خبر انعطافة في القاهرة ..هآرتس

الساعة 10:58 ص|23 نوفمبر 2012

بقلم: تسفي بارئيل

     (المضمون: مصر حبست نفسها في داخل منظومة ملزمة من الحوار مع اسرائيل، لم تتمناها. هذا ثمن سياسي باهظ من ناحية الرئيس المصري الذي يمثل حركة ايديولوجية لا تزال ترى اسرائيل عدوا - المصدر).

       نجاح الوسطاء المصريين، وعلى رأسهم الرئيس المصري ورئيس المخابرات رأفت شحاتة لتحقيق وقف للنار يمنح مصر مكانة عربية ودولية جديدة، تطلع اليها الرئيس مرسي منذ انتخابه، وكان "اعادة مصر الى قيادة العالم العربي" أحد أسس برنامجه السياسي الذي تحقق، حاليا على الأقل، من خلال الازمة التي لم يستدعيها وأراد منعها حتى قبل عملية "عمود السحاب". ولكن هذا الانجاز أوضح لمرسي بأن قدرته على حل الازمات في المنطقة منوطة بالعلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، وانه اذا كانت مصر تتطلع الى مواصلة منح الرعاية لحل المشكلة الفلسطينية فلا مفر أمامها من ادارة شبكة علاقات مستقرة مع اسرائيل وليس فقط على المستوى العسكري.

       الى جانب الانجاز السياسي يلقي الاتفاق بمسؤولية ثقيلة على مصر التي تحولت لتكون العنوان المتفق عليه لادارة وقف النار ومعالجة الشكاوى على خرقه. ليس واضحا من الاتفاق ماذا ستكون عليه آلية معالجة الخروقات، وماذا ستكون العقوبة في حالة الخرق، ولكن مصر حبست نفسها في داخل منظومة ملزمة من الحوار مع اسرائيل، لم تتمناها. هذا ثمن سياسي باهظ من ناحية الرئيس المصري الذي يمثل حركة ايديولوجية لا تزال ترى اسرائيل عدوا.

       على المستوى العملي فان علاقات مصر الوثيقة مع حماس، التي حظيت بمكانة حكومة مسؤولة، كفيلة بأن تفرض عليها تنفيذ الاتفاق. ومثلما تسيطر الحركة على معبر رفح وتشكل خلفية اقتصادية حيوية لغزة، فان لدى مصر ظاهرا رافعة ضغوط كفيلة بأن تهديء حماس. ولكن مصر ستجد صعوبة على مدى الزمن في مواصلة اغلاق معبر رفح أمام البضائع والصمود في وجه ضغط الجمهور المصري والعربي الكفيل بأن يطالب الآن بقوة أكبر بفتح المعبر للسماح بترميم غزة.

       ولكن حتى اذا ما نجح لي الأذرع لحماس والجهاد الاسلامي، فليس في ذلك ما يضمن في ان تتبنى منظمات صغيرة ومسلحة في غزة وفي سيناء مباديء الاتفاق. فهذه المنظمات لم تُدع للتوقيع على الاتفاق وهي لا تُذكر في الاتفاق. والأهم من ذلك، فان حماس والجهاد الاسلامي غير مطالبتين حسب الاتفاق بصد اعمال هذه المنظمات. وقد سبق لهذه المنظمات ان أثبتت بأنها قادرة على ان تستخدم حق النقض الفيتو العنيف حتى على اتفاقات توصلت اليها حماس مع اسرائيل. هنا تكمن الحلقة الضعيفة التي تُعرض الاتفاق للخطر ومن شأنها ان تُفرغه من محتواه. اذا قررت تلك المنظمات مواصلة العمل ضد اسرائيل، بشكل يجر اسرائيل الى رد عنيف، فان التصعيد قد يجر المنظمات الكبرى للرد ايضا. من اجل الحفاظ على شبكة العلاقات مع مصر وابقائها كوسيط، ستضطر اسرائيل الى اجراء تمييز دقيق بين نشاط حماس والجهاد وبين نشاط المنظمات الاخرى وألا تلقي المسؤولية على حماس بشكل جارف.

       هنا تكمن المفارقة في الاتفاق. بموجبه، فان حماس، بصفتها الحكومة، لا تصبح مسؤولة عن نشاطاتها ولا تلتزم بالعمل ضد منظمات مستقلة رغم أنها تعمل ضمن نطاق منطقة حكمها. كما ان مصر هي التي ستكون مطالبة بالمسؤولية فقط عن اعمال حماس وصد المنظمات في سيناء، ولكن ليس لها تحكم بالمنظمات الاخرى الممولة في بعض منها وموجهة من ايران.