خبر جُرأة في مقابل وقاحة حماس- اسرائيل اليوم

الساعة 09:31 ص|16 نوفمبر 2012

 

بقلم: دان مرغليت

انطلقت "عامود سحاب" في طريقها تصاحبها بروق ورعود لكن في تواضع. تمت تصفية احمد الجعبري. ودُمرت صواريخ فجر على الارض. وسجلت القبة الحديدية انجازات حسنة. لكن بنيامين نتنياهو واهود باراك حرصا على عدم رفع مستوى التوقعات. فاسرائيل لا ترجو أكثر من هدنة طويلة. وليس عندها أمل في أنه يمكن التوصل الى تسوية دائمة مستقرة مع حماس. وقد احتفظا لاسرائيل بصلاحية الكف عن اطلاق النار في كل وقت بحسب الظروف.

في حرب لبنان الثانية وفي عملية "الرصاص المصبوب" أحدثت الحكومة توقعات مفرطة كان بعضها غير عملي لكن التزام بلوغها فرض على الحكومة مدة القتال ووسائله. في 2008 زعم باراك ورئيس الاركان غابي اشكنازي أنه اذا كان الحديث عن هدوء لسنتين فـ "ما هو السيء في ذلك"؟ - وخالفا اهود اولمرت الذي أراد ان يُحرز بـ "الرصاص المصبوب" ما علم انه لا يمكن احرازه، وكل ذلك لأنه لم يحرز ما أراد احرازه في لبنان في 2006.

بلغت التوقعات من عملية "الرصاص المصبوب" عنان السماء الى حد ان أبو مازن أمل ان يسقط الجيش الاسرائيلي سلطة حماس في غزة. ولم يكن خائب الأمل لأن الجيش الاسرائيلي هاجم القطاع بل لأن اسماعيل هنية واحمد الجعبري بعد انقشاع غبار المعارك كانا ما يزالان قرب صولجان الحكم وكان جلعاد شليط ما يزال في أيديهما.

في 2012 تغيرت الظروف. فمن الواضح ان الجيش الاسرائيلي يستعد لاحتمال سوء الوضع الذي يقتضي دخولا بريا الى القطاع، لكن ليس صدفة ان صُك هنا قبل اسبوع عنوان صحفي هو ايضا مصطلح يلائم ظروف الميدان وهو "رصاص مصبوب جوية". ان استعمال القوات البرية مكتوب في السطور السفلى في ورقة الاجراءات العسكرية التي أعدها رئيس الاركان بني غانتس لا لأن الجيش الاسرائيلي غير مستعد بل بالعكس. فقدرته أعلى مما كانت في لبنان وفي "الرصاص المصبوب". لكن القتال البري لن يُحسن النتيجة تحسينا كبيرا. ان "عامود سحاب" هي عملية على مذهب التسويات المرحلية: تجديد التهدئة الطويلة لكن في حدود وقت كأن تكون سنتا هدوء: "ما السيء في ذلك"؟.

        ان الربيع العربي في الأساس يحمل على جناحه روحا سيئة، وقد جعلت سلطة الاخوان المسلمين في مصر حماس تراها درعا واقية تُمكّن هنية والجعبري من تصعيد العدوان مع افتراض ان اسرائيل لن تتجرأ وكان من المهم جدا ان تتجرأ، من هذه الجهة، ولولا ذلك لما توقفت وقاحة حماس وسائر المنظمات الارهابية عند مستواها الحالي الذي لا يُطاق بل كانت ستزداد وتسوء.

        ان صورة الوضع تتعقد لأنه لا يتضح الى أين تتجه مصر. اكتفى حسني مبارك باستدعاء سفير مصر من تل ابيب للمشاورة في بلاده في كل مرة حدثت فيها حادثة تحرجه وهكذا سلك محمد مرسي أول أمس ايضا. لكن هل هو خبير بما يكفي ليدرك ان شد الحبل قد يفضي الى قطعه وعندها لن يستطيع أداء الدور الذي يخصصه له الجميع وهو ان يجد الصيغة التي تعيد الهدوء في غزة الى ما كان عليه سنتين أو ثلاثا اخرى؟.

