خبر حرب نتنياهو الاولى ..هآرتس

الساعة 09:47 ص|15 نوفمبر 2012

بقلم: يوسي فيرتر

       (المضمون: لا تنتهي الحروب كما تبدأ فالمدح والاطراء اللذان يُغمر بهما الساسة والعسكريون في هذه الايام قد يحل محلهما غيرهما اذا ساءت الاحوال بعد ذلك - المصدر).

       اتهم بنيامين نتنياهو في خطبة في الكنيست قبل شهر سلفه في المنصب اهود اولمرت بالخروج لـ "حربين لا داعي لهما"، حرب لبنان الثانية وعملية "الرصاص المصبوب" في غزة. وافتخر نتنياهو قائلا "في سنوات عملي كلها" (وهي سبع في الحاصل)، "لم ابدأ حربا". وكان عجيبا ان نسمع هذه الكلمات تخرج من فم زعيم الليكود الحربي الذي أيد هاتين الحربين تأييدا متحمسا والذي تحفظ تحفظا شديدا من النهاية المبكرة جدا للعملية في غزة. وقد زعم آنذاك في شتاء 2008 – 2009 ان الهدف لم يُحرز لأن سلطة حماس لم يُقضَ عليها ولم تُسحق.

          المقود الآن في يدي بيبي، ويجوز لنا ان نُخمن انه هو ايضا يسعى الى اسقاط وتحطيم سلطة حماس. أمس في الساعة 16:00 عند سقوط الصاروخ في غزة، ضم نتنياهو نفسه الى سلسلة رؤساء الوزراء الذين سُجلت حروب في سيرتهم الذاتية ايضا. هل تكون عملية "عامود سحاب" ناجحة أم فاشلة، هل تكون قصيرة أم طويلة، هل تكون ضرورية أم غير ضرورية؟ ستخبرنا بذلك الايام.

          تُطابق حرب نتنياهو الاولى حرب اولمرت الثانية مُطابقة تامة: فهي تجري في غزة، في الشتاء بعد انقضاء تصعيد زاحف واسبوع مشحون بالقذائف الصاروخية التي سقطت على بلدات الجنوب، ويحدث هذا عشية انتخابات الكنيست.

          ان عملية عسكرية واسعة في توقيت سياسي حساس تجر بصورة محتومة سؤال لماذا تكون الآن خاصة؟ ألم يكن من الممكن تنفيذ سلسلة التصفيات قبل ذلك؟ لقد جربنا غير قليل من جولات عنف قاسية في السنة الاخيرة وكانت السياسة دائما هي "الاحتواء". ويمكن ان نسأل ايضا أما كان من المرغوب فيه ان ننتظر الى ما بعد الانتخابات لأن ذلك الجعبري كان سيظل يتجول في سيارته في شوارع غزة بعد الثاني والعشرين من كانون الثاني ايضا.

          كُتب وتم الحديث عن تملص جدول عمل انتخابات 2013؛ وقد كان افتراض عمل الجهاز السياسي ان الخطاب الامني السياسي يخدم الليكود ونتنياهو ويخدم بصورة غير مباشرة ايضا وزير الدفاع اهود باراك، بنفس قدر إضرار أجندة اجتماعية – اقتصادية بعد احتجاج صيف 2011 بهما، فها نحن أولاء قبل الانتخابات بـ 67 يوما وغزة تحترق وأبو مازن يهدد بأن يطلب الى الجمعية العامة للامم المتحدة اعترافا بدولة فلسطينية.

          أسرع اللاعبون السياسيون الرؤساء الى ملاءمة أنفسهم مع توجه الحكومة كما هي العادة عندنا. فقد نشرت رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش اعلان تأييد حماسيا لاغتيال الارهابي الكبير الجعبري ودعت رفاقها الساسة الى دعم الجيش الاسرائيلي، ثم يقولون عنها انها يسارية. وقال يئير لبيد ان الاغتيال كان "عملا عادلا لا مثيل له". ولم تتجرأ سوى رئيسة ميرتس، زهافا غلئون، على سؤال ألم تنساق اسرائيل للحرب بسبب الجمود السياسي الذي عمره اربع سنوات؟.

          أرسل السياسي المتشكل اهود اولمرت هو ايضا تهنئة الى الجيش الاسرائيلي والى متخذي القرارات الذين لم يذكر أسماءهم (لبواعث عاطفية كما يبدو) على القضاء على "رأس الأفعى". كان يفترض ان يعلن اولمرت اليوم رسميا عودته الى المستنقع السياسي. وقد تم تأجيل الاعلان بطبيعة الامر الى الاسبوع القادم أو الى وقت لا يعلمه سوى الشيطان. وينبغي ألا ننفي احتمال ان تصفية الجعبري قضت على مطامح اولمرت السياسية.

          على كل حال فان المعركة الانتخابية التي كان يفترض ان تزداد زخما في الايام والاسابيع القريبة دخلت في جمود عميق في الأمد القريب على الأقل. وستعود المشاهد المعروفة وهي: مظاهر مشايعة الساسة لسكان الجنوب، وتصريحات صارمة ومعاطف ريح قاتمة الألوان. لكن الابتهاج والاطراء اللذين صدرا أمس عن نوادي التلفاز مع العلم بعملية الاغتيال قد تحل محلهما سريعا اصوات ومشاهد اخرى تسيطر على الساحة السياسية ايضا. فالحروب على نحو عام لا تنتهي كما تبدأ، وقد شاهدنا هذا الفيلم أكثر من مرة.