خبر « إبراهيم شحادة »: حكاية مجاهد زُف إلى الحور العين بعد زواجه بشهر

الساعة 07:23 م|04 ديسمبر 2012

غزة

ليس أمام أسود وأبطال سرايا القدس خيار ثالث سوى خيار النصر أو الشهادة.. فهم الذين يدافعون عن كرامة الأمة وعزتها ضد غطرسة العدو الصهيوني الغاشم والنيل من أعداء الله.. مستمدين قوتهم من إيمانهم الكبير بالله وشرف الدفاع عن أرض فلسطين الحبيبة.

الشهيد المجاهد "إبراهيم شحادة" القائد الميداني للوحدة الصاروخية في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي بكتيبة الشهيد "حسام أبو حبل" بلواء الشمال، الذي لم يمض على زواجه سوى أربعين يوماً، فرغم حداثة زواجه لم يمنعه ذلك عن مقارعة بني صهيون، الذي يرتكب المجازر ليل نهار والدفاع عن أبناء شعبه، هو فارس صنديد وأحد أبرز المجاهدين العاملين على أرض الميدان، الذين أذاقوا العدو الصهيوني الويلات بمعركة السماء الزرقاء المباركة بالصواريخ المباركة.

"أبا تحسين" أسد الوحدة الصاروخية بلواء الشمال، زف عريساً قبل أن يزف شهيداً إلى الجنان بإذن الله، فارس الثأر والانتقام لدماء أبناء شعبنا، أحب الجهاد والمقاومة منذ نعومة أظفاره، قدم نفسه رخيصة ابتغاء مرضاة الله، "أبا تحسين" أنت لم ترحل عنا فأنت في القلب باقٍ، فلقد رحلت ورزقك الله بالشهادة.

بزوغ الفجر

ولد الشهيد القائد الميداني بسرايا القدس" إبراهيم محيسن محمد شحادة " في تاريخ 6/1/1990م بمخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة, ونشأ وترعرع في كنف أسرة مجاهدة ملتزمة بتعاليم الإسلام العظيم، حيث قدمت هذه العائلة العديد من الشهداء والمجاهدين على طريق ذات الشوكة، والذي كان من بينهم شقيقه الشهيد المجاهد احمد محيسن شحادة.

ودرس شهيدنا المرحلتين الابتدائية والإعدادية بمدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين وأنهى درس المرحلة الثانوية في مدرسة الشهيد أحمد الشقيري وواصل تعليمه حتى إلتحق بالكلية الجامعية تخصص إدارة أعمال.

الابتسامة لا تفارق محياه

والدة الشهيد المجاهد "إبراهيم شحادة" تحدث لمراسل موقع "الإعلام الحربي" بلواء شمال غزة, عن أبرز الصفات والسمات التي تميز بها نجلها"إبراهيم", حيث قالت: "لا أعرف من أين أبدأ لك عن الصفات التي تميز بها، وتعامله الطيب لي ولإخوانه وأخواته، فقد كان محترماً جداً، فكان يحب المساعدة للجميع ، حتى في عمل البيت معي ويقوم بالدور الذي أقوم به داخل البيت حتى يريحني، حنوناً على الأطفال أبناء إخوته وحنوناً على أخواته، وبدون مبالغة جميع الصفات الحلوة تجدها في إبراهيم رحمه الله".

وتابعت الأم الصابرة حديثها: "كان إبراهيم رحمه الله محبوباً من الجميع حتى من الجيران الذين لم يشتكوا منه منذ صغره ولحتى إستشهاده، فقد تربى تربية صالحة طيبة والحمد لله، وأذكر عندما جاء ليعقد قرانه على زوجته، قام أهل زوجته بالسؤال عنه وعن صفاته كعادة الناس وتفاجئوا بجواب الجميع أن إبراهيم من أفضل الشباب وأطيبهم، ولكنه يعمل في الوحدة الصاروخية لسرايا القدس فوافقت الزوجة وأهلها واختارته شريكاً لحياتها، وكانت نعم المرأة الصابرة المحتسبة أمرها عند الله تعالى، وهي الآن حامل بحمد الله بطفل وإن شاء الله سأسميه إبراهيم تيمناً بوالده، وحتى يحمل إسمه ونهجه ويقاوم العدو الصهيوني".

