خبر رب البيت جُن حقاً- هآرتس

الساعة 09:04 ص|05 ديسمبر 2012

 

بقلم: تسفي برئيل

تحاول حكومة اسرائيل منذ خمس سنوات ان تعلم العالم الفرق بين حماس والسلطة الفلسطينية. وبين الأخيار والأشرار، وبين الارهابيين وطالبي السلام، وبين الوفرة والغنى اللذين حظي بهما الطائعون في الضفة وبين العُسر الفظيع الذي يستحقه الوقحون في غزة. ان جزئي دولة فلسطين واقعان تحت احتلال اسرائيلي. لكن ترى دول العالم ان احتلالا كلاسيكيا – احتلال "فرّق وسُد" و"العصا والجزرة" لم يزُل. ان ما كان ملائما لبريطانيا في الهند وفرنسا في الجزائر وايطاليا في ليبيا يُنسخ كاملا الى اسرائيل. فماذا تكون هذه الدول المنافقة بحيث ترفع اصبع الاتهام أمام ناظر الكسندر نتنياهو؟ ان 45 سنة نجاح للاحتلال تتحدث من تلقاء نفسها. وبقيت 87 سنة اخرى لتساوي مدة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين مدة سيطرة فرنسا على الجزائر، لكن اسرائيل قد أحرزت الهدف من جهة سكانية. لأن 8 في المائة من مجموع سكان المناطق هم من اليهود البيض. بقي درجتان مئويتان أخريان كي ننتصر.

سار كل شيء سيرا حسنا الى ان اختل شيء ما. ان شيئا ما يختل دائما. وكما لم يفهم الشاه الايراني لماذا لم يعد رعاياه يُحبونه وكما استخف حسني مبارك بحركة الاحتجاج وقال "دعوهم يتسلون" لم يفهم نتنياهو بعد كذلك ما الذي أصاب الفلسطينيين. ان المراقص في رام الله تعمل كما ينبغي، والمجمعات التجارية الجميلة في نماء ومدينة روابي قد أخذت تُبنى. وقد استقر رأيه هو الطيب والمُحسن قبل شهرين فقط على ان يحول الى السلطة الفلسطينية سلفة تبلغ 250 مليون شيكل من الاموال التي تستحقها من تحويل الضرائب. فهل يوجد محتل أكثر استنارة منه؟ ألم يُظهر تفهما لكون الواقع تحت المحتل يسير على معدته؟.

وفجأة نرى لدغة لليد المداعبة. فقد نشأت دولة فلسطينية بين يديه. ولم تكن حماس – التي يمكن قصفها وحصرها في القطاع أو قطع الكهرباء عنها – هي التي احتالت عليه تلك الحيلة القبيحة بل من يرعاه.

ان الجاني الفلسطيني اخطأ خطيئة مضاعفة فقد خان قواعد اللعب التي تقول انه يوجد طرف واحد فقط يحدد قواعد اللعب. وقد تناول في جدية شعار دولتين للشعبين. لكن الجريمة الكبرى حقا هي ان محمود عباس عرض نتنياهو مثل أداة فارغة. بل ان عباس نزع الغطاء الراتب عن المحتل الذي يقول ان "الأكثرية الآلية" فقط – أي دولا سوداء ومتخلفة – تؤيد دولة فلسطينية. وظهرت فجأة دول بيضاء ايضا الى جانبه.

لكن اسرائيل لا تخسر أبدا. فهي لا تتراجع بل "تنفصل"؛ وهي لا تفاوض ارهابيين بل "تتوصل الى تفاهمات"؛ وهي لا تعاقب بل "تكوي الوعي". لكن ماذا نفعل حينما يكون الفلسطينيون خاصة هم الذين يكوون الآن وعي اسرائيل ويُبينون لها أنها لم تعد تحتل "محليين" بل تحتل دولة معترفا بها؟ ان الكي صدمة شعورية قاسية. وهي في حال الزبون نتنياهو قد أخرجت الجنون الى الخارج.

أولا جمدوا للفلسطينيين من أموالهم 450 مليون شيكل، أليسوا مدينين بمال لشركة الكهرباء وسائر الخدمات، فلنقتطع الدين الآن. ما الذي حدث؟ ألا تفعل المصارف مثل هذه الامور بزبائنها كل يوم؟ ألم تُجمد الولايات المتحدة ودول اوروبا التي زُعزعت للرد الاسرائيلي أموال الحرس الثوري وكبار مسؤولي الادارة الايرانية؟ ويعلنون بعد ذلك عن بناء 3 آلاف شقة في المناطق. وهذه هي فقط "الخطوات المعتدلة"، كما قال وزير المالية يوفال شتاينيتس.

فما الذي سيأتي بعد ذلك؟ أحواجز طرق؟ أمنع خروج من المناطق؟ أتحديد تصدير؟ أحصار كما في غزة؟ ان "جميع الاختيارات مفتوحة" هو التعبير الذي يعلن عن نية الحرب. ويكفينا تنكر طالبي السلام. أيها الفلسطينيون الأعزاء إننا لا نخشى عقوبات الدول الغربية ولا القطيعة التجارية أو القطيعة الدبلوماسية. سنطلق النار على قدمينا الاثنتين ونقتلع عيننا على ان نقتلع عينيكما. ما زالت تنتظرنا سني احتلال طويلة ولن نتخلى عن أية واحدة منها.