خبر بلا تفضل.. يديعوت

الساعة 12:24 م|27 نوفمبر 2012

بقلم: ايتان هابر

(المضمون: ترك اهود باراك الساحة السياسية الاسرائيلية لأنه بشخصيته الفريدة لا يستطيع ان يتحمل الهزيمة في صناديق الاقتراع - المصدر).

ان اهود باراك، كما عرفته من قريب لعشرات السنين هو الولد المدلل للسياسة الاسرائيلية. لا يعني هذا انه لم يكن يجب عليه ان يجتهد هنا وهناك لكنه بخلاف الآخرين أتاهُ كل شيء تقريبا بسهولة نسبية. وقد قالوا عنه منذ كان حدثا انه "سيكون"... سيكون جنرالا في الجيش الاسرائيلي. وسيكون رئيسا للاركان وسيكون وزيرا للدفاع، وسيكون رئيسا للوزراء. وقد كان. وقد أجلّه اسحق رابين جدا. وتأثر اسحق شمير به. وتنبأ له شمعون بيرس بالعظائم والأمجاد. وأجلّه بيبي نتنياهو (وعائلته). ولم يُجلّ اهود باراك في حياته سوى انسان واحد هو نفسه.

رأى نفسه بحق أو بغير حق دائما طوال طريقه ومناصبه كلها زعيما أفضل من زعماء آخرين، وفاهما أفضل من فاهمين آخرين. وقد برز في الجيش الاسرائيلي قبل سن العشرين في دورية هيئة القيادة العامة أكثر من ذوي الرتب والقادة الآخرين في الزعامة والقيادة العسكرية والذكاء والدهاء في مواجهة العدو وفي كل شيء.

لقد عرف كل شيء عن كل شيء: عن سرطان البنكرياس مثل طبيب أمراض داخلية، وعرف عن تشايكوفسكي مثل قائد فرقة في الهرمونية، وعن التاريخ اليهودي مثل بروفيسور في الفكر الاسرائيلي، وعرف ايضا عن "باتيك فيليب" (ساعات غالية الثمن) و"دافيدوف" (سيجار).

ان اهود باراك بخلاف كثيرين آخرين يحاربون عن مواقعهم في السياسة الاسرائيلية أتاهُ كل شيء بسهولة نسبية: فقد عرضوا عليه ان يكون وزيرا للداخلية، وتحول من هناك ليصبح وزيرا للخارجية، وكان فوزه في انتخابات رئاسة الوزراء هو الأكثر اكتساحا في التاريخ الاسرائيلي (الى ان جاء الفشل بعد ذلك)، وعاد الى وزارة الدفاع مع إجلال كبير من وزارة الدفاع.

كان وزير الدفاع الذي لا يوجد سواه، وهو الذي كان تاج الأساطير معقودا على رأسه بسبب عمليات مجهولة ولا نظير لها ايضا على نحو عام. كان ذهن فوار كذهنه فقط يستطيع ان يُبدع عملية اغتيال لصدام حسين حاكم العراق فشلت في تساليم ب. لكن لا أحد وجه دعاوى عليه بسبب جنون قتله لأبو جهاد على مبعدة آلاف الأميال عن البيت بعملية جريئة مدهشة في تونس البعيدة.

بيد انه كان لاهود باراك وما يزال نقص منعه ويمنعه وسيمنعه دائما من ان يكون سياسيا في اسرائيل، فهو من أعلى مناصبه ومواهبه لم يحسب حسابا لأحد. فالجميع مطلوب اليهم ان يفعلوا ما يشاء. وهو لم يتخلَ قط: أنا أريد ان يكون ذلك – وهو ما كان في نهاية الامر. وقد عرف كل شيء أفضل من الجميع وكان على حق في الكثير جدا من الحالات. وهو لم يكن قط صاحبا لأحد ولم أر قط أحدا يُربت على كتفه في ود. ولم يتلفظ قط بشتيمة ولم يكد يقول – اذا قال – كلمة سيئة عن شخص ما (ما عدا غابي اشكنازي).

في السياسة عامة وفي اسرائيل خاصة حيث كل سياسي يستكين ويتملق الجميع لا تُطاق صفات اهود باراك هذه: فقد تدهور وضعه من كونه العزيز على الشعب مع عشرات الآلاف الذين يهتفون له في ميدان رابين في ليلة فوزه في الانتخابات الى وضعه المتدني الحالي في السياسة. قد لا يشتاق الى السياسة لكن الأمن سيشتاق اليه.

اليكم تخمينا: قال باراك في نفسه من أعلى مكانته المتدهورة وللمحيطين به قبل ان يقرر – "ألا تريدونني؟ لا يجب ذلك وبلا تفضل". فهو لا يريد ان يحمل على ظهره كومة من اعضاء الكنيست يدخلون دار الكنيست بفضله وهو غير مستعد في الأساس لمواجهة هزيمة في صناديق الاقتراع. هذا هو الرجل للأحسن أو للأسوأ.

الآن اذا أراده نتنياهو وزيرا للدفاع فسيأتي الى الحكومة وإلا فـ "بلا تفضل".