خبر غزة تقاتل.. غزة تنتصر .. توفيق السيد سليم

الساعة 02:06 م|22 نوفمبر 2012

على مدار أيام العدوان الثمانية على غزة كان الكل هنا يقاتل.. رجال المقاومة.. الممثل الشرعي والوحيد لهذه الأمة.. الذين وطّنوا أنفسهم لمثل هذا النزال.. كانوا أكثر من رائعين وهم يدكون حصون العدو بصواريخ العز والكرامة ليذلوا ويمرّغوا أنوف بني يهود في التراب والوحل.. دون أن تتمكن آلة القتل والإرهاب الإسرائيلية من النيل منهم أو من عزيمتهم التي طاولت السحاب واخترقت كل الآفاق لتوزّع على كل الأمة بعضا من روح الإرادة والصمود والتحدي التي تسكنهم حتى النخاع...

 

 

وجنباً إلى جنب مع رجال المقاومة.. اصطف رجال الصحافة والإعلام مزنرين بسلاحهم الذي أرق الاحتلال وأزعجه وكشف زيفه وضعفه وهو يوثق بالصوت والصورة والكلمة حجم الجريمة التي ترتكب بحق الطفولة والبراءة في غزة.. فحينما تتحول الكاميرا إلى صاروخ والقلم إلى قذيفة والصورة إلى شظيّة.. فاعلم انك في غزة...

 

ولذلك لم يكن مستغربا على هذا الاحتلال أن يواصل استهداف فرسان الإعلام.. عيون الحق وشهود الحقيقة.. أولئك الذين سطروا بدمائهم وأشلائهم –ولا زالوا- رسالة العشق الأزلي لفلسطين العقيدة والهوية والتاريخ.. ما شكّل حالة رعب وقلق دائمين لهذا العدو المتغطرس القائم على القتل والكذب والتزوير... حيث أقدم على اغتيال ثلاثة من الزملاء الصحفيين، محمود الكومي وحسام سلامة المصورين الصحفيين في فضائية الأقصى، ومحمد موسى أبو عيشة مدير إذاعة القدس التعليمية، فيما أصيب عدد آخر بجراح... دون أن يفتّ ذلك في عضدهم أو يدفعهم للتراجع أو الانكفاء عن مواصلة مسيرتهم المشرفة والناصعة البياض...

 

ولم يكن الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين فحسب، بل طال ذلك مؤسساتهم الإعلامية من إذاعات وفضائيات ومواقع الكترونية من خلال محاولات الاختراق والهجوم الالكتروني الكثيف إلى جانب القصف الذي طال عددا من تلك المقار، وذلك بهدف التشويش على الرسالة الإعلامية الفلسطينية التي شكلت جانبا مهما في دعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني والتفافه حول المقاومة، وهو ما بدا واضحا خلال المعركة، حيث الاحتضان الرائع لكل مكونات المقاومة من مكونات الشعب الثائر والصابر...

 

وهنا لا بد لنا من توجيه شهادة شرف مدادها دماء الشهادة والبطولة لكل فرسان الإعلام الذين وصفهم إعلام العدو بالفدائيين في تلك المعركة، فكل الشكر والتقدير لكل الزملاء الصحفيين ومؤسساتهم الإعلامية على هذا الانجاز الرائع والذي يضاهي في روعته إنجاز المقاومين في ميادين الدم والشهادة...

 

وكما قلنا سابقا فإن الكل في غزة كان يقاتل، كان الكل مشاريع شهادة.. فالطبيب ورجل الإسعاف ورجال الدفاع المدني وحتى التاجر والمزارع شكلوا حالة قتالية منقطعة النظير، كلٌ كان على ثغر من ثغور الجهاد والمقاومة، ما شكّل جبهة داخلية متماسكة أعادت إلى الأذهان سنوات انتفاضة الحجارة المباركة التي شهدت على مدى الالتحام والتكاتف الجماهيري في وجه الاحتلال...

 

وما دمنا في حضرة الدم والشهادة المنتصر دوما على سيف الجلاد، لا بد لنا أن نتوجه أولا بالشكر لله عز وجل على ما منحنا إياه من نصر وصبر وثبات، ومن باب رد الفضل إلى أهله، لا بد لنا من توجيه التحية والشكر الكبيرين لكل من ساهم في تعزيز صمود المقاومة وتسليحها وتدريبها ومدها بكل وسائل الصمود ما مكّنها من تحقيق هذا النصر المبين..  وستبقى غزة تقود الأمة من نصر إلى نصر...

 

فهنيئا لغزة بمقاومتها... وهنيئا للأمة بغزة.. فغزة تثبت اليوم ومن جديد أنها بوابة النصر والتغيير الذي سيطيح بموروث الهزيمة والانكفاء والذل والعار الذي أورثته أنظمة الخيانة والعمالة لأمتنا.. هذه الأمة التي لن يكون لها موطئ قدم بين الأمم إلا بالعودة الحقيقية إلى منبع قوتها وسر وجودها المنبثق من بين ثنايا القرآن...