خبر انجاز التمساح .. عوض أبو دقة

الساعة 01:52 م|10 نوفمبر 2012

لفت انتباهي الاثنين الماضي، خبر إمساك الشرطة الفلسطينية في غزة، تمساحاً هارباً من حديقة حيوان، في برك الصرف الصحي ببلدة بيت لاهيا شمال القطاع.

الخبر تناولته مواقع إلكترونية عديدة، وشبهت الواقعة بأنها انجاز، لاسيما وسط الحديث عن الاستعانة بخبراء من الشرطة وجهاز الدفاع المدني للإمساك بالتمساح الهارب.

ومن بين التصريحات المثيرة للانتباه، ما أدلى به رئيس بلدية جباليا النزلة عصام جودة، والذي أعلن أن "التمساح لم يكن يشكل خطراً على حياة المواطنين بعد، ولكن لو صبرنا عليه مدة أطول سيكون مؤذياً بكل تأكيد".

لا يختلف اثنان في كون هذا التصريح في محله، لكن كان الأولى بالسيد جودة، أن يتحدث عن خطورة برك الصرف الصحي على حياة المواطنين وصحتهم.

أليس من الأجدر أن تُخصص الموازنات والمشاريع التي تأتي لقطاع غزة، لحل مشكلة برك الصرف الصحي، بدلاً من تعبيد شوارع وطرقات قائمة، نستطيع التعايش معها؟!.

حادثة التمساح هذه ذكرتنا بالأذى الذي تسببه برك الصرف الصحي على حياة المواطنين، فلقد عاشت عدد من الأسر لحظات ألم قاسية نتيجة غرق أبنائها فيها، وما حادثة انتشال جثة الفتى أيمن منعم الزين (14 عاماً) من "برك الموت" ببعيدةٍ عنا.

وفضلاً عن حوادث غرق الأطفال في برك المياه العادمة – والتي بالمناسبة لم تقتصر على الشمال فحسب -، نعود بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، وتحديداً في أواخر شهر آذار/ مارس عام 2007م حينما شهدت القرية البدوية شمال بلدة بيت لاهيا، كارثةً إنسانية وبيئية كبيرة جراء انهيار تلك البرك؛ حيث لقي خمسة مواطنين مصرعهم غرقاً، فضلاً عن إصابة ما يزيد عن عشرين آخرين، إلى جانب تدمير وتضرر العشرات من المنازل السكنية والممتلكات العامة.

ولمن لا يعرف فإن قرية أم النصر (البدوية)، تحيط بها ما يزيد عن 15 بركة صرف صحي، من الجانبين الشرقي والجنوبي، ولا تتوقف المراكز والمؤسسات الحقوقية عن التحذير من تعرضها لكارثة قد تقع في أي لحظة، بسبب عدم التقدم الفعلي في إيجاد حلول حقيقية لمشكلة نظام الصرف الصحي فيها، وتخفيف منسوب المياه العادمة في الأحواض الرئيسية.

بلا شك أن إمساك التمساح واجبٌ يقع على عاتق الحكومة والسلطة المحلية؛ لكن أن يسوق هذا الحدث على أنه انجاز، أمرٌ غير مقبول، وحريٌ بوسائل الإعلام التي رسمت هالةً كبيرةً حوله أن تُسلّط أضواءها على معاناة المواطنين وآلامهم في المكان الذي أُمسك التمساح فيه.

وهنا يستوقفني حرص الحكومة على سلامة المواطنين، وتسخير كل إمكانياتها وخبراتها للإمساك بهذا الحيوان الزاحف، وهي مشكورةٌ على هذا الصنيع، لكن كان الأجدر بها أن تُكرس هذه الجهود للحد من الكوارث والأزمات اليومية، التي نبرز منها الحوادث المروية الناتجة عن السماح بإدخال الدراجات النارية لغزة عبر الأنفاق، وإتاحة المجال أمام المراهقين لقيادتها دون حصولهم على تراخيص تؤهلهم لذلك، الأمر الذي يرى فيه المواطنون مقامرةً في أرواحهم.