واستذكرت والدته مواقف كثيرة له تدل على حبه الشديد لوالدته وطاعته لها حيث قالت:" كان إبراهيم رحمه الله عندما يأتي من الرباط وعمله العسكري الخاص، يقوم بإحضار الطعام المعد له، فكنت أصحو من النوم وبجانبي الشاورما والكولا، ويقول لي خذي هذا مني إلك، فأقول له إلك هذا مش إلي، فيقول لي ما بهون عليا يا أمي أكل وأنتي ما تأكلي، أقوله تعشيت ما يرضى يأكل بالمرة، وكنت أجد في غرفته الخاصة به بداخلها حلويات وشوكولاته له، يقوم بوضعها لي حتى يطعمني إياها، وكان قبل زواجه ينام بجانبي لحبه الشديد لي، فأقول له روح نام في غرفتك ما يرضى إلا يضل بجانبي حتى بعد زواجه، عندما كانت زوجته تذهب للجامعة كان بمجرد خروجها للجامعة يأتي وينام بجانبي".

كما استذكرت موقفاً آخر له بعد زواج بثلاثة أيام حيث أنني قلت له في شهر6 القادم بدنا طفل صغير، فقال لي والله يا أمي زوجتي حامل، حتى أنه في يوم العيد عندما كنا نزور الأرحام ، كان يقول لأقربائه أن زوجته حامل، فقلت له يا إبراهيم شو يقولوا الناس يا إبراهيم ربنا إلي بعلم والحمد لله زوجته حامل.

وعن كيفية شعورها لحظة سماعها خبر إستشهاد نجلها إبراهيم قالت والدته:" عندما سمعت صوت الانفجار أحسست وبشدة أن المستهدف أحد أبنائي، لأنه تم القصف في الساحة المجاورة للمنزل، فقلت لهم اتصلوا على إبراهيم او على البيت فلم يتصلوا ، وقالوا ان القصف في مكان قريب فجاء ابن أخي للبيت، وقال يا عم تعال أقلك فقلت له شو في القصف هذا ، شعرت ان الاستهداف لاحد ابنائي بس في مين لا اعرف، فكانت صعبة جدا هذه اللحظة، فقلت الحمد لله واحد من أبنائي استشهد، فكانوا يخفون علي الخبر، وأنا أقول أن أحد أبنائي شهيد، أحسست كثيراً بها فجاء إبن أخي، وقال لي إبراهيم اتصاوب في القصف ما في خوف وإصابته طفيفة فحمدت الله، وتوجهنا بسرعة لمستشفى العودة وبعد لحظات أعلن عن إستشهاده، فحمدت الله عزوجل وما لي غير الصبر والاحتساب ولكن بكيت على فراقه كثيراً".

صديقاً للشهداء

بدوره قال والد الشهيد إبراهيم لمراسل موقع الإعلام الحربي بـ"لواء الشمال": لقد كان نجلي إبراهيم رحمه الله عندما يستشهد له صديق أو عزيز على قلبه يحزن حزناً شديداً، ولا ترى البسمة على وجهه نظراً لحبه الشديد لمن فقده، ونذكر منهم الشهيد القائد حسام أبو حبل والشهيد المجاهد جهاد عفانة والشهيد محمد عيد والشهيد محمود نجم والشهيد المجاهد محمد المغاري رحمهم الله".

وتابع والده الصابر المحتسب حديثه لـ"الاعلام الحربي": "الشهيد محمد المغاري كان رفيق دربه في الوحدة الصاروخية وتأثر عليه كثيراً لدرجة أننا قمنا بتزويجه حتى ينسى الحزن الذي خيم عليه، فلم يستطع ففي يوم عرسه تذكر محمد رحمه لله، حتى أنه بعد دفن جثماني الشهيدين محمد المغاري ومحمود نجم، قام إبراهيم رحمه الله بحفر قبر له بجانب الشهيد محمد المغاري، وقال لوالدته أن قبره جاهز فتم دفن جثمانه الطاهر بجانب قبره".

