خبر صحافة الاحتلال: مخاوف من الوقوع في «شرك» المقاومة بغزة

الساعة 12:00 م|14 نوفمبر 2012

القدس المحتلة

طفحت الصحافة "الإسرائيلية" في اليومين الأخيرين بتقارير وتعليقات مطولة عن الوضع في قطاع غزة واحتمالات التصعيد.

 ولم تبخل هذه الصحافة على جمهورها بنقلها التهديدات الكثيرة التي أطلقها قادة سياسيون معروفون وقادة عسكريون مشهورون ومُغفلو الاسم.

 وفي كل الأحوال كان الانطباع بأن الأجواء على شفا حرب واسعة على القطاع من ناحية، وأن التصعيد الواقع على جبهة الجولان لن يغيّر من هذه الصورة. ف"إسرائيل"، «كما كانت دائماً» جاهزة لمواجهة كل أعدائها في كل الجبهات وفي كل وقت.

 ولكن هذه كانت الصورة في اليوم الأول، أي بعدما بدا أن محاولات ضبط اللهيب قد فشلت، ولم تجد نفعاً تهديدات «مجنون الحي».

 وفي اليوم الثاني بدت الصحافة أشد هدوءاً واتزاناً، فمنها من يدعو إلى التروي ومنها من يتحدث عن «الجبهتين»، ومنها من يشدّد على أن «لا حل عسكرياً» للأزمة في القطاع. وخلال يوم واحد، كما هو واضح انقلبت الصورة وكثر الحديث عن وجوب تجنب الوقوع في «الشرك» لأن المسألة أكبر.

 كانت عناوين اليوم الأول عن مشاورات لاختيار السبيل الأنسب للعملية العسكرية المقبلة لـ«اجتثاث الشر» من جذوره في القطاع.

 وصارت عناوين اليوم الثاني تطفح بلفت الانتباه، مصر تهدد بسحب سفيرها في تل أبيب والخشية من أن التصعيد يعني سقوط الصواريخ على غوش دان أي محيط تل أبيب، فضلاً عن الخشية من حرب على جبهتين واحدة في غزة والثانية في سوريا مفتوحة على جبهة ثالثة أو جبهات.

 والواقع أنه بين عناوين اليوم الأول والثاني يكمن تفسير عدم تطور المواجهة في قطاع غزة والتي صارت أكثر حساسية من أي وقت مضى سواء لاختلاف الظرف الإقليمي أو حتى لاختلاف القدرات الكامنة في القطاع.

 ومن دون أي مبالغة في قيمة ودور هذين العاملين فإن الأمر المؤكد هو أن هذا الاختلاف بحد ذاته، وبصرف النظر عن حجمه، يلزم "إسرائيل" ببذل المزيد من الجهد لدراسته.

 

 "جس نبض ليس إلاّ"

فهو في كل الأحوال وضع جديد لا تريد التورط فيه من دون أن تتحسس أقدامها والأرض التي عليها. ولذلك من المنطقي الافتراض أن "إسرائيل" تعمل بفرضية جس النبض أكثر مما تعمل بنظرية الخطة الجاهزة.

 على كل حال تظهر مراجعة تقديرات اليوم الأول تقارير تتحدث عن مشاورات لاستئناف خطط توجيه ضربات لمؤسسات الحكومة في غزة وأيضا استهداف قادة حماس.

 وجرى تسريب أنباء عن بنك أهداف محدد يطال مؤسسات رمزية وقيادات بعينها وضمن منطق أن صبر "إسرائيل" ينفد وأن على قيادة حماس حماية رأسها بإيقاف إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من القطاع وإلا..

 وهكذا كتبت «هآرتس» أن «استمرار التصعيد في الجنوب يشدد الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتكثيف الرد العسكري.

 وفي "إسرائيل" يفكرون الآن أيضاً باستئناف سياسة التصفيات ضد مسئولي من يصفونهم "منظمات الإرهاب" الفلسطينية، بمن فيهم حماس».

 ورأت الصحيفة بقلم مراسليها للشؤون العسكرية والفلسطينية أنه «كلما كثرت صرخات الاحتجاج من سكان غلاف غزة على التسيّب الأمني من جانب الدولة، يتعين على رئيس الوزراء النظر بجدية أكبر لخطوات أكثر حزماً»، مضيفة «يبدو أن الإمكانية الأساس على جدول الأعمال هي استئناف سياسة الاغتيالات. نتنياهو، الذي يستعد للانتخابات، يتعرض منذ الآن للهجوم في الساحة السياسية على غياب رد قاطع في غزة».

