خبر الشيخ نافذ عزام يكتب: الفلسطينيون في الحرب الأخيرة ... فرص الوحدة تنتعش

الساعة 02:23 م|03 ديسمبر 2012

بقلم الشيخ/ أبو رشاد

عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي

احتلت القضية الفلسطينية طوال الوقت محور اهتمام العرب والمسلمين ، وكانت أهم القضايا التي تلتقي حولها مختلف التيارات والأفكار ، ومع المتغيرات العديدة التي شهدتها المنطقة والعالم حاول البعض الإيحاء بأن الاهتمام بفلسطين قد تراجع ، وأن القضية الفلسطينية ستصبح مثل قضايا أخرى عديدة وأراها النسيان ، إلا أن الحرب الأخيرة أعادت التأكيد على مدى تغلغل فلسطين في قلوب العرب والمسلمين وأيضاً أظهرت الحرب الأخيرة وبشكل قاطع المكانة التي تحتلها فلسطين في السياسة المعاصرة بالنسبة للأصدقاء والأعداء على حد سواء ، وكشفت كذلك عن مدى قدرة ودينامية الشعب الفلسطيني في دفاعه عن حقه واستعداده المدهش للصمود والتضحية بغض النظر عن الظروف والإمكانات ...

لابد من الاعتراف بأن الساحة الفلسطينية لم تكن تعيش الوضع الأمثل أي على صعيد العلاقات الداخلية بين القوى والشرائح المختلفة أو على صعيد الأوضاع السياسية والاقتصادية التي كانت توحي بالإحباط والتشاؤم ، وكانت القراءة غير واضحة فيما يخص المخاض الذي تعيشه المنطقة العربية ومواقف دول الربيع العربي تجاه القضية الفلسطينية ، ونحن هنا لا نقصد المواقف الإيديولوجية  والعاطفية التي نثق فيها تماماً ، لكن الحيرة كانت تتعلق بالمواقف العملية والخطوات السياسية للأنظمة الجديدة في الدول التي انتصرت فيها الثورات التي شعر المراقبون للشأن الفلسطيني ، والشعب الفلسطيني أيضاً أنها لم تصل إلى مستوى التفاؤل الذي رافق الثورات العربية بل وصل الأمر إلى حد انتشار مقولات حول القيود التي تعيق حركة الحكام الجدد وتمنعهم من التعبير عن قناعاتهم الفكرية والسياسية فيما يخص القضية الفلسطينية ، وأن تلال المشاكل التي خلفتها أنظمة الاستبداد ستمنع أي تواصل مع القضايا خارج نطاق القطر ، وستدفع تعقيدات الواقع وتعقيدات السياسة الدولية الحكام الجدد من تقديم النموذج الثوري الملهم للاستقلال والاستقرار ، فجاءت الحرب الأخيرة على غزة لتغير كثيراً من هذه المقولات ولتثبت أن هناك أثر ملموساً للتغيير الذي شهدته المنطقة حتى لو لم يصل الإسناد العربي لفلسطين إلى المستوى الذي عليه الواجب ويحتمه الانتماء المشترك ...

لقد كان الفضل لله أولاً ، وبعد ذلك للشعب الفلسطيني في غزة والضفة وأماكن اللجوء والشتات في شحذ همم العرب والمسلمين ، وفي إعطاء الأنظمة الجديدة قوة ومبرراً لتغيير السياسة النمطية السابقة ، فمرة جديدة يذهل الفلسطينيون العالم ويثبتون أن إرادة الحياة لدى الشعوب أقوى من كل أسلحة القتل والدمار التي يمتلكها المحتلون والمستعمرون ، لقد قدم الفلسطينيون درساً جديداً في الصمود والشجاعة والوعي وأظهروا للجميع حقيقة وطبيعة هذه المواجهة التي يقف فيها طرف مظلوم ومحاصر ولا يكاد يجد سلاحاً يدافع به عن نفسه وأرضه وحقه ومقدساته  ، وطرف يمتلك أعتى الأسلحة وأشدها فتكاً يقتل ويدمر ويصر على الاستمرار في احتلال الأرض وحرمان أصحابها من أبسط حقوقها ... صحيح أن الفلسطينيين عاشوا أياماً قاسية وكان هناك المئات من الشهداء والجرحى هذا غير الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة ، لكن الايجابيات والمكاسب كانت كبيرة ، أبرزها الموقف العربي الجديد الذي أثر على المعادلة وحد من تغول إسرائيلي وأيضاً إدراك العالم بأسره   بخروج إسرائيل عن كل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية وكان هناك مكسب هام فيما يخص الفلسطينيين أنفسهم ،    حيث توحدوا جميعاً متجاوزين الانقسام المؤسف والمستمر منذ سنوات ، وبدا واضحاً أن فلسطينيي الضفة الغربية قد تحدوا كل الظروف وشاركوا بقوة في مظاهر الدعم والتأييد لغزة ، ولم يكن موقف السلطة الفلسطينية هناك مختلفاً عن موقف الشعب هناك .

الوحدة باتت مطلوبة وبإلحاح أكثر من أي وقت مضى  ، وهذا ربما ما يكاد يجمع عليه الفلسطينيون على اختلاف أطيافهم ، وقد خلفت الحرب مناخاً لإنجاح المساعي للحصول على ذلك الهدف وهى فرصة ندعو الله ألا تضيع منا كما ضاعت فرص كثيرة سابقة ؟؟؟ّ!!!