خبر يهاجمون حسب المزاج- معاريف

الساعة 08:40 ص|12 نوفمبر 2012

بقلم: عمير ربابورت

        (المضمون: ليس باراك ولا الجيش الاسرائيلي هما من يقرر مستوى اللهيب في الفترة الاخيرة، بل من يلعب بالنار هم حماس والمنظمات التي تعتبر "عاقة" في قطاع غزة - المصدر).

        يوجد فارق كبير بين الوضع في الجنوب وبين نار الجيش الاسرائيلي أمس نحو الاراضي السورية: الوضع حيال قطاع غزة اكثر قابلية للتفجر بكثير منه على الحدود الشمالية. عمليا، كان يمكن للجيش الاسرائيلي ان يكون منذ الان عميقا في اراضي قطاع غزة هذا الاسبوع تماما. فلو تسبب النفق المفخخ الذي تفجر يوم الخميس عن خسائر عديدة او سمح باختطاف جندي؛ لو أن نار الصاروخ نحو سيارة الجيب العسكرية الاسرائيلية يوم السبت جبت ضحايا وليس "فقط" أربعة جرحى؛ او حتى لو أن واحد من عشرات الصواريخ التي اطلقت نحو الجنوب في الايام الاخيرة كان جبا ضحايا في أوساط السكان، لكان الطريق الى عملية ما قصيرا جدا.

        في فترة ما قبل الانتخابات، يتآكل فتيل القيادة السياسية بالنار بسرعة الالعاب النارية، ولا سيما عندما يكون وزير الدفاع يحتاج الى كل صوت في محاولة لاجتياز نسبة الحسم. وفي مكتب وزير الدفاع باراك يتحدثون في الايام الاخيرة بان عملية عسكرية في قطاع غزة ستجلب له بضعة اصوات، مثلما رفعته حملة رصاص مصبوب في الاستطلاعات عشية انتخابات 2009.

        معاذ الله ان يعتقد أحد بان وزير الدفاع تحركه الاستطلاعات في أثناء التصعيد في الايام الاخيرة. ولكن مساء أمس لف ايهود باراك نفسه بسترة جلدية مفتوحة بمناسبة رسمية في حدائق المعرض وتحدث الى الناخبين قائلا: نحن أقوياء، نحن سنضرب من يطلق النار علينا في الجنوب وفي الشمال، وهكذا دواليك.

        الحقيقة هي أن ليس باراك وليس الجيش الاسرائيلي هما من يقرر مستوى اللهيب في الفترة الاخيرة. من يلعب بالنار هم حماس والمنظمات التي تعتبر "عاقة" في قطاع غزة. من ناحية استخبارات الجيش الاسرائيلي فان المنظمات "العاقة" هي كل الجهات في القطاع التي تدير أجندة خاصة بها والتي لا تتطابق بالضرورة مع ارادة قيادة حماس. وذات مرة كانت المنظمات "العاقة" بالاساس لجان المقاومة في جنوب قطاع غزة. اما اليوم فيمتلىء القطاع بالمنظمات التي تستمد ايديولوجيتها (واحيانا ايضا تعليماتها) من محافل الجهاد العالمي.

        مقابلها فان المصلحة الاساس لحماس في هذه الايام هي الحفاظ على الهدوء، ولا سيما من أجل السماح للاخوان المسلمين باستكمال سيطرتهم على مصر دون وجع رأس في الشمال، ولكن المنظمة تتعرض لضغط شديد للسماح بالعمليات ضد الجيش الاسرائيلي على طول الحدود. وقد اشتد الضغط في ضوء ما بدا في غزة كقيود كبيرة على استخدام قوة الجيش الاسرائيلي عشية الانتخابات.

        وبسبب الضغط الذي تعرضت له حماس، قدرت أوساط الجيش الاسرائيلي مؤخرا بان حماس ستحاول توجيه طاقات المنظمات "العاقة" نحو حرب استنزاف على طول الحدود التي تحيط بقطاع غزة، وتحديد قواعد لعب حيال الجيش الاسرائيلي في هذه الجبهة. هذه هي الخلفية لسلسلة العمليات المقلقة التي بدأت مؤخرا. وشكل الطقس البارد فرصة من ناحية المنظمات الغزية لجولة ضربات عنف خاصة حيال الجيش الاسرائيلي، بما في ذلك اطلاق النار نحو الجنوب، مع العلم بان طائرات الجيش الاسرائيلي، التي أظهرت خبرة مذهلة حقا بصيد مطلقي الصواريخ – مقيدة في مثل هذه الايام في عملها.

        وبث باراك أمس رسائل كفاحية ليس فقط لاغراض حزب الاستقلال بل أولا وقبل كل شيء للاشارة الى حماس في غزة بانها المسؤولة من ناحية اسرائيل عن الوضع، وبان عليها ان تطفىء النار فورا. وتحدثت اوساط مكتب رئيس الوزراء عن اعداد الرأي العام العالمي لعملية، وفي الجيش الاسرائيلي قدم رئيس الاركان استعراضا تمهيدا لعملية برية محتملة. ورغم كل شيء، فلا يزال هناك احتمال معقول بان تهدأ جولة العنف هذه ايضا مع تحسن الطقس. على الاقل لعدة أيام.

        وماذا في الشمال؟ هناك، اذا لم تستمر النار من سوريا نحو اسرائيل، فستذكر عملية اطلاق النار الاسرائيلية أمس في اقصى الاحوال كمجرد حدث، هذا اذا ذكرت على الاطلاق.

        اطلاق الصاروخ المضاد للدبابات من طراز "تموز" نحو أرض غير مأهولة في سوريا تم بعد أن سقطت قذيفة هاون في استحكام تل تزكا، دون ان تقع اصابات. وكانت قذيفة الهاون وفق المقاييس، مما يدل على أن هذه نار نفذت بقين من قوات الجيش السوري التي تقاتل ضد الثوار.

        وحسب كل التقديرات، فقد تم اطلاق النار نحو اسرائيل بالخطأ. مهما يكن من أمر، فان هذه النار اقل خطوة بكثير من السيناريوهات المهددة حقا من ناحية قيادة المنطقة الشمالية: حسب سيناريوهات لم تعد تبدو مستبعدة، فان الحدود الاسرائيلية – السورية في هضبة الجولان ستصبح على مدى الزمن أرضا سائبة يعمل فيها بلا قيود تقريبا مقاتلو الجهاد العالمي المتعززين في سوريا ايضا، بالضبط مثلما نجحوا في تحديد قواعد اللعب في قطاع غزة، حاليا.