خبر معركة اعلامية غير متكافئة..مصطفى ابراهيم

الساعة 07:12 ص|25 نوفمبر 2012

قام الصحافيون الفلسطينيين العاملين في وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية بدور كبير في نقل الاخبار والصورة عن العدوان الهمجي والإجرامي على قطاع، واستهدفت قوات الاحتلال وسائل الاعلام المحلية خاصة فضائية القدس وتلفزيون الاقصى المحطة الارضية، واستشهد ثلاثة صحافيين فلسطينيين، وأصيب اكثر من عشرة صحافيين بعض منهم اصابتهم خطيرة، كل ذلك لتغييب الصورة وتخويف الصحافيين الفلسطينيين من العمل والانحياز لقضيتهم والضحايا، وعمل الصحافيين الفلسطينيين تحت ظروف غاية في الخطورة والخوف والصعوبة وكانت حياتهم مهددة في كل لحظة.

وخاض الصحافيون الفلسطينيين والناشطين معارك كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر، كل ذلك كان عمل رائع وكبير لكنه لم يكن ضمن خطة وطنية شاملة ومدروسة تبرز القصص الانسانية والضحايا.

إلا انه من الملاحظ الفرق الشاسع والمقارنة غير المتكافئة في التغطية الاعلامية التي قامت بها دولة الاحتلال والفلسطينيين من خلال التخطيط المسبق الذي قامت به دولة الاحتلال، ووضع خطة كاملة للدعاية في جميع انحاء العالم اشرفت عليها وزارة الخارجية لبث الدعاية والتواصل والاتصال بكل وسائل الاعلام الاجنبية بما فيها العربية وإصدار البيانات الصحافية وتوزيع الصور والمقابلات الصحافية، ما دفع وزير الخارجية افغيدور ليبرمان للثناء عليهم في مؤتمره الصحافي على دور وزارة الخارجية على دور الوزارة والعاملين فيها على الدور الكبير الذي قامت به في نقل ما يدور من معارك.

وقامت الرقابة العسكرية ومكتب الدعاية بمراقبة كل وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لمنع بث أي صورة للضحايا الفلسطينيين خاصة من الاطفال والتركيز فقط على صور الضحايا الاسرائيليين، وركزت مجموعات المتطوعين الاسرائيليين على منع بث صور اشلاء الاطفال الفلسطينيين وبث دعاية مضادة ضدهم في الصحف الاوربية والأمريكية.

حتى رئيس اسرائيل شمعون بيرس قام بدور كبير وكأنه ناطق اعلامي باسم الحكومة وغير عادي في الاعلام واجرى عشرات المقابلات التلفزيونية والصحافية مع وكالات الاخبار العالمية وادعى انهم لا يستهدفون المدنيين الفلسطينيين انما “الارهابيين” ولا يريدون شن عملية برية على غزة، بل الفلسطينيين هم من يمارسون الارهاب والعنف ضد الاسرائيليين الامنين.

وتجنيد مئات المتطوعين اليهود والأجانب علاوة على الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتوتير الذين يجيدون اللغات الانجليزية والفرنسية وألمانية والاسبانية لنقل الاخبار وصور “الضحايا الإسرائيليين”، وتعرض اسرائيل لصورايخ المقاومة و”ارهاب” الفلسطينيين، وتواجد هؤلاء في اكثر من مكان من مدن الجنوب وجميع انحاء اسرائيل وكانوا يعملوا ضمن خطة واحدة نقل الصورة، والضحايا الاسرائيليين وتعرضهم للقتل من صواريخ المقاومة، وفي اماكن خصصت لهم، وتوفير كل الادوات والإمكانات لهم، لنقل صور وجعلوا من الاسرائيليين الضحايا ونحن الجلاد.

وتجندت كل وسائل الاعلام الاسرائيلية المرئية والمسموعة والمقروءة على التحريض على العدوان وقتل الفلسطينيين وكان للقنوات التلفزيونية دور كبير ومهم في التحريض على العدوان والذي بدء قبل ان تبدأ الغارات الجوية والقتل، وبرزت اصوات قميئة بين الصحافيين الاسرائيليين لتبرير العدوان والقتل وهناك اسماء كبيرة من الصحافيين الاسرائيليين تجندوا للحرب ضد الفلسطينيين في غزة.

وانطلق الاسرائيليون من ذلك من خلال استخلاص العبر بعد حرب لبنان في العام 2006، وعدوان 2008 على قطاع غزة، والتقرير الذي اعده مراقب الدولة ووصف الدعاية الاسرائيلية اثناء العدوان بالفاشلة، وغياب الجهد المنسق بين كافة الجهات، وقدم كذلك تقرير المراقبة في الكنيست لعدم تكرار أي فشل في المستقبل.

فمنذ بدء عدوان الايام الثمانية على قطاع غزة والصحافيين الاسرائيليين يكذبون ويشنون حربا قذرة ضد الفلسطينيين، فالمتابع لوسائل الإعلام الإسرائيلية خاصة المرئية والمسموعة منها يشعر الحقد والكراهية والعنف والكذب بداخل معظم الصحافيين الإسرائيليين الذين توحدوا جميعا من اجل قتل الفلسطينيين، وبث الكذب والتحريض والإشاعات حول الفلسطينيين وفصائل المقاومة، والتبرير للعدوان، وتغييب الصورة عن ما يجري في غزة من قتل وجرائم ترتكب بحق الفلسطينيين.

ومع فشل الاعلام الاسرائيلي في تبرير العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة إلا انه نجح في المساواة بين الضحية والجلاد، ومثال على ذلك استطلاع الرأي الذي نشره موقع “س أن أن” ان 57% من قراء الموقع يؤيدون العدوان على قطاع غزة بحجة الدفاع عن المستوطنين في الجنوب.

وهذا يؤكد فشل الاعلام الفلسطيني المرئي في مواجهة الدعاية الاسرائيلية، والدفاع عن دم الاطفال ويوضح ان الاعلام غير متكافئ، ولعب هذه المرة لصالح اسرائيل مقابل عدوان 2008، والذي قام الاعلام الفلسطيني بنقل الصور والقصص الانسانية اكثر من الاخبار.

وفي ظل المعركة الاعلامية غير المتكافئة برز غياب واضح للجهود الفلسطينية الموحدة وتوحيد خطاب اعلامي فلسطيني يقارن بين الضحية والجلاد وكانت جهود الصحافيين فردية وموجهة في معظمها الى الداخل الفلسطيني، وهذا ما حذرنا منه جميعاً، ولم نستخلص العبر من العدوان الاسرائيلي المستمر منذ سنوات والتحريض الدائم بشن عدوان وتصويرنا “بالإرهابيين”، وكذلك من عدوان 2008، الذي اعتمد على جهد خاص وفردي من الصحافيين وبعض المؤسسات الصحافية الخاصة والتي تميزت بحس وطني عال.

وغاب التحشيد لكل المجموعات الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل موحد بناء على خطة عمل وطنية تنطلق من المصلحة الوطنية العليا تخاطب المجتمع الدولي، وبث الدعاية المضادة للدعاية الاسرائيلية التي تواجدت في كل انحاء الدنيا.

وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي قامت به الفضائيات الفلسطينية المحلية خاصة الاقصى وفلسطين اليوم وتلفزيون وكالة معا الاخبارية، وأحيانا تلفزيون فلسطين الذي انشغل في معركة الامم المتحدة، إلا ان الفضائيات الحزبية الاقصى وفلسطين اليوم والقدس قدمت خطابا اعلاميا حربيا ونقل اخبار المعارك وانتصارات المقاومة وأعداد الشهداء والجرحى.

مع عدم نكران نقلها صور الضحايا والبيوت المدمرة وتشريد الفلسطينيين واستهدافهم إلا انها لم تكن موحدة، ولم تعمل ضمن خطة اعلامية واضحة ومنسقة وتوزيع الأدوار، وغاب تلفزيون فلسطين عن التغطية الحقيقية بان يكون تلفزيون الوطن ونقل القصص الانسانية وصور الضحايا، ويأخذ على عاتقه ان يوجه كل جهده على نقل الصورة عن الضحايا وان يبرز معاناة الناس اليومية وحجم الدمار الذي اصاب المنازل والسكان وهمجية الاحتلال وجرائمه.

كما لم يكن الاعلام العربي على مستوى الحدث ولم تكن تغطية الجزيرة والعربية للعدوان الهمجي التي شنته اسرائيل مقارنة بفترات سابقة كان لها دور مميز، وكان دور ملحوظ لقناة الميادين التلفزيونية وتغطيتها الاحداث بمهنية والانحياز للضحايا، لكن ليس بمستوى الاقصى وفلسطين اليوم والقدس، فيما شنت بعض وسائل الاعلام المصرية حربا غير شريفة على الفلسطينيين في غزة.

وكان الخطأ القاتل في تصوير قتل مجموعة من المتعاونين مع الاحتلال والتمثيل بجثثهم وجرهم من قبل من مجموعة من الشبان و نقلتها معظم وسائل الاعلام العالمية في خضم العدوان والقتل وتناثر اشلاء الاطفال، وتدمير البيوت فوق رؤوس قاطنيها، وما لحق ذلك من سوء بصورة الفلسطينيين وآثار سلبية التي اثرت على الصور الانسانية التي كان يعدها بعض الصحافيين.

اتمنى ان نستخلص العبر فنحن شعب تحت الاحتلال والعدوان الاسرائيلي مستمر ويجب وضع خطة وطنية شاملة ومدروسة تخدم المصلحة الوطنية العليا لمواجهة الدعاية الاسرائيلية في المساواة بين الضحية والجلاد.