبه. ومقابل ذلك ماذا كان سيحقق من هذا "العقاب"؟ "القرار" بالبناء لا يقول شيئا بالتنسبة للتنفيذ. فزعم التخطيط طويل بحيث يمكن أن تمر سنوات قبل أن يبدأ البناء، وفي هذه الاثناء فاننا نكون عرضة للشجب.

العمل في حينه لم يتكلم بل فعل. "تهديد" بيبي هو تصريحي فقط. اما الضرر فهو فوري. لو صوتنا مع، لتحقق اعتراف بالقانون من الاسرة الدولية بحدود 67. لو قلنا "يا لها من فكرة جميلة، هيا نجلس لنتفاوض"، لما كان مؤكدا أن ابو مازن كان سيوافق، بل لعله كان سيتراجع عن فكرة الدولة المراقبة في الامم المتحدة. اما بالرد العنيد من جانبنا، فاننا نصطدم بنصف العالم.

انعدام المضمون في معارضتنا لا ينبع من العقل السليم لدينا. فبيبي يعمل انطلاقا من تعلقه بمحيطه السياسي، الذي توجد له علاقات مباشرة مع الباري عز وجل ومع وأوامره. اريك شارون، الذي كان صقرا وبانيا كبيرا للمستوطنات في السامرة ايضا، وصل الى الاستنتاج بانه يجب التخلي عن حلم بلاد اسرائيل الكاملة، ولهذا فقد غادر الليكود واقام كديما. لا يوجد اليوم في معسكر بيبي شخص مستعد لان يتخلى عن هذا الحلم. وهكذا فاننا نمس بدعم الدول الصديقة الاهم لاسرائيل.

لقد رد بيبي عاطفيا على ما يحصل، وهكذا تجاوز القانون غير المكتوب لزعماء الدولة على اجيالهم: لا يجب استفزاز الرئيس الامريكي. لقد سبق ان اهتزت فرائصنا عندما أوقفت الادارة لنا توريد السلاح تحت عنوان "اعادة التقويم"، ومرة عندما أجبرونا على الانسحاب من سيناء في حملة السويس. رام عمانويل، اليد اليمنى لاوباما سابقا، روى في مقابلات أخيرة عن "المزايدة" المهينة التي قام بها بيبي تجاه اوباما في الغرفة البيضوية وتأييده الاستفزازي لميت رومني. بيبي نسي بان زعيما اسرائيليا يستفز رئيسا يمس بقدرة الردع الامنية لاسرائيل.

في نظرة الى الوراء يبدو أن الانجاز الوحيد لحكومة نتنياهو حتى الان هو انها خفضت الخلوي. ولو لم يعتزل المسؤول عن هذا الانجاز السياسة لكان شعار الفائز يمكن أن يكون "كحلون للشلتون!" (كحلون للسلطة).