خبر د.موسى أبو مرزوق يكتب : لن نموت بصمت

الساعة 12:42 م|21 نوفمبر 2012

"العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة دفع بعدة بلدان اوروبية وبالولايات المتحدة إلى إعادة تأكيد موقفها بالدعم الثابت للمعتدي. وادعى كل من وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني وكاثي آشتون مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والرئيس الأميركي باراك اوباما أن صواريخ "حماس" هي المسؤولة عن الأزمة وأن من حق اسرائيل أن تدافع عن مواطنيها. ولو أنهم تفحصوا الحقائق لأدركوا أن اسرائيل هي التي بدأت الهجمات. فقد بدأ التصعيد عندما أدى اقتحام عسكري اسرائيلي لغزة يوم 8 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى قتل طفل فلسطيني. وأعقب ذلك عدة اقتحامات اسرائيلية ما دفع لرد من جانب الفصائل الفلسطينية.

وعلى الرغم من ذلك، فقد كانت هناك محاولات جادة لتهدئة الموقف والتوصل إلى هدنة. ولكن من الواضح أنه كان لاسرائيل أجندة أخرى. اذ انها باغتيالها أحمد الجعبري، قائد "كتائب القسام"، خربت الجهود المصرية للتوصل إلى هدنة بين كل الفصائل الفلسطينية والاسرائيليين. وأكد رئيس مصر هذه الحقيقة يوم السبت الماضي.

ومع اقتراب الانتخابات الاسرائيلية أراد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل أن يتاجر بدم الفلسطينيين، خصوصا بعد أن فشل تحالفه مع المتطرف أفيغدور ليبرمان في تعزيز شعبيته في استطلاعات الرأي كما كان يتوقع. وهذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها الاسرائيليون حربا من أجل مكاسب سياسية. فقد فعل شمعون بيريز ذلك في لبنان عام 1996، واولمرت وليفني في غزة عام 2008. والمهم هنا هو الموقف اللأخلاقي والقصير النظر للحكومات الأوروبية والأميركية، فقد شوهوا الحقائق وانحازوا كليا للمعتدي.

الموقف الغربي وفر غطاء سياسيا للعدوان الاسرائيلي وشجع قيادته على مواصلة هجومهم. وهكذا ففي نظر شعبنا، وشعوب المنطقة كلها، فإن الدول الغربية متواطئة. والحكومات الغربية، على العكس من شعوبها التي تدعم في غالبيتها الحقوق الفلسطينية، أظهرت معايير مزدوجة ونفاقا من جديد.

والحقوق الإنسانية التي تدعي أوروبا أنها تدافع عنها في أرجاء العالم تنكرها على الفلسطينيين. ولم تفعل الحكومات الغربية أي شيء في الوقت الذي تعرض فيه 1,7 مليون من الغزيين خلال السنوات الخمس الماضية لحصار اسرائيلي- يحرمهم من الطعام والماء والأدوية، وحتى يحدد عدد السعرات الحرارية التي يجب أن يسمح لهم بتناولها في طعامهم كل يوم.

حق الشعوب في مقاومة الاحتلال ومواجهة العدوان مكفول لكل الأمم، ولكن إذا سعى الفلسطينيون لممارسة هذا الحق يتحول إلى إرهاب على الفور، ومن أجل ذلك يجب معاقبتهم.

ولم تتوقف الهجمات العسكرية الاسرائيلية على غزة بعد حرب غزة الأخيرة. ومنذ العام 2009 قتل 271 فلسطينيا، مقارنة بـ 3 قتلى اسرائيليين. وخلال الأيام القليلة الماضية قتل أو جرح ما يزيد عن 700 فلسطيني- أكثر من نصفهم من النساء أو الأطفال. وأمس ارتكبت مجزرة راح ضحيتها 12 شخصا من نفس العائلة.

ولكن عدوان اسرائيل ليس على غزة فقط. فقد واصلت مصادرتها للارض الفلسطينية، وعمليات الطرد في القدس والضفة الغربية بالرغم من جهود قادة منظمة التحرير الفلسطينية للتوصل الى اتفاقات سلام. وقد ضاعفت عدد المستوطنات عشر مرات منذ اتفاقات اوسلو في 1993. ولم تعط اسرائيل، حتى بعدما تخلصت من عرفات، اي شيء. والآن يريد ليبرمان التخلص من ابو مازن، رئيس السلطة الفلسطينية.

ان "حماس" قررت الدفاع عن حقوق شعبها بقدر من الردع ضد احد افضل الجيوش تسليحاً (وتمويلاً من الغرب). وبينما يرفض العالم الدفاع عن الفلسطينيين، سندافع نحن عن انفسنا. ان لشعبنا الحق في الدفاع عن النفس ونحن لن نموت صامتين بعد الآن.

قد لا تكون "حماس" قادرة على هزم اسرائيل ولكن بوسعنا الوقوف امامها بحزم، وان نشل الحياة في جزء كبير من البلاد. ان هذا حق اي شعب حر. وغزة و"حماس" ليسا وحدهما، واعداء اسرائيل يزدادون. والعالم العربي يتغير. والشعب الفلسطيني يرى في "حماس" اليوم املاً وقيادة.

لقد شرعت اسرائيل في مغامرة لم تحسبها بعناية. ويجب ان تتحمل العواقب الآن. ان اي هدنة ستكون وفقاً لشروط "حماس"، وليس شروط اسرائيل. واول هذه الشروط سيكون رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة".