خبر حرب انتخابات ..هآرتس

الساعة 09:45 ص|15 نوفمبر 2012

بقلم: أوري مسغاف

       (المضمون: الدافع الى العملية في غزة سياسي بحت لتعزيز مكانة بنيامين نتنياهو واهود باراك قبل الانتخابات - المصدر).

       أوضحت مصادر عسكرية في بداية الاسبوع ان حماس برغم أنها أسرعت الى تحمل المسؤولية – لم تكن مسؤولة عن جولة اطلاق النار الأخيرة في غلاف غزة. فقد نفذت فصائل جهادية متطرفة اطلاق الصاروخ المضاد للدبابات على سيارة للجيش الاسرائيلي واطلاق الصواريخ على بلدات النقب. وعلى حسب ما تقول "أمان"، تطمح تلك المنظمات الى هدف مزدوج وهو تحدي حماس من اليمين وجر اسرائيل الى عملية واسعة في غزة تنهار على أثرها سلطة حماس وتنتقل القيادة الى القاعدة. وبرغم ان هذه الحال معلومة للجميع اغتالت اسرائيل بعد الظهر القائد العسكري لحماس وأصحاب مناصب اخرى في المنظمة ووجهت في المقابل ضربات جوية اخرى الى بنى تحتية للمنظمة. ان المنطق الوحيد لهذه العملية سياسي لا استراتيجي. ذات مرة كانت الحكومات الواقعة في ازمة قد اعتادت ان تستعمل عشية التوجه الى صناديق الاقتراع اقتصاد انتخابات، وحصلنا اليوم على بديل عنه هو حرب انتخابات.

          لا جدل في ان سكان الجنوب (وسكان قطاع غزة ايضا، بالمناسبة) يعيشون في واقع لا يُطاق. فهو واقع مشاع وفاضح يُفرغ من المضمون مسؤولية دولة ذات سيادة عن عيش سكانها في كرامة. ان الحكومة القومية – المتدينة التي تحكم اسرائيل في ثقة في السنوات الاربع الاخيرة لم تفعل شيئا لتُغير هذا الواقع في هذه السنوات الاربع.

          كانت العملية الاستراتيجية الوحيدة في المجال بين اسرائيل وغزة هي اعادة أسير الجيش الاسرائيلي جلعاد شليط، وتم ذلك ردا مباشرا على أمواج الاحتجاج الاجتماعي الاقتصادي ومقابل الافراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني، وخلافا مطلقا للموقف الذي عبر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى يوم الاطلاق نفسه.

          كانت في الحقيقة عملية واحدة اخرى ذات آثار استراتيجية وهي السيطرة البائسة بالقوة على السفينة "مافي مرمرة" التي أفسدت علاقة اسرائيل مع تركيا وورطت اسرائيل حتى عنقها في الصعيد الدولي، ولم يتم شيء سوى ذلك لا فيما يتعلق بالحصار البحري والبري الذي يخنق غزة ولا فيما يتعلق ببنية الأنفاق التحتية التي تتطور نتيجة الحصار. ولا فيما يتعلق بزيادة قوة فصائل الجهاد العسكرية برعاية ايران، ولا فيما يتعلق بالطبع بامكانية حوار سياسي مع الفلسطينيين عامة ومع حكومة حماس خاصة. والآن قبل الانتخابات في اسرائيل بشهرين جاءت تصفية الجعبري التي تعني اعلان حرب.

          كان يفترض ان تتم الانتخابات القريبة في الملعب الاقتصادي – الاجتماعي. وهو ملعب توجد فيه الحكومة التي تتولى عملها في ضيق لم يهدد في الحقيقة استمرار سلطتها لأن خصوم نتنياهو المحتملين في المقابل تخلوا عن الملعب السياسي الامني، ولم يتجرأ أحد منهم على اقامة بديل في هذا الملعب وان يعرضوا بذلك على مواطني اسرائيل تصورا استراتيجيا عاما ينافس التصور الحالي لحكومة نتنياهو (إن وجد). أعلنت رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش في مطلع الاسبوع أنها "تمنح رئيس الوزراء نتنياهو دعما" فيما يتعلق بالتوتر في الجنوب – وكأنها شريكة كاملة في حكومته في المستقبل لا منافسة مصممة في قيادة الدولة. ولا حاجة الى اكثار الكلام على صمت زعيم "يش عتيد"، يئير لبيد، الهادر. فمن الواضح مع عدم وجود معارضة وتصور عام بديل ان الاصبع كانت خفيفة بصورة مميزة على الزناد.

          برغم ذلك وفي ضوء عجز القيادة المستمر في الجنوب، بدأ يلوح في الايام الاخيرة عدم هدوء في الميدان السياسي والاعلامي، وبدأ نتنياهو يتصبب عرقا. فمع السيطرة المطلقة لنفتالي بينيت ومؤيديه على المصوت المتدين – القومي، وقوة شاس السريعة بقيادة درعي، والضعف المستمر لطاقة المصوتين "الاجتماعيين"، كان كل ذلك كثيرا جدا بالنسبة اليه. ان النجاح العملياتي المدهش قد يعزز في ظاهر الامر وزير الدفاع اهود باراك الذي غاص تحت هوة النسيان لنسبة الحسم مع حزبه الافتراضي. ولندع للحظة منطق العملية الاستراتيجي فنقول ان توقيتها شفاف ببساطة الى حد السخافة.

          سيدفع مواطنو اسرائيل الثمن في الايام القريبة. ويجدر ألا ننساق وراء ردود ابتهاج كثيرين منهم في مواقع الانترنت والشبكات الاجتماعية وألا نتأثر كثيرا ايضا بالدعم الآلي من قبل أكثر الجهاز السياسي (حتى من المتقاعدة السياسية تسيبي لفني التي لم يستقر رأيها بعد على الترشح في الانتخابات، لكن استقر رأيها على دعم العملية، بسرعة الصوت).

          شاهدنا هذا الفيلم مرات كثيرة. وتميل النشوة الى الخفوت مع سقوط أول صاروخ خارج المحيط المعتاد لخط المواجهة العسكرية.