صاحب السرية التامة

زوجة الشهيد المجاهد "إبراهيم شحادة" تحدثت عن بداية زواجهما حيث قالت:" في بداية زواجنا كنت اعلم بعمله في صفوف سرايا القدس، فقال لي بدك اترك العمل وإلا أواصل، فقلت اله إلي بريحك ما بقدر أغصبك على شي، فقال لي أنا عملي خفيف جدا الآن بعد ما استشهد محمد المغاري، صار عملي الجهادي خفيف، فكان سري جداً لا اعلم عن عمله إلا القليل جداً، ولم يكن يوضح لي شيء، فكان في شهر رمضان السابق يدخل البيت قبل الفجر بلحظات، فكان لا يطلعني على عمله العسكري، فكنت أعرف من حركاته أنه يعمل في الوحدة الصاروخية، وكنت أرن على جواله بالليل ما يرد، أعرف أنه في عمل حتى قبل إستشهاده وفي العدوان الأخير، كنت اتصل عليه فكان يقول لي أنا في البيت ما تخافي علي ، وكان يعمل على اطلاق الصواريخ وشارك بفعالية في معركة السماء الزرقاء حسب ما أخبرنا به أصدقاءه فكان كتوماً جداً".

وحول شعورها لحظة تلقيها خبر إستشهاد زوجها إبراهيم قالت:" قبل إستشهاده قام بالإتصال علي، وقال لي بدي آجي أروحكم على البيت، فقلت له ما تيجي هلقيت بس تصير الهدنة اصبر لحظات، فقال لي هلقيت جاي أروحكم على البيت، وبعد لحظات صار صوت قصف فقمت بالاتصال على جوالاته فلم يرد ، وقمت بالاتصال على شقيقه الذي كان معه في البيت فكان جواله مغلق، أحسست بشيء ما، فاتصلت أختي وكانت تبكي وقلت لها شو في، قالت ولا حاجة كمان شوية بكلمك، وبعد لحظات كلمتني وقالت لي أن إبراهيم اتصاوب، وقلت لأعمامي وخوالي وجميع بالبيت أن إبراهيم استشهد، ومنعوني الذهاب للمستشفى فتوجهت وبالقوة لمستشفى العودة فكان أبي متواجد بالمستشفى، فقال لي العوض في وجه الله يا بنتي، فقلت له شو في ابراهيم راح، قال لا  فجاء أخي ضياء، وقال لي إبراهيم إستشهد رحمه الله، فتلقيت خبر إستشهاده بالصبر والاحتساب، ولم أبكي عليه لأنني صابرة والحمد لله، فقد كان رحمه الله يحب نوعاً من الحلويات والعطور، وقمت برش العطر على جثمانه الطاهر، ووزعنا الحلوى في وداعه".

والدة الشهيد المجاهد "محمد المغاري" وأثناء تواجدها في منزل عائلة الشهيد إبراهيم شحادة تحدثت لمراسل "الإعلام الحربي" بلواء "الشمال" عن آخر يوم رأته فيه حيث قالت:" في أول يوم في العدوان على غزة، جاء على بيتنا فقلت له إطلع يا إبني البيت بيتك، ما رضي وقال لي أنا ما معي جوالات ولا شئ مش عارف أخبار الدنيا بدي أروح، فقلت اله الله يسهل عليك، كنت بدي احكي له مثل ما حكيت لابني محمد رحمه الله طريقك خضرة يا ابني ما قدرت، وبعد يومين جاء إلى بيتنا ما كان أبنائي بالبيت فقال لي بدي أصلي خمس دقائق، فقلت له ادخل ما رضي حكالي عند ما يأتي احد من الابناء".

وتابعت حديثها قائلة: "قلت اله ادخل كمان مرة فكان في يده زرف صغير، فقال لي ما تخافي ما في حاجة، فقلت له مش خايف على إلي في ايدك خايف عليك ، ما بدي حد يشوفه في المنطقة، وجاء وصلى وكان معه شاب آخر، فجاء أبنائي على البيت، وجلسوا يتحدثون مع بعضهم، إلا ابني الكبير قال لي يا أمي بدهم يحكوا كلام في عملهم الخاص، وذهبت من عندهم فحديثهم مع بعضهم اخذ وقت، وبعد ما خلصوا ذهبوا وقال الي سلام يا ام عماد، فقلت اله أودعتك للذي لا تضيع ودائعه وبقيت انظر عليه حتى اختفى من الشارع، فكان آخر يوم رأيته فيه رحمه الله، والحمد لله رب العالمين توجهت الى المقبرة بعد دفنه مباشرة أنا وأولادي لزيارته، لأنني كنت اعتبره مثل ابني محمد المغاري رحمهم الله جميعاً".

