خبر أوباما و«إسرائيل».. ما كان سيبقى.. صالح النعامي

الساعة 08:34 ص|12 نوفمبر 2012

كان الرئيس الصهيوني شمعون بيرس قاطعاً في ترحيبه بإعادة انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة، حيث اعتبر بيرس أوباما الرئيس «الأكثر التزاماً بأمن إسرائيل». ليس بيرس الوحيد من بين الساسة الصهاينة الذي امتدح أوباما، بل إن هناك من حرص على تعداد الدلائل التي تؤكد أن أوباما كان بالفعل الرئيس الأكثر دعماً لـ»إسرائيل». ويكشف وزير الحرب إيهود باراك النقاب عن أن أوباما وافق بدون تردد على طلب «إسرائيل» منحها منظومات عسكرية، تمكن سلاح الجو الصهيوني من ضرب أهداف في قلب إيران، في الوقت الذي رفض الرئيس جورج بوش الابن منح «إسرائيل» مثل هذه التجهيزات. ويؤكد باراك أن أوباما كان هو الذي أمر بأن يتم تعزيز التعاون الاستخباري بين الجانبين بشكل غير مسبوق، علاوة على أن أوباما كان وراء تمويل مشاريع تطوير المنظومات المضادة للصواريخ، التي انتجتها الصناعات الجوية الإسرائيلية، ولا سيما منظومة «القبة الحديدية». ويشهد باراك بأن أوباما هو المسؤول عن فرض العقوبات الأكثر تأثيراً في إيران؛ لمنعها من تطوير سلاح نووي بعد أن تمكن من بلورة تحالف دولي عريض في مواجهة طهران. ولا يفوت باراك المحتفي بإعادة انتخاب أوباما التذكير بأن ساكن البيت الأبيض الجديد القديم هو الذي وقف مع «إسرائيل» بعد صدور تقرير «جولدستون»، وسعى لوقف تدهور مكانة «إسرائيل» الدولية. أما الوزير الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين فحرص على التذكير بأن أوباما كان هو الذي تبنى الموقف الإسرائيلي من التسوية مع الفلسطينيين، عندما حمل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن الجمود الذي انتهت إليه المفاوضات، مع العلم أن «إسرائيل» هي الطرف الذي يواصل الاستيطان والتهويد، وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطة التعاون الأمني مع «إسرائيل». وحتى وزير ليكودي مثل سيلفان شالوم يشهد بأن أوباما لعب دوراً في منع انجاز المصالحة بين حركتي فتح وحماس، مع كل ما كان يمكن أن يسفر عنه من تقليص لهامش المناورة أمام «إسرائيل».
أوباما يطمئن من جديد
لقد تبين خطل توقعات أولئك في العالم العربي، الذين راهنوا مجدداً على أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيتصرف بشكل مختلف في ولايته الثانية عن الضوابط التي حكمت سلوكه في الولاية الأولى، ولا سيما في كل ما يتعلق مع الصراع العربي الصهيوني. وعلى الرغم من أن هؤلاء اعتقدوا أن رهان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على فوز المرشح الجمهوري ميت رومني، وتدخله الفظ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ بهدف تعزيز فرص صديقه رومني، سيجعل أوباما يتجه للانتقام من حاكم «تل أبيب»، إلا أنه يفترض أن تكون خيبة أمل هؤلاء كبيرة بعدما تبين بسرعة أن أوباما يواصل التصرف وفق ذات الضوابط التي حكمت سلوكه تجاه الصراع في الولاية الثانية. إن أوضح دليل على ذلك حرص أوباما على طمأنة نتنياهو على أن أول ما ستحرص إدارته على تحقيقه هو منع السلطة من التوجه للأمم المتحدة للحصول على مكانة «دولة مراقب» في الأمم المتحدة. إدارة أوباما الجديدة القديمة لم تكتف بذلك، بل إنها هددت الدول المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنها ستوقف مساعداتها المالية لكل مؤسسة أممية يتم قبول فلسطين كعضو فيها، مع كل ما يترتب على ذلك من مس بأنشطة هذه المؤسسات. وعلى الرغم من محدودية تأثير قرار قبول فلسطين كعضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن أوباما سارع إلى طمأنة نتنياهو أن واشطن لا يمكن أن تسمح بأي ثغرة قد تتسرب منها المشاكل لـ»إسرائيل».
وضمن قائمة الطمأنات التي تبرع بها أوباما لنتنياهو، يندرج تعهده بالوفاء بالالتزام الذي قطع على نفسه خلال ولايته الأولى وخلال الحملة الانتخابية بعدم السماح بتحول إيران إلى قوة نووية. وهذا بكل تأكيد أهم تعهد يعني نتنياهو. ويقدم داني شابيرو السفير الأمريكي في «إسرائيل» تفاصيل حول تعهدات أوباما لنتنياهو بشأن إيران، وتتضمن بشكل أساسي تعميق وتوسيع العقوبات الاقتصادية على طهران بحيث تكون أكثر اتساعاً مما كانت عليه. وقد حرص الأمريكيون على أنه حتى لو فتحت قناة اتصال ومفاوضات مع الحكومة الإيرانية، فإنهم سيحرصون على تعهد الإيرانيين بوقف كامل للمشروع النووي.
أوراق نتنياهو القوية في مواجهة أوباما
لكن حتى لو افترضنا أن أوباما سيحاول الانتقام من نتنياهو؛ لقيامه بالتدخل لصالح منافسه رومني، وأنه سيعمل على معاقبة «إسرائيل» بسبب هذا السلوك، فهل حقاً بإمكان أوباما أن يفعل ذلك؟ في الحقيقة إن أوباما غير قادر لسبب بسيط؛ لأن دعم «إسرائيل» المطلق وغير المتحفظ هو القاسم المشترك بين الديموقراطيين والجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ. فبدون تأييد هذين المجلسين ليس بإمكان أوباما ممارسة الحكم بشكل ناجع، سواء على صعيد السياسات الداخلية والخارجية. وما زال أوباما يذكر أنه عندما حاول في مطلع ولايته الأولى القيام بخطوات فسرت على أنه تحدي لنتنياهو، كان أول من اعترض عليه هم النواب من حزبه الديموقراطي، وبالتالي فإنه سواء مجلس النواب،الذي يسيطر عليه الجمهوريون أو مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، سيحولون حياة أوباما إلى جحيم في حال أقدم على أية خطوة يمكن أن تفسر على أنها عقاب لنتنياهو.
أعضاء الكونغرس، بخلاف أوباما، الذي تحرر من الاعتبارات الانتخابية في ولايته الثانية، لا يمكن أن يسلموا بإغضاب المنظمات اليهودية الأمريكية؛ لأنهم معنيون بأن يتم انتخابهم مجدداً.
قصارى القول.. الرهان على أن يحدث أوباما تغييرات على سياساته تجاه المنطقة في أعقاب فوزه بولاية ثانية رهان في غير مكانه.