خبر يوم فرح لمحبي السلام.. معاريف

الساعة 10:41 ص|30 نوفمبر 2012

بقلم: أوري أفنيري

(المضمون: اذا لم يكن تغيير على الارض، فان جذور الابرتهايد ستتعمق وتتعزز، ولكن الكفاح من أجل السلام – السلام القائم على التعايش بين دولة اسرائيل ودولة فسطين – تقدم بخطوة هامة - المصدر).

كان هذا يوم فرح. فرح للشعب الفلسطيني ولكل من يأمل في السلام بين اسرائيل والعالم العربي. وبقدر متواضع، فرح خاص لي أيضا.

في أثناء حرب 48، والتي شرع الفلسطينيون فيها في أعقاب قرار 29 تشرين الثاني، توصلت الى الاستنتاج بانه يوجد شعب فلسطيني وان اقامة دولة فلسطينية، الى جانب دولتنا الجديدة، هو شرط ضروري للسلام. وكجندي بسيط، شاركت في كثير من الاعمال العسكرية ضد السكان العرب في البلاد. رأيت مدنا وقرى دمرت وهجرت. لزمن طويل قبل أن أرى أمامي الجندي المصري الاول رأيت الفلسطينيين يقاتلون في سبيل ما كان وطنهم.

قبل الحرب أملت في أن ننجح في الحفاظ على وحدة البلاد، الغالية جدا على الشعبين. واقنعتني الحرب بان الواقع حطم هذا الحلم الى الابد.

كنت لا أزال أرتدي البزة العسكرية عندما شرعت، في بداية 1949، بمبادرة لتجسيد ما يسمى اليوم "حل الدولتين". التقيت بعربيين شابين – رستم بستوني العربي المسلم وجبر معدي العربي الدرزي – كي أحث هذه المبادرة. وقد بدا هذا في حينه كمهامة متعذرة. "فلسطين" شطبت من الخريطة. 78 في المائة من البلاد أصبحت دولة اسرائيل، أما الـ 22 في المائة المتبقية فوزعت بين الاردن ومصر. ونفت المؤسسة الاسرائيلية الرسمية نفيا قاطعا وبغضب مجرد وجود شعب فلسطيني. وتحول هذا النفي حقا الى موضوع ايمان. في وقت لاحق أعلنت غولدا مائير، كما يذكر، بانه "لا يوجد شيء كهذا شعب فلسطيني". وكتب معلقون محترمون كتبا "تثبت" بان العرب الفلسطينيين هم متخفون، وبشكل عام جاءوا الى البلاد في الزمن الاخير فقط. وكانت القيادة الاسرائيلية واثقة بان "المشكلة الفلسطينية" اختفت، مرة واحدة والى الابد.

في 1949 لم يكن في العالم كله مائة شخص يؤمنون بهذا الحل. ولم تؤيده أي دولة واحدة في العالم. الدول العربية آمنت بان اسرائيل ببساطة ستختفي. بريطانيا أيدت دولتها الدمية، الاردن. وكان للولايات المتحدة طغاتها في المنطقة. أما الاتحاد السوفياتي بقيادة ستالين فأيدت اسرائيل.

كنا وحيدين في المعركة. وعلى مدى الاربعين سنة التالية طرحت هذا الموضوع كل اسبوع تقريبا على صفحات صحيفة "هعولام هزيه". وعندما انتخبت للكنيست فعلت ذات الشيء، وبعد ذلك عملت هكذا في "كتلة السلام".

في 1969 سافرت الى واشنطن كي أنشر هذه الفكرة هناك. استقبلوني بكياسة في وزارة الخارجية، في البيت الابيض، في بعثة الولايات المتحدة الى الامم المتحدة وكذا سناتورات وأعضاء كونغرس وابو قرار 242 (لورد كردون). وكان الجواب الموحد لهم جميعا دون استثناء: دولة فلسطينية غير واردة.

عندما نشرت كتابا كان مكرسا لهذا الحل، نشرت م.ت.ف في بيروت هجوما حادا عليّ سمي "اوري افنيري والصهيونية الجديدة". وها هو الان يوجد اجماع عالمي على أنه لا يحتمل أي حل سلمي لا يقوم على أساس اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.

ومع أنه في النظرة الاولى يخيل أن القرار لا يغير شيئا. ولكن في النظرة الاولى فقط. ما حصل أمس هو أن الاسرة الدولية قررت الان رسميا بان هدفها هو اقامة دولة فلسطين. "حل الدولتين" هو الان الحل الوحيد المطروح على الطاولة. "حل الدولة الواحدة"، اذا كان وجد في اي وقت من الاوقات، فقد مات كالديناصورات رحمها الله.

ومع أنه اذا لم يكن تغيير على الارض، فان جذور الابرتهايد ستتعمق وتتعزز، ولكن الكفاح من أجل السلام – السلام القائم على التعايش بين دولة اسرائيل ودولة فسطين – تقدم بخطوة هامة.