خبر فصل عنصري على التأكيد -هآرتس

الساعة 08:55 ص|11 نوفمبر 2012

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: المقارنة بين نظام الفصل العنصري في جنوب افريقية والاحتلال الاسرائيلي في المناطق المحتلة يُبين خطوط تشابه كثيرة بين النظامين - المصدر).

        هل نحن (سيئون) على هذا النحو حقا؟ في كل مرة يحاول شخص ما ان يقارن بين نظام الاحتلال في المناطق ونظام الفصل العنصري في جنوب افريقية – ويزيد عدد هؤلاء على الدوام – يُصنف فورا بأنه كاره لاسرائيل ومعادٍ للسامية. بيد ان هذه المقارنة تقتضيها الحقائق. لا، ليست اسرائيل دولة فصل عنصري، لكن الاحتلال في المناطق هو فصل عنصري. ان المقارنة مشروعة ومن الجيد أنها تُغضب اسرائيليين كثيرين، فربما يفضي بهم غضبهم الى النظر في نهاية الامر الى الاحتلال، لكنها لا تقول انه لا يوجد اختلاف بين النظامين، بين استبداد الاحتلال ونظام الفصل العنصري. ومن المؤسف جدا ان الفرق الأكبر بينهما هو ان نظام الشر في جنوب افريقية قد زال وان الاحتلال الاسرائيلي أخذ يزداد عمقا فقط.

        حاضر رجل الدين من جنوب افريقية، بريان براون، وهو معارض للفصل العنصري اضطر في حينه الى الجلاء عن بلده، قبل بضعة اشهر في مؤتمر في اسكتلندة، حاضر محاضرة مدروسة آسرة في هذه المقارنة. ونقل إلي رودلف هينز، وهو استاذ لاهوت في جامعة كيل في المانيا، أسس تلك المحاضرة. وكان استنتاد براون ان خطوط التشابه تُبيح المقارنة.

        يقول براون انه يجب الحديث عن بُعد السلب في الفصل العنصري – سلب الارض والحقوق والكرامة والقومية والقوة، من السود في جنوب افريقية ومن الفلسطينيين في المناطق. وقد عانت المجموعتان الحاكمتان البيضاء في جنوب افريقية واليهودية في اسرائيل الاضطهاد هما أنفسهما. فالبوير عرفوا خسف الامبراطورية البريطانية، أما اليهود فجرت عليهم فظاعات المحرقة التي هي أشد فظاعة بما لا يقبل المقارنة. وأقام فريق من البوير في جنوب افريقية ومن الصهاينة في اسرائيل حقهم في الارض على أمر إلهي. وقد احتل المجتمعان مناطق خلافا للقانون الدولي. وبعد تأسيس جنوب افريقية البيضاء في 1910، احتلت الدولة جارتها نميبيا التي كانت تحت انتداب الامم المتحدة؛ واحتلت اسرائيل الاراضي الفلسطينية بعد ذلك بأكثر من خمسين سنة.

        رأى المجتمعان أنفسهما ضحيتين وهو شيء ثبّت التعاون بين اسرائيل ونظام الفصل العنصري برغم ان هذا أيد في الماضي ألمانيا النازية. ورأى المجتمعان أنفسهما حاميين للحضارة ورأيا ان نضالهما للسود أو الفلسطينيين نضال عن قيم الغرب في مواجهة البرابرة (السود) أو الجهاديين (العرب)؛ ورأيا ان جنوب افريقية قلعة في مواجهة الاتحاد السوفييتي في فترة الحرب الباردة وأن اسرائيل هي "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط". والأهم ان العنف الأولي المؤسسي كان في الحالتين هو عنف النظام. أما عنف المؤتمر الوطني الافريقي وعنف منظمة التحرير الفلسطينية فجاءا ردا على ذلك.

        تميز المجتمعان بتمييز مؤسسي. فقد كانت الأمة في جنوب افريقية بيضاء وأصبحت الدولة في اسرائيل يهودية. ولم يكن يجب على غير البيض في جنوب افريقية وغير اليهود في اسرائيل ان يبحثوا لأنفسهم عن هوية قومية اخرى. ففي جنوب افريقية وُجهت الهوية الى المحابس التي لم تعترف بها أية دولة كما لا توجد أية دولة تعترف بالاحتلال الاسرائيلي. وكانت سياسة الهجرة متشابهة ايضا، فقد قامت في النظامين على خطوط هيكلية عرقية أو عنصرية، فلم يُسمح سوى للبيض بالهجرة الى جنوب افريقية ولا يُسمح سوى لليهود بالهجرة الى اسرائيل. وفي جنوب افريقية اضطر المهاجرون البيض ايضا الى ان تُجرى عليهم اجراءات تجنيس، وفي اسرائيل يمكن لكل يهودي ان يُجنس فورا. وفي النظامين لا يوجد ايضا أي تناسب بين عدد السكان والسيطرة على الاراضي.

        يُفرق براون بين الفصل العنصري الصغير والفصل العنصري الضخم. ففي الفصل العنصري الصغير وهو الفصل في اماكن الاستجمام يوجد اختلاف كبير بين الدولتين. لكنه يقول ان السود لم يناضلوا كي يجلسوا على مقعد واحد في المتنزهات مع البيض. بل ناضلوا الفصل العنصري الكبير وهو السلب المؤسس والعنيف. وناضل الفلسطينيون النضال نفسه. فماذا نقول – أهذا داحض؟ أليس له أساس؟ أهو معادٍ للسامية؟.