        اتخذ المجلس الوزاري الامني المصغر قرارا صعبا هو الدخول في "عامود سحاب". والقرارات الصعبة حقا تنتظره عند الخروج.

        تذكير لا داعي له

        دُعي قائد سلاح الجو المتقاعد ايتان بن الياهو ليجيب عن سؤال "ما الذي تغير"؟ وزعم بمقارنته في القناة الثانية بين "عامود سحاب" و"الرصاص المصبوب" ان اسرائيل في الماضي تمتعت بشرعية أكبر لأن حكومتها أجرت تفاوضا مع أبو مازن والتفاوض جامد هذه المرة.

        على خلفية هذا الزعم هناك مكان لنتساءل هل علم افيغدور ليبرمان ان اسرائيل على شفا حرب قاسية جدا لمدة غير معلومة؟ انه وزير في "التسعة"، ومع افتراض انه لا يخطيء طرق خطط الجيش الاسرائيلي الامنية – ما الداعي لسفره في صباح ذلك اليوم الى المركز الجامعي في اريئيل والانقضاض على أبو مازن بلغة تُخلف ارضا محروقة في العلاقات بالسلطة الفلسطينية؟.

        صحيح أن أبو مازن "ليس شريكا" في التفاوض. فهو رافض لاتفاق لكن آخر شيء كان مطلوبا لاسرائيل قُبيل "عامود سحاب" هو ان تُذكر اصدقاءها في العالم بأنه لا يوجد تفاوض مع السلطة الفلسطينية. ليس واضحا لماذا تطوع ليبرمان بفعل ذلك اذا كان علم ان العملية العسكرية قريبة.

        هذا مؤسف، كما هو مؤسف حقا ان نستمع ليوفال شتاينيتس أو جلعاد أردان اللذين يهددان بأن اسرائيل ستلغي اتفاقات اوسلو أو ستؤخر تحويل اموال الى الفلسطينيين. ان اتفاقات اوسلو قد زالت في الحقيقة بعمليات تسعينيات القرن الماضي، لكن لا اختيار عند اسرائيل ان تعلن جنازتها. ان هذه الاقتراحات الباطلة ستختفي من تلقاء نفسها بعد انتخابات الكنيست التاسعة عشرة فورا وكل واحد يعرف ذلك.

        نقطة اللامفر

        أشار أشرار الى ان "عامود سحاب" قد انطلقت في طريقها مثل عمليات وحروب سابقة من اجل الاحتياجات الانتخابية لاحزاب الائتلاف التي تقيد يد المعارضة قبل فتح صناديق الاقتراع. لا يوجد صدق في تفسير ان اسرائيل بادرت الى الخروج لحرب لتحسين احتمالات الحكومة في صناديق الاقتراع. فان عملية سيناء في 1956 وحرب الايام الستة في 1967 وحرب لبنان الاولى في 1982 ولبنان الثانية في 2006 تمت أبعد ما تكون عن يوم الانتخابات التالي. فماذا عن العمليات؟ تأخر قصف المفاعل الذري في العراق في 1981 بسبب تعطيل سياسي في الداخل، أما البقية كلها – حتى لو كانت قريبة من الانتخابات – فلم تساعد حكومات اسرائيل حتى ولا في لبنان 1996.

        ان حزب الله وحماس هما اللذان يُمليان مواعيد الحرب بايصالهما الوضع الميداني الى نقطة اللامفر. ان التصعيد الذي بادرت اليه حماس يشهد بأن "عامود سحاب" هي حرب لا مفر منها. وليس من الضروري ان تقوى الحكومة لذلك في صناديق الاقتراع. فالواقع يعلمنا ان الحكومة منذ كانت حرب لبنان الاولى تفقد تأييد الجمهور حينما تفتر المعارك.

        مع اغلاق صناديق الاقتراع

        يقترح جدعون ساعر التعويض المالي للمعلمين والمدارس التي يُجند طلابها للجيش الاسرائيلي أو تدعو الى خدمة الجمهور. كانت معارضة الوسط العربي متوقعة (وماذا يقولون عند الحريديين؟).

        ان مبادرة ساعر مناسبة لكن يجب ان يعلم انه بعد الانتخابات سيتم تفتيش صحفي هل أصر على رأيه أم تخلى عنه بعد ان تم اغلاق صناديق الاقتراع.