رحلة الجهاد

"أبو عبد الله" احد مجاهدي الوحدة الصاروخية التابعة لسرايا القدس بكتيبة الشهيد حسام أبو حبل بلواء الشمال واحد رفقاء درب الشهيد القائد الميداني "ابراهيم شحادة " تحدث لـمراسل "الإعلام الحربي" بـ"لواء الشمال" عن ابرز المحطات الجهادية للشهيد حيث قال: التحق الشهيد أبا تحسين بحركة الجهاد الإسلامي في العام 2000 في مسجد الشهيد عز الدين القسام، وشارك في كافة فعاليات الحركة، ثم انتقل للعمل في صفوف الحركة في منطقة تل الزعتر التي انتقل للسكن بها، والتزم بمسجد الرحمة، ونظراً لإلتزامه الشديد وإلحاحه على قيادته تم إختياره ليكون مجاهداً بالسرايا عام 2003،  و من ثم انتقل للعمل في الوحدة الصاروخية لسرايا القدس عام 2009 ، ولنشاطه وإقدامه وحرصه على العمل، تنقل في الرتب العسكرية داخل الوحدة حتى أصبح مسئولاً للوحدة الصاروخية في كتيبة الشهيد حسام ابو حبل.

وأضاف:" لقد أثبت جدارته في عمله العسكري كونه تربى وتتلمذ على يد الشهيد القائد حسام أبو حبل، فكان أنيساً للمرابطين يقوم بالتواصل معهم وإحضار لهم ما يلزمهم، فكان لا يتوانى لحظة واحدة عن البذل والجود في سبيل الله، فكان من شدة عمله وتحركاته تصله تهديدات على جواله من العدو الصهيوني لمنعه عن مواصلة جهاده ، فكان يزداد إصراراً حيث انه قبل إستشهاده بيوم واحد، نجا من محاولة إغتيال صهيونية وأصيب إصابة طفيفة جداً أمام منزله".

واستذكر المجاهد "أبو عبد الله" موقفاً يدل على شجاعته وإخلاصه في العمل حيث قال:" في إحدى المهمات الجهادية كان في المنطقة المتواجدين فيها خطر شديد على المجاهدين، فقال لهم إرجعوا للخلف أنا سأذهب ولم يقم بأخذي معه، وقال لي سأذهب لوحدي وبعد خروجه من المكان، قلت له لماذا ذهبت لوحدك، فقال أنا ما أريد أن أخاطر على جميع الشباب، أستشهد أنا ولا يصيبكم أي شئ، فكان شديد الحرص على الإخوة المجاهدين وحبه الشديد لهم".

وعن أبرز العمليات والمهمات الجهادية التي كان لشهيدنا المجاهد "إبراهيم" شرف المشاركة بها:

- الرباط على الثغور لحماية أبناء شعبنا من اجتياحات الصهاينة وغدرهم.

- التصدي للاجتياحات الصهيونية المتكررة لشرق جباليا شمال قطاع غزة، ومشاركته الفاعلة في المحرقة الصهيونية شرق بلدة جباليا.

- تجهيز وإطلاق صواريخ القدس والجراد على المدن والمغتصبات الصهيونية.

- مشاركته الفاعلة في معركة السماء الزرقاء الجهادية، عبر قصف المدن الصهيونية بصواريخ الجراد.

- استهداف جيب عسكري صهيوني بمحررة دوغيت غرب بلدة بيت لاهيا بعبوة ناسفة.

- الاشتباك مع قوة صهيونية خاصة شرق بلدة جباليا شمال القطاع.

الرحيل للجنان

بعد هذه الرحلة الجهادية التي عبدت بالتضحيات الجسام في سبيل الله تعالى، وفي سبيل عزة هذا الوطن ولينعم أبناء شعبنا بالكرامة والحرية وليحققوا انتصارات عظيمة على الكيان الصهيوني كالتي حققوها في المعركة الاخيرة المشرفة، لبى شهيدنا المجاهد "إبراهيم شحادة" مساء الأربعاء الموافق 21/11/2012م نداء الجهاد، وبعد ان قام باستهداف المدن الصهيونية بصواريخ الجراد، أقدمت طائرات الغدر الصهيونية على اغتياله بالقرب من منزله في منطقة تل الزعتر شرق جباليا شمال القطاع غزة، فرحل شهيدنا المجاهد ابا تحسين الى علياء المجد والخلود بعد مسيرة حافلة بالجهاد والمقاومة في صفوف سرايا القدس، ليلحق بركب من أحبهم بالدنيا ورحلوا الى الجنان مقبلين غير مدبرين.