 ولفتت «هآرتس» إلى أن "إسرائيل" ردت على سقوط قذائف مدفعية على الجولان المحتل بإطلاق قذائف دبابات على مواقع سورية. واعتبرت ذلك نوعاً من التحذير وإعادة الردع إلى هذه الجبهة التي طالما اعتبرت الأشد هدوءاً. وأضافت إن «هذه إشارة إلى الحكم في دمشق بأنه من الأفضل له أن يراقب نشاط قواته.

 من جهتها، رأت «معاريف» في اليوم الأول أن "إسرائيل" ليست من يقرر مستوى اللهيب في قطاع غزة والذي بات حكراً على حماس والمنظمات الفلسطينية هناك.

 وكتب عمير ربابورات أن «الفارق كبير بين الوضع في الجنوب وبين نار الجيش أمس نحو الأراضي السورية، هو أن الوضع حيال قطاع غزة أكثر قابلية للتفجر بكثير منه على الحدود الشمالية»، مضيفاً إنه «عملياً، كان يمكن للجيش الإسرائيلي أن يكون منذ الآن عميقاً في أراضي قطاع غزة هذا الأسبوع تماماً».

 واعتبر أن ذلك كان سيحدث لو أن الجانب الإسرائيلي تكبد قتلى لأنه «في فترة ما قبل الانتخابات، يحترق فتيل القيادة السياسية بالنار بسرعة الألعاب النارية، ولا سيما عندما يكون وزير الحرب(إيهود باراك) يحتاج إلى كل صوت في محاولة لاجتياز نسبة الحسم».

 ولاحظ ربابورات أن باراك «بثّ أمس رسائل كفاحية ليس فقط لأغراض حزب الاستقلال، بل أولاً وقبل كل شيء للإشارة إلى أن حماس في غزة المسئولة من ناحية "إسرائيل" عن الوضع، وبأن عليها أن تطفئ النار فوراً»، مشيراً إلى أنه تحدثت أوساط مكتب رئيس الوزراء عن إعداد الرأي العام العالمي لعملية، وفي الجيش الإسرائيلي قدّم رئيس الأركان استعراضاً تمهيداً لعملية برية محتملة».

 ولكن المراسل العسكري ل «يديعوت أحرنوت» أليكس فيشمان «لم يترك للصلح مطرحاً»، فكتب أن «العملية في الطريق».

 وبدأ تعليقه بـ«حسم الأمر. لو كنت من سكان قطاع غزة لرفعت عيني إلى السماء وصليت صلاة الاستسقاء. ولو كنت فهيماً من سكان غزة، لما بعثت بأطفالي إلى المدرسة في الأيام القريبة المقبلة، ولو كان بوسعي لانتقلت مع عائلتي إلى شاطئ البحر، إلى أن يمرّ الغضب».

 واعتبر أن إدارة أوباما أعطت الضوء الأخضر ل"إسرائيل" لشنّ عملية واسعة، لكنه أشار إلى حيرة ومعضلة الجيش والقيادة السياسية في "إسرائيل" إزاء «خلق حملة عسكرية محدودة، لا تحمل حماس إلى وضع تشعر فيه بأنها تفقد الحكم. لأنه ليس ل"إسرائيل" مصلحة في استبدال حماس بجهة أكثر تطرفاً. الحملة العسكرية المحدودة يجب أن تحقق هدفاً مركزياً واحداً: وقف نار طويل المدى».

 وذهب عميد عسكري آخر في الصحيفة نفسها إلى تأكيد أن «اسم اللعبة: الردع»، معلناً أن الحل الممكن الوحيد هو عملية جراحية، هجومية، جريئة ومصممة.

 لكن كما هو معروف، ليس هذا ما حدث. "إسرائيل" لم تخرج بعملية واسعة ولا يبدو أنها مقبلة على ذلك في الأيام القريبة بالرغم من الصراخ والتهديدات. ولذلك كان عنوان «يديعوت أحرنوت» الرئيس في اليوم الثاني، «ثمن عملية في غزة: صواريخ على غوش دان». وكان عنوان «معاريف» أشد تحذيراً «مصر: إذا ردت "إسرائيل" في غزة فسنعيد السفير».

 أما «هآرتس» فعنونت صفحتها الأولى بـ«من الشمال ومن الجنوب سيأتي الشر».

 ولكن عنوان «إسرائيل اليوم»، وهي الصحيفة المقرّبة من نتنياهو، كان مميزاً، فكتبت «بين جبهتين» و«الجيش مستعدّ، ينتظر القرار».

 وخلافاً للصورة الواثقة التي يحاول نتنياهو الظهور بها نقلت «إسرائيل اليوم» عنه في ختام مشاورات أمنية قوله، «خيراً كان أم شراً، لن أسمح لهذا الوضع بأن يستمرّ»، وأضاف «إذا استمرت النار، فستوجّه التعليمات للجيش الإسرائيلي لوقفها».