خبر الصحفي.. أول من يقاوم وآخر من ينكسر ..صالح المصري

الساعة 11:32 ص|23 نوفمبر 2012

الصحفي.. أول من يقاوم وآخر من ينكسر ..

صالح المصري

رئيس تحرير وكالة فلسطين اليوم

يستحضرني ونحن نعيش نشوة النصر مقولة الامين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله صاحب مقولة "المثقف اول من يقاوم وآخر من ينكسر " .. لكن في الحرب تبين لنا ان الصحفي هو  اول من قاوم وآخر من انكسر ..   

ففي الوقت الذي كانت الطائرات تلقي بحممها على غزة ،كانت تشن حملة أخرى تستهدف فيها وسائل الإعلام الفلسطينية ،حين شنت حملة اختراقات واسعة للمواقع الإعلامية الفلسطينية التابعة للمقاومة والمؤسسات الحكومية في غزة ، في محاولة للنيل من رسالة هذه المواقع التي واكبت الحدث لحظة بلحظة، لكن كل هذه المحاولات لم تنل من إسكات هذه المواقع، وظلت تواصل مهمتها في نقل آلام ومعاناة وصمود الفلسطينيين .

الاستهداف لم يتوقف عند هذا الحد فامتد بعدها بساعات لاختراق بث الإذاعات الفلسطينية والتشويش على عملها في محاولة أخرى للنيل من صوت المقاومة وهذه المنابر التي شكلت رافعة لصمود الفلسطينيين ، وهي تبث لهم اناشيد المقاومة وترفع معنويات الجماهير وتقف إلى جانبها وتتصدى للماكنة الإعلامية الصهيونية ،من خلال نقل الحدث عبر مراسليها الذين يلاحقون جرائم الاحتلال في كل زقاق ومخيم ومدينة .

العدوان لم يقف عند حد التشويش بل امتد لهيب النار ليصل إلى قصف المقرات والمؤسسات الصحفية فقصف البنايات التي يتواجد بها الصحفيون مثل ( شوا وحصري والشروق والجوهر ونعمة ) ولم ينل ذلك من عزيمة الصحفيين ، ولا من مواصلة المشوار واستمرار المسيرة التي خضبت بالدم وقد بترت قدم زميلنا خضر الزهار وسبقته إلى الجنة .

 كان تقصف المكاتب الصحفية من هنا ويفكر الصحفيون من أين سيواصلون عملهم في اليوم التالي لم يفكروا لحظة ان يعودوا إلى بيوتهم .. ولم يدب الرعب والخوف في داخلهم .. انهم الجنود المجهولين انهم فدائيو الحرب ،الذين قاتلوا وسلاحهم أقلامهم وكاميراتهم وكلماتهم التي كانت كما القذائف توجع "إسرائيل" .

مضى الزملاء محمد الكومي وحسام سلامة ومحمد أبو عيشة شهداء، ليسجل دمهم الطاهر وقودا لزملائهم الصحفيين الذين واصلوا التغطية الإعلامية من الشوارع العامة والمستشفيات بعد أن قصفت مقراتهم، فأصيب نحو سبعة عشر صحفيا وتم تدمير 36 مكتبا ومؤسسة صحفية.

لقد شكل الصحفيون الفلسطينيون كتيبة متقدمة في التصدي لكل الروايات الإسرائيلية المزيفة وكشفوها للعالم، وهم ينقلون الإبادة والمحرقة التي تعرض لها الاطفال والنساء والشيوخ ،والمجازر التي ارتكبت بحق العائلات الفلسطينية، لذلك يجب توفير كل الإمكانيات من أجل توفير بيئة سليمة لعمل هؤلاء الصحفيين بعد الحرب ،من الحكومة ،والفصائل، والمؤسسات ،والاجهزة الامنية ،لا تتوقف عند حد التكريم بل مساعدتهم في ترميم مكاتبهم خاصة المؤسسات المحلية الفلسطينية .

ومن أجمل ما سمعت في الحرب هي تشكيل خلية ازمة من نقابتي رام الله وغزة وهذا عامل إيجابي ما كان ليتحقق في الظروف الطبيعة لولا الحرب والعدوان والمقاومة التي توحد شعبنا باتجاه مشروع التحرر من الاحتلال .

لقد انتصرت الرواية الوطنية رواية المقاومة بفضل الإعلاميين الفلسطينيين ،وغاب تيار الأسرلة الذي يدافع عن إسرائيل ومشروع التسوية والتطبيع ..

إننا مطالبون اليوم بتجسيد هذه الروح لتظل دوما هي المسيطرة على الحالة الفلسطينية .. فصحيح أن هذه الموجهة من العدوان انتهت لكن الاحتلال لم ينتهي .. لذلك كما هو مطلوب ترميم قدرات المقاومة واستعادة قدرتها على الرد على قاعدة "إن عدتم عدنا" فإن وسائل الإعلام مطالبة بتطوير إمكاناتها وتوفير كل ما يلزم طواقمها من احتياجات لان الصحفي هو أول من يقاوم وآخر من ينكسر .

انتهى