خبر ينبغي ان نحادث حماس -هآرتس

الساعة 10:21 ص|03 ديسمبر 2012

ينبغي ان نحادث حماس -هآرتس

بقلم: أ. ب يهوشع

 (المضمون: ينبغي التوصل الى نوع ما من التحادث المباشر بين اسرائيل وحماس للاتفاق على اسقاط الحصار عن غزة وربط القطاع من جديد بالضفة الغربية كي يستطيع الفلسطينيون جميعا مفاوضة اسرائيل في اتفاق دائم يمنع التدهور الى دولة ثنائية القومية - المصدر).

        في حرب التحرير في 1948 قصف الاردنيون القدس الغربية اشهرا وضربوا عليها حصارا ومنعوا عن سكانها الماء والوقود. وقُتل في القصف وجرح مئات المدنيين لكنهم في اسرائيل لم يسموا الاردنيين ارهابيين بل أعداءا. وبعد ان أُحرز وقف اطلاق نار بدأت اسرائيل تفاوضا معلنا مع الاردنيين انتهى الى التوقيع على اتفاق الهدنة.

        قبل حرب الايام الستة قصف السوريون بلدات الجليل مدة سنين وقتلوا وجرحوا كثيرين؛ بل انه توجد في دستور حزب البعث السوري مادة تتحدث عن القضاء على اسرائيل ومع كل ذلك لم يُسم الاسرائيليين السوريين قط ارهابيين بل أعداءا بل توصلوا معهم الى اتفاقات منها اتفاق الفصل بين القوات بعد حرب يوم الغفران.

        ودعا المصريون بزعامة عبد الناصر مرارا كثيرة الى القضاء على اسرائيل بل كانوا يقصدون ذلك قُبيل حرب الايام الستة، لكن المستبد المصري لم يكن قط ارهابيا بل عدوا فقط. بل ان النازيين لم يُسموا ارهابيين وقد نفذوا اعمالهم الفظيعة وهم يرتدون الملابس العسكرية مكشوفين ظاهرين ومتصلين بسلطة واضحة ذات هوية. وقد كانوا أقسى عدو في تاريخ البشرية لكنهم لم يكونوا ارهابيين.

        حان وقت ان نكف عن تسمية حماس منظمة ارهاب وان نُعرفها بأنها عدو. ان استعمال مصطلح الارهاب المتضخم الذي يحبه رئيس الوزراء بصورة مميزة يشوش على القدرة على التوصل الى اتفاق طويل مع العدو اللدود هذا. ان حماس تسيطر اليوم على ارض ولها جيش ومؤسسات حكم ومحطة اذاعة، بل ان دولا كثيرة في العالم تعترف بها. فالمنظمة التي توجد لها دولة هي عدو لا منظمة ارهاب.

        أهذا اصطلاح لغوي فقط؟ لا، لأنه يمكن ان نحادث العدو وان نتوصل الى اتفاقات معه ايضا في حين لا يوجد معنى لمحادثة "منظمة ارهاب" ولا أمل في اتفاق. ولهذا توجد حاجة ملحة الى اعطاء شرعية مبدئية لمحاولة التوصل الى اتفاق مباشر ما مع حماس لأن الفلسطينيين جيراننا الى الأبد. وهم جيراننا القريبون واذا لم نتوصل معهم الى اتفاق فصل معقول فسنؤدي بأنفسنا الى اختيار الى حياة مشتركة في دولة ثنائية القومية تكون سيئة وخطيرة بالنسبة للطرفين. ولهذا فان التسوية مع حماس مهمة لا من اجل الهدوء على حدود غزة فقط بل من اجل إحداث أساس لانشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.

        منذ أخلت اسرائيل القطاع أخذت تظهر علامات مقلقة على ان سلطة حماس في غزة تفقد القدرة على فهم ما هو ممكن وما هو غير ممكن، وضربات اسرائيل العسكرية فضلا عن أنها لا تجعلها تستيقظ تعزز عدوانها النابع من الشعور بأنها ضحية. كيف حدث انه بعد الانسحاب من طرف واحد من غزة خصوصا انفجر العنف بقوة؟ يوجد متطرفون متدينون في كل مكان لكن ليست كل سلطة متطرفة تُعرض نفسها على هذا النحو دونما حاجة الى رد مدمر من الجيش الاسرائيلي الذي هو من أقوى الجيوش في العالم.

