خبر زمن المسلمات.. معاريف

الساعة 03:51 م|25 نوفمبر 2012


بقلم: تشيلو روزنبرغ

مؤرخ ومختص في الامن القومي

(المضمون: غزة هي حجر رحى على رقبة اسرائيل. لا حاجة الى الحصار. كل التهديدات بجب وسائل قتالية متطورة لن تجدي نفعا. حتى لو كانت كل غزة مليئة بالسلاح، فانها تبقى لا تشكل تهديدا وجوديا على اسرائيل - المصدر).

الان، بعد ان تبدد "عمود السحاب" خير نفعل اذا ما توصلنا الى عدة استنتاجات ومسلمات تتعلق بمسألة الواقع الجديد الذي يتبلور امام ناظرينا. حان الوقت لترك السياسة الحماسية والتصريحات غير المسؤولة والكف عن استخدام الخطابة التي تقصد بكاملها الاصوات في صناديق الاقتراع. يجب النظر الى الواقع بعيون واعية من أجل مستقبل المجتمع الاسرائيلي.

أولا، تعلمنا انه محظور أن نغرس في قلوب الناس آمالا عابثة، سواء كنت في المعارضة أم في الائتلاف. الواقع قد يصفعنا على وجوهنا وان يجرحها بشدة. فأقوال من قبيل: يتبين أننا كان بوسعنا أن نرى على نحو صحيح ما لم يروه بعماهم. فهم ليس فقط لم يروا الخطر، حين ثار، بل أبدوا ضعفا حياله. تجلدوا، فتبنوا التهدئة، وسمحوا لحماس بالتسلح بالصواريخ أكثر فأكثر. وفي النهاية، عندما انطلقوا الى العملية، قام الجيش الاسرائيلي بعمل استثنائي، تسيبي لفني وحكومة كديما أوقفتا الجيش الاسرائيلي قبل استكمال المهمة. نحن سنعيد الامن لسكان عسقلان، لسكان اسدود، لسكان سديروت وبئر السبع ويفني. نحن سنعيد الامن لسكان اسرائيل". هذه أقوال خطيرة للغاية. فالكل يعرف من قالها وفي اي سياق. حتى لو كنت في المعارضة، يجدر بك الحذر من غرس آمال عابثة في قلوب المواطنين إذ يحتمل أن يأتي يوم تكون فيه رئيس الوزراء ولم تتمكن من تحقيق ما وعدت به حين كنت معارضا. الواقع سيصفعك على الوجه.

في حرب غزة الاخيرة فهم زعماؤنا بانه لا يمكن الاستهتار بالعالم بأسره، وبالمقابل تلقي مساعدته. ولن نكشف عن اسرار كتيمة اذا قلنا ان هذه المرة أيضا عملت الدبلوماسية بكامل القوة. حقيقة هي أن زعماءنا ما كان بوسعهم ان يتجاهلوا الضغط الدولي بوقف الحرب، حتى لو تلقينا شرعية للاعمال في غزة.

معقول الافتراض بانه مورست ضغوط شديدة للغاية على كل الاطراف الى أن اعطت نتائج. فقد تبين ان لاوباما نفوذا على الرئيس مرسي، رجل الاخوان المسلمين، الذي فعل كل شيء كي يجبر قادة حماس على الوصول الى تسوية. واسرائيل يمكنها بالتأكيد ان تشكر اوباما، على الاقل، على أنه أمسك بالخيوط نحو اتفاق وقف النار. لقد حام تقرير غولدستون كالسحاب الكثيف فوق رؤوس زعماء اسرائيل والجيش الاسرائيلي. فليس فقط الاعمال الدقيقة جدا التي قام بها سلاح الجو، بل وايضا الامتناع عن أعمال برية كان من شأنها أن تلحق خسائر كثيرة في أوساط سكان غزة، هي نتيجة وجود تقرير غولدستون في الوعي الاسرائيلي.

لن يبعد اليوم الذي يفهم فيه بان غزة هي حجر رحى على رقبة اسرائيل. لا حاجة الى الحصار. كل التهديدات بجب وسائل قتالية متطورة لن تجدي نفعا. فالسلاح المتطور قابل للاصابة بما لا يقاس اكثر من الانابيب البدائية التي تطلق اليوم. وحتى لو كانت كل غزة مليئة بالسلاح، فانها تبقى لا تشكل تهديدا وجوديا على اسرائيل. غزة للغزيين ولاخوانهم العرب. هذا هو الحل الوحيد الحقيقي. خسارة أنه لا يوجد زعيم في اسرائيل يقول هذا على رؤوس الاشهاد. أمن مواطني اسرائيل أهم من كل الحملات الانتخابية أو القرصات السياسية. محظور مناكفة الاصدقاء في العالم إذ مع حلول اليوم سنحتاجهم.