خبر غُرست البذرة للجولة القادمة- معاريف

الساعة 10:05 ص|22 نوفمبر 2012

بقلم: عمير ربابورت

        (المضمون: المشكلة الاكبر هي أنه في "تفاهمات عمود السحاب" غُرست البذرة لجولة القتال التالية. "عمود السحاب" لن يجلب سنتين وشهرين من الهدوء التام حيال غزة مثل حملة "رصاص مصبوب" - المصدر).

        أمس، بالضبط في 21:00، خرج من المخابيء زعماء الذراع العسكري والقيادة السياسية لحماس، ممن نجوا من الهجوم العسكري الاسرائيلي. الهجوم الاعلامي للجيش الاسرائيلي تنبأ أن يذهلوا من حجم الدمار الذي خلفه الهجوم على غزة. ربما.

        ولكن، بالضبط في ذاك الوقت استمر اطلاق الصواريخ على النقب الغربي. وحتى لو اجتهدنا كثيرا، يصعب علينا ان نتجاهل بانه رغم الضرر المادي الجسيم في غزة (وبالطبع، تصفية أحمد الجعبري وضرب منصات اطلاق الصواريخ بعيدة المدى)، فقد سجلت حماس سلسلة من الانجازات ذات المغزى من ناحيتها.

        أولا وقبل كل شيء، حظيت بالشرعية الدولية بفضل حقيقة أن اسرائيل أدارت مع المنظمة مفاوضات غير مباشرة بوساطة مصرية.

        تفاصيل اتفاق وقف النار، كما عرضتها امس حماس ومصر، مقلقة على نحو خاص: فحماس تدعي بان اسرائيل تعهدت، ضمن امور اخرى، بوقف التصفيات المركزة، بالامتناع عن النشاط في "القاطع الامني" غربي الجدار الفاصل المحيط بقطاع غزة والسماح بمرور مزيد من البضائع والاشخاص في المعابر الى القطاع.

        التصفيات حقا تتوقف، هذا صحيح. فابتداء من يوم أمس دخلت الى حيز التنفيذ تعليمات فتح النار التي تتيح النار في قطاع غزة فقط نحو تهديد يعرض للخطر بشكل مباشر قوات الجيش الاسرائيلي أو الجبهة الداخلية الاسرائيلية.

        بالنسبة للتفاهمات بشأن "القاطع الامني" وفتح المعابر – اذا كان الحديث يدور بالفعل عن جزء من الاتفاق، فان حماس تكون حققت بوسائل عسكرية انجازات ذات مغزى كبيرة على الارض. وهذه سابقة. وحتى لو لم يكن هذا   صحيحا – هكذا يفهمون الوضع في الشارع الفلسطيني وفي الشرق الاوسط باسره (باستثناء اسرائيل).

        وتشدد القدس على أنه لم يوقع اي اتفاق مع حماس. هذا أيضا صحيح. ولكن المصريين يدعون بانهم سيكونون الجهة التي يتوجه اليها الطرفان في حالة الخروقات. اذا كان يوجد بالفعل مثل هذا البند في الاتفاق، فانه يذكر بتفاهمات "عناقيد الغضب" الفظيعة في التسعينيات. مكان حزب الله في التفاهمات اياها، تحتله، هذه المرة، حماس.

        لقد أدارت القيادة السياسية والجيش الاسرائيلي حملة "عمود السحاب" بشكل موزون ونجحت في احلال وقف للنار دون التورط في عملية برية ودون إثارة الانتقاد الدولي الشديد على اسرائيل. المشكلة هي أن هذا الانجاز كلف مليارات الشواكل (كلفة الحملة على الجيش والاقتصاد)، ومعاناة ملايين المواطنين الذين كانوا تحت النار.

        وحتى اليوم القتالي "الرسمي" الاخير في "عمود السحاب"، امس، لم يكن سهلا من ناحية اسرائيل.

        لقد اصيب ضابط احتياط بجراح خطيرة جراء صاروخ كاتيوشا اطلق نحو قاطع اشكول؛ العملية في الباص في تل أبيب لم تكن متزامنة مع وقف النار، بل انطلقت، أغلب الظن، من قبل خلية غافية من يهودا والسامرة، بدأت الاستعداد للعملية بعد وقت قصير من تصفية أحمد الجعبري (المخابرات لا تزال تحقق في ملابسات العملية).

        المشكلة الاكبر هي أنه في "تفاهمات عمود السحاب" غُرست البذرة لجولة القتال التالية. ليس لحماس مصلحة في الخروج الى مثل هذه الجولة في الفترة القريبة القادمة (بعض الردع حيالها تحقق بالفعل)، ولكن اذا لم تنتهي مطالباتها في التخفيف من الحصار على غزة على مدى الزمن، أو اذا ما كان الجيش الاسرائيلي مضطرا الى احباط مركز في غزة لمنع عملية مخطط لها من سيناء، مثلا، فستبدأ عملية تصعيد يمكن أن تكون سريعة جدا.

        في كل الاحوال، فان "عمود السحاب" لن يجلب سنتين وشهرين من الهدوء التام حيال غزة مثل حملة "رصاص مصبوب". اذا كان ممكنا ضمان سنة كاملة من الهدوء ابتداء من الان، فان ضباطا في الجيش وعلى ما يبدو أيضا رئيس الوزراء، وزير الدفاع ووزير الخارجية – كانوا سيوقعون على ذلك.