خبر إسرائيل تعتمد الغدر لكسر إرادة المقاومة وديع عواودة-حيفا

الساعة 11:36 م|16 نوفمبر 2012

وكالات

في عدوانها الجديد "عامود الغمام" اعتمدت إسرائيل الخدعة والغدر للتأثير على وعي المقاومة والنيل من عزيمتها بواسطة مفعول عنصر المفاجأة.

وما زالت المصادر الإسرائيلية تكشف كيف خدعت إسرائيل الجانب الفلسطيني بواسطة خطوات ورسائل تهدئة مصطنعة لتوفير عنصر المباغتة قبيل الهجوم الذي اختارت له تسمية توراتية "عامود الغمام"، على غرار عمليات مشابهة في الماضي من حرب يونيو/حزيران 1967 حتى حرب لبنان الثانية عام 2006.

ونقلت القناة الإسرائيلية الثانية عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل كادت تنتهي من مفاوضات أدارتها بواسطة مصر مع أحمد الجعبري نائب قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) للتهدئة، لكن خلافات بين وزرائها دفعتها للإخلال بتفاهماتها.

ويؤكد معلقون وخبراء أن إسرائيل استخدمت سلاح الغش والخداع في احتيالها على قادة المقاومة في قطاع غزة بواسطة رسائل "تخدير" متنوعة جعلتهم يخفضون من مستوى التأهب، قبل أن تشن حملة  عامود الغمام.

ويشير هؤلاء المعلقون إلى أن إسرائيل قبيل شن عدوانها الجديد مساء الأربعاء، وضعت خطة لاستدراج قادة المقاومة للمساس بهم في محاولة لكسب المواجهة بالضربة القاضية، ومن ثم تغيير قواعد اللعبة" و"كي وعي" الفلسطينيين ودفعهم لقبول الإملاءات والاستسلام.

خدعة منظمة
وشارك في الخدعة المنظمة عدد من وزراء إسرائيل وأجهزتها الأمنية، وحتى بعض وسائل الإعلام العبرية.

ويقول المعلق العسكري للقناة الإسرائيلية الثانية روني دانئيل إن حملة الخداع بدأت يوم الاثنين، حين عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمرا صحفيا في مدينة عسقلان بمشاركة سفراء أجانب.
 
ولفت دانئيل إلى أن نتنياهو تحدث إلى السفراء، مؤكدا أن إسرائيل عازمة على وضع حد لعملية إطلاق الصواريخ من غزة، لكنه لم يعط انطباعا بأن حملة عسكرية قريبة جدا، بل ظهر كأن إسرائيل ضحية ومترددة.

كما شارك في حملة التضليل والاحتيال الرئيس شمعون بيريز بزيارته يوم الثلاثاء إلى مدينة سديروت في الجنوب ولقائه بتلاميذها، ليساهم في نسج صورة مضللة لعودة الهدوء والاستقرار.

ويشير المعلق العسكري رون بن يشاي إلى أن الحكومة انتدبت الوزير بلا حقيبة بيني بيغن الذي يتمتع بمصداقية في الشارع الإسرائيلي، للتأكيد في تصريحات إعلامية مفادها أن جولة العنف الحالية انتهت "ومن ورائنا".

محاولة تخدير
ويشير بن يشاي في تعليق نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن بيغن تحدث باعتدال، وأشار إلى انتهاء حالة التصعيد في الجنوب وتجديد إسرائيل هجماتها في حال عدم توقف الفلسطينيين عن إطلاق الصواريخ.

يشار إلى أن وزير الشؤون الاستخباراتية دان مريدور الذي يعتبر وزيرا معتدلا، أكد على أقوال بيغن في تصريحات إعلامية مشابهة يومي الثلاثاء والأربعاء.

ويذكر بن يشاي أن نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك واصلا لعبة الخداع بقيامهما يوم الثلاثاء الماضي بزيارة تفقدية في الجولان المحتل بعيدا جدا عن غزة لصرف الأنظار والتضليل.

أما صحيفة يديعوت أحرونوت فساهمت هي الأخرى في حملة التضليل والخداع بنشرها عنوانا  رئيسيا صباح الأربعاء "نعانق الجنوب".

وتشير مديرة وحدة رصد الإعلام العبري في مركز "إعلام" القائم في الناصرة خلود مصالحة إلى أن الصحيفة استنكفت عن توجيه نقدها المألوف للحكومة الحالية، ودعت في عنوانها الرئيسي قراءها إلى المشاركة في مبادرة للتضامن مع الإسرائيليين في محيط غزة وزيارتهم ودعمهم اقتصاديا ومعنويا.

وتلفت مصالحة إلى أن الصحيفة أبرزت عنوانا إضافيا حول "انتهاء جولة العنف الحالية"، للإيحاء بأن الهدوء عاد إلى الجنوب، وتابعت "لا أستبعد أن الصحيفة كانت على علم مسبق بأنها تشارك في نسج خدعة".

احتلال الوعي
وردا على سؤال الجزيرة نت يؤكد الخبير النفسي د. جمال دقدوقي أن الدول والجيوش تستخدم المفاجأة ليس لتحقيق أهداف عملياتية فحسب، بل طمعا في مفعولها النفسي المعنوي الناجع والقوي.

ويشير دقدوقي إلى أن هذه الجهات تحذر من تعرضها هي للمفاجأة لكنها لا تنجح دائما في ذلك، لافتا إلى نجاح حركة حماس في الرد على إسرائيل بالمثل ومباغتتها بصاروخين استهدفا تل أبيب ومحيطها أمس.

ويتابع "لكن مدى قوة المفعول المعنوي السلبي على الطرف الآخر منوط بمدى تنظيمه ومناعته الذاتية وتصميمه على مواصلة النضال بعد امتصاص الضربة الأولى، ورغم ما تحدثها من أضرار مادية ونفسية".

يشار إلى أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي موشيه يعالون أفرد فصلا في كتابه "طريق طويلة طريق قصيرة" الصادر عام 2008 لقضية "احتلال الوعي"، وفيه يقترح حسم ما يسميه العدو الفلسطيني بتحطيم معنوياته عبر عنصر المباغتة والقوة المفرطة.