خبر قاتلوا الاطفال وصائد العصافير/ مصطفى إبراهيم

الساعة 08:58 ص|24 نوفمبر 2012

ليس صعبا على الفلسطينيين التصديق ما تقوم به آلة القتل الاسرائيلية، التاريخ وذكريات الاجداد والآباء لا تنسى، فهي حاضرة في عقولهم وقلوبهم ووجدانهم في وقت الهدوء النسبي في حياتهم وفي العدوان اليومي المستمر، ونوايا قادة دولة اسرائيل مستمرة في كي الوعي وكسر ارادة الفلسطينيين وعزيمتهم، ونشوة النصر النسبي والمعنوي الذي حققته المقاومة بضرب عمق اسرائيل، وهم يدركون ان ذلك لا يحقق النصر النهائي ودحر الاحتلال، لكنه يحقق الغرور الداخلي المؤقت وقدرتهم على الرد انهم يهددون دولة الارهاب بكل قدراتها، ولم يعود الناس للتفكير بعقلية الثأر والانتقام، بل بالحلم القائم وحقهم بالعودة وإقامة دولتهم على ارض فلسطين.

وليس سهلا عليهم ان يقنعوا انفسهم ان القتل المستمر والحرب النفسية والتاريخ يعود فقط الى اربع سنوات ماضية تاريخ عملية ما يسمى الرصاص المصبوب في 2009،2008، وما ارتكبت خلالها من جرائم بحقهم، وقتل الاطفال والنساء وتدمير المنازل على رؤوس قاطنيها، يحدث خلال العدوان المستمر منذ سبعة ايام ضدنا في قطاع غزة بكل تفاصيله.

لم يعد العقل والقلب قادراً على احتمال صور ومشاهد الدم و قتل الاطفال، وتتمرد الذاكرة على النسيان وتصر على الاحتفاظ بصور اطفال بعمر الورد مسجين لن يعودوا لأحضان امهاتهم، كيف تنسى الذاكرة صورة الطفل عبد الرحمن نعيم عامان، واحتضنه والده الطبيب في مستشفى الشفاء منذ ثمانية ايام وهو شهيد ودمه ينزف.

عائلات كاملة تقتل بدم بارد، الأطفال والنساء داخل منازلهم، ومقتل أطفال حجازي لا يتجاوز أكبرهم الاربع سنوات قتلوا ردما تحت الانقاض، وقصص عائلة الدلو في حي النصر بمدينة غزة.

قصص العدوان والمذبحة مازالت مستمرة، قتل الأطفال والنساء داخل منازلهم، الخوف والقلق والرعب، والصمود الأسطوري والعزيمة والإرادة العالية دفاعا عن كرامتهم وحقهم بالدفاع عن انفسهم، كنا في السابق لا نفهم كل هذا التناقض، الذبح والقتل يدفع الناس للالتفاف حول المقاومة، أو في أسوأ الأحوال التعاطف معها، وتحدي دولة القتل ومعنوياتهم عالية، المعركة تخوضها المقاومة مستمرة، والناس من خلفها يسطرون اسمى معاني الحب والصمود والصبر.

القتل مستمر والحرب النفسية مستمرة والتاريخ يعود اربع سنوات الوراء، وما كان في العدوان الاجرامي في العام 2009،2008، موجود بكل تفاصيله من قتل الاطفال وتدمير المنازل على رؤوس قاطنيها.

ربما نشاهد صور الضحايا من الشهداء والجرحى والأشلاء، لكننا لم نعرف من هم وأحلامهم وحكاياتهم وذكرياتهم، وقصصهم، لم يعرف الناس قصة اربعة شهداء ثلاثة منهم اطفال، اثنان منهم في قلعة الجنوب مدينة رفح حيث كانا متجهان لمنطقة المطار سيرا على الاقدام لاصطياد العصافير حيث موسم صيدها واستهدفتهما طائرة الاستطلاع وبقيا ينزفان في المكان وحاولت طواقم الاسعاف الوصول اليهم ولم تتمكن وحين وصلت كان فارقا الحياة.

والآخران هما اب وابنه المعروف بصائد العصافير من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة وتعودوا على صيد العصافير، استهدفتهما طائرات استطلاع ومزقتهما الى اشلاء أثناء تواجدهم في مزرعة في بيت لاهيا.
قادة دولة الاحتلال اجمعوا على أن احد أهداف العملية قد حقق، وهو ردع الفلسطينيين وتخويفهم، فدولة القتل والدمار والتخريب اعتقدت انها تستطيع تهجير الناس من المناطق الحدودية بقذائف المدفعية والمناشير التي تطلقها الطائرات، فالناس وعوا وتعلموا الدرس جيدا فما يجري من عمليات القتل المنظم ضد الفلسطينيين، وتخويف الناس لم يثنيهم عن الدفاع عن كرامتهم والصبر والصمود.

عدد الشهداء والجرحى من المدنيين يظهر حجم الحقد والإصرار من قبل جنود دولة القتل على استهداف المدنيين من دون استثناء ومن معظم الأجيال، فعائلات بأكملها قد أبيدت، وهم لم يكونوا مقاتلين ولم يحملوا السلاح، فقط لأنهم فلسطينيين.

فاستهداف المنازل وتدميرها على رؤوس قاطنيها بطائرات ألاف 16، وعدد الشهداء والإصابات الكبير في صفوف الفلسطينيين، وتدمير عشرات المنازل المحيطة بالمنازل المستهدفة يزيد من القناعة لدى جميع الفلسطينيين بأن دولة القتل معنية بقتلهم وتخويفهم بقذائف المدفعية، والبحرية والطيران الحربي بجميع أنواعه يؤكد أن الهدف هو القتل.