خبر تذكروا تشرين الثاني المذنبون والخاسرون - يديعوت

الساعة 11:36 ص|02 ديسمبر 2012

ترجـمة خـاصة

تذكروا تشرين الثاني المذنبون والخاسرون - يديعوت

بقلم: عمانويل روزين

(المضمون: التايتنك تغرق وابو مازن منشغل باخراج سياسي خيالي. التايتنك تغرق وعندنا يرقص على الدكة رجال شعار ولا شبر. الوهم لاند، سبق أن قلنا؟ - المصدر).

تذكروا تشرين الثاني 2012. تذكروا هذا الشهر، الذي منح فيه الثنائي البيبرماني شرعية لحماس وثبتا بحكم الامر الواقع دولة حماستان في غزة، وفيه سجلنا انجازا دوليا مذهلا آخر (وضعنا لم يكن ابدا جيدا بهذا القدر) وخفضلنا الرأس امام اعتراف العالم بدولة فلسطين في الضفة الغربية، وفيه تحول سياسي يدعي بان الفسطينيين هم بالاجمال طفيليون ناطقون بالعربية ليصبح التيار السائد في قمة الحزب الحاكم. شهر أُخرج فيه، ويا له من أمر رمزي، جثمان ياسر عرفات، للفحص اذا كان عاد الى ربه بطريقة طبيعية ام برعاية أولئك الذين عندنا ممن لم يرق لهم جارنا.

تذكروا تشرين الثاني 2012 وانظروا الى بضعة اشهر الى الامام. يصعب التصديق، ولكن في ايلول القادم ستحل الذكرى العشرين لمصافحة رابين وعرفات في البيت الابيض والمحاولة الاسرائيلية – الفلسطينية لانهاء النزاع الذي يمنع استمرار وجوده كل امكانية للحياة الطبيعية على قطعة الارض هذه. يمكن أن نكتب الكثير وان نحلل الى ما لا نهاية تاريخ العشرين سنة الضائعة هذه، ولكن يمكن أن نجمل كل شيء في جملة قصيرة واحدة: هذه كانت سنوات قصرت فيها يد اولئك الذين ارادوا الحديث والتقدم مقابل الكثيرين الذين وجدوا كل ذريعة كي لا يجتازوا الروبيكون نحو حل تاريخي.

المذنبون في هذا التفويت للفرصة ليسوا المتطرفين في الطرفين. فالمتطرفون يقولون حقيقتهم. وهم غير معنيين بالمصالحة وبانهاء النزاع. واستمرار النزاع هو خبز يومهم وحقهم في الوجود. المذنبون هم اولئك الذين يعرفون بان الوضع الحالي سيؤدي الى المصيبة، ولكنهم يتجمدون ويفشلون في الطريق الى اصلاحه ويستبدلون الفعل والشجاعة السياسية بالثرثرة الحماسية لتراشق الكلام القاسي والتشهير. وهؤلاء المذنبون يوجدون في الطرفين.

من جانب ما هناك رئيس وزراء يقول "دولتين للشعبين" ولا يقصد هذا للحظة، ومن الجانب الاخر رئيس سلطة مثل سلفه الذي ذعر امام ايهود باراك هكذا ايضا تخوف وتردد امام ايهود اولمرت وفضل الان حيلة رخيصة من العلاقات العامة على الفرصة لان يكون  رئيسا حقيقيا لدولة حقيقية.

ليس لدي اهتمام في أن اقيس هنا نسبة الذنب واقرر من المذنب ايضا ومن المذنب أقل. ولست متأثرا بانجاز ابو مازن في الامم المتحدة، كما أن ليس في قلبي انفعال من الرد المتعالي الذي صدر عن القدس على هذه الخطوة. ففي المرآة التاريخية يبدو الطرفان هذا الاسبوع مثيرين للشفقة بالاساس. يعيشون في الوهم لاند. يلعبون بالكلمات ويعوضون أنفسهم بصفحات البيانات. ينفخون الصدر بفخار دون أن يفهموا أو يعترفوا بان الطرفين خاسران، بينما تواصل الساعة الدق في الطريق نحو الكارثة التي تنضج خلف الزاوية. في محاكمة التاريخ هذه، بعد أن تقع المصيبة، سيتهم الزعيمان، ابو مازن ونتنياهو كل الآخر وكل واحد بمفرده بالاهمال الاجرامي وبانعدام المسؤولية المتطرفة.

من لم يكن يريد عرفات، حصل على ابو مازن. ومن لم يؤمن بابو مازن، حصل على خالد مشعل واسماعيل هنية. من لم يتمكن من الاتفاق مع شارون، باراك واولمرت حصل على نتنياهو، ومن لم يتمكن من استخدام خطاب بار ايلان لنتنياهو حصل الان على بيبرمان معززا في شكل فايغلين وداني دانون. وبينما لا يتحدثان ويتلويان وينشغلان بالمعارك اللفظية وبطرح الشروط الغبية على وجود مسيرة سياسية حقيقية، ينشأ ويتعزز حولهما اولئك الذين حقا لا يريدون حتى الظل الهزيل للحل.

تذكروا تشرين الثاني 2012. الشهر الذي كف فيه خالد مشعل عن ان يكون كلمة فظة في البيت الابيض وموشيه فايغلين كف عن ان يكون شخصية غير مرغوب فيها في الليكود. ببطء ولكن بثبات يتغلب هنا صوت وقوة اولئك الذين هم مستعدون لان يفجروا كل شيء  على الا تقسم البلاد او لا سمح الله يتنازلوا عن حرف من رؤياهم وحلمهم. التايتنك تغرق وابو مازن منشغل باخراج سياسي خيالي. التايتنك تغرق وعندنا يرقص على الدكة رجال شعار ولا شبر. الوهم لاند، سبق أن قلنا؟