        من اجل ان نفهم وربما لمحاولة تغيير سلوك حماس الذي فيه أكثر من شيء من غريزة الانتحار، يجب ان يوجد تحادث حقيقي مباشر معها. وكما تحولت "المنظمة الارهابية"، أي م.ت.ف، الى السلطة الفلسطينية ينبغي ان نعامل "المنظمة الارهابية" الحماسية باعتبارها حكومة حماس.

        يوجد تناقض في أساس سلوك حماس، فمن جهة يخفق شعور صادق بالبطولة والجرأة لأنهم طردوا بلا شرط المستوطنين والجيش الاسرائيلي عن قطاع غزة. ويوجد من جهة اخرى شعور عميق بالاحباط لأن هذه العملية خصوصا فرضت عليهم حصارا عميقا في داخل منطقة ضيقة ليست مقطوعة عن اسرائيل فقط بل عن أبناء شعبهم في الضفة الغربية في الأساس.

        ولهذا فانهم يؤمنون وقد شجعهم نجاحهم في إبعاد الاسرائيليين عن القطاع بأنهم قادرون على إبعادهم عن سائر "الاراضي المحتلة" أو إرغامهم على الأقل على اسقاط الحصار. لكن لما كانوا لا يملكون الثقة باسرائيل ويؤمنون بأن قسمة الشعب الفلسطيني الى قسمين من مصلحتها، ولأنهم يعلمون أنها لن تحاول أبدا ان تحكم القطاع مرة اخرى – يختارون الطريقة التي أثبتت نفسها في القطاع في الماضي وهي العدوان الدائم بدل محاولة إعمار غزة من جهة اقتصادية ووقف العنف وانشاء حياة طبيعية (وربما يقنعون الاسرائيليين بذلك بتمكينهم من الاتصال باخوتهم في الضفة الغربية).

        لا يوجد عند الطرفين برغم وقف اطلاق النار شعور بأن دائرة العنف قد أُغلقت نهائيا بذلك. ان العنصر الانتحاري الذي يظهر الآن في القطاع يمكن ان يفضي بتشجيع ايران الآثم الى دمار وموت آخرين. ولهذا ينبغي السعي الى التوصل بالتفاوض المباشر مع الكف عن نسبة الطرفين الى الشيطانية الى خطة تسوية بين اسرائيل وحماس تكون قائمة على اربعة مباديء:

•       موافقة حماس على رقابة دولية متشددة على نزع كل سلاح هجومي مائل المسار من غزة.

•       فتح الممر بين قطاع غزة ومصر.

•       فتح الحدود مع اسرائيل من اجل عبور مراقب للعمال الفلسطينيين.

•       فتح تدريجي للممر الآمن بين غزة والضفة بحسب القواعد التي تم اقرارها في اوسلو من اجل البدء في اعادة بناء الوحدة الفلسطينية تمهيدا لتفاوض مع اسرائيل، لأن السلطة الفلسطينية لا تستطيع التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل من غير مشاركة حماس.

ان قرارات على مسائل قومية ذات أهمية رفيعة تقتضي تأييدا وطنيا واسعا. هكذا كانت الحال في اسرائيل ايضا فيما يتعلق بالخروج للحرب وفيما يتعلق بتسويات السلام، وهكذا هي الحال عند شعوب كثيرة في التاريخ. ولهذا فان محادثة حماس واعادة ربطها التدريجي بالشعب الفلسطيني في الضفة الغربية حيوي كي نستطيع التوصل بعد ذلك الى اتفاق على دولتين للشعبين كما يأمل أكثر الشعب في اسرائيل وان نمنع بذلك التدهور البطيء لكن الدائم نحو دولة ثنائية القومية.