خبر يصوت الامريكيون على مصيرنا.. هآرتس

الساعة 12:52 م|06 نوفمبر 2012

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: الانتخابات التي تُجرى اليوم في الولايات المتحدة ستؤثر تأثيرا مصيريا في الشعب الاسرائيلي وفي منطقة الشرق الاوسط بعامة - المصدر).

في الكتاب الاخير للمؤرخ طوني جاديت "بعد الحرب" وهو كتاب مقابلات صحفية، سُئل ما الذي منع حرب العراق من ان تصبح قضية درايفوس عالمية أو امريكية على الأقل، لأن الحديث كان عن نشر أكذوبة سافرة أفضى الى حرب. ويُبين جاديت لمُجري اللقاء المؤرخ تيموثي سنايدر مبلغ تعقد مسألة الكذب والحرب اذا حاولنا ان نجعلهما موضوع احتجاج: "حينما تعلن ديمقراطية حربا عليها ان تُحدث في البداية وسواس حرب بأن تكذب وتبالغ وتشوه وما أشبه". هذا الى ان جزءا من مشكلة الديمقراطية الامريكية فيما يتعلق بالحروب يتصل بأن "امريكا في القرن العشرين أجرت حروبا من غير ان تدفع تقريبا قياسا بالآخرين. فقد خسر الجيش الاحمر في معركة ستالينغراد من الجنود والمدنيين أكثر مما خسرت امريكا في حروبها كلها في القرن العشرين. يصعب على الامريكيين ان يفهموا معنى الحرب ولهذا فمن السهل جدا على زعيم سياسي امريكي ان يضلل هذا الشعب ويقود الديمقراطية الى حرب".

من أين جاءنا الوهْم الكاذب عن المعاناة والثمن الامريكيين في حروبهم؟ من هوليوود – السينما والتلفاز. ونحن نحيا الوهْم الامريكي وكأنه حياتنا. ان من شاهد في مطلع الاسبوع الماضي نشرات الأخبار كان يمكن ان يعتقد ان "ساندي" سيصل الى سواحلنا. صحيح ان للفانتازيا مصادر حقيقية واضحة. فقد كان يمكن حتى من المكالمات الهاتفية في المذياع والتلفاز مع اسرائيليين يعيشون هناك ان نعلم كم تراوح حياتنا البرجوازية بين البلاد والولايات المتحدة: فرجال الاعمال واساتذة الجامعات العاملون والذين يخرجون في سنة عطلة، ورجال الحواسيب والفنانون والمسؤولون الكبار في دورات الاستكمال وطلاب الجامعات والمهاجرون والسياح، كلهم هناك. وماذا عنا نحن هنا؟ ان محتوى شاشاتهم جزء مما لدينا.

لا يوجد بلد غربي آخر يتعرض فيه السكان جميعا للفلكلور التلفزيوني الامريكي كما في اسرائيل. لندع الموضوع المبتذل "اسرائيليون في نيويورك" ولننظر الى أبطالنا كبنيامين نتنياهو مثلا وحياته الامريكية، وستانلي فيشر مع لغته العبرية الرائعة، وآرثر فنكلشتاين المحرض الكبير على العرب، وشلدون إدلسون الذي أصبحت صحيفته هي الأشد وطنية عندنا، وايلي طبيب وهو مشُتري وبائع لفرق كرة قدم هنا ويطير ليستثمر ماله هناك، وفئات اخرى يمتزج فيها الوطن و"هوم لاند".

بقي شيء واحد مختلفا وبعيدا جدا. فهناك من غير ان يفهموا ثمن الحرب، ينتخبون اليوم رئيسا قد يؤثر في حياة وموت عشرات آلاف البشر، هنا. ان الملايين الذين شاهدوا "ساندي" (وهم لم يشاهدوا على نحو عام كوارث طبيعية أخربت هاييتي أو بنغلاديش) لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا في هذه الانتخابات المهمة برغم أنها ستقرر مصيرهم بقدر كبير.

كنا نحن خصوصا مادة في دعاية الانتخابات هناك فقد لعقونا بلسان رطب رجراج. ما معنى ذلك؟ ان مليارات الدولارات تنصب هناك "باسمنا" من جيب الادارة هناك الى صناعات الحرب هناك. وعلى وريد هذه الدولارات تجلس الادارة ووكالات اخرى ذات مصالح ضخمة ومؤسسات دعم وجماعات ضغط وعسكريون يصاحبهم خطاب محرقة ورُهاب الاسلام، ونحن في الشرق الاوسط ننتظر إعصارنا، أعني رئيس الولايات المتحدة القادم.

فكروا في عشرات آلاف العراقيين الذين سمعوا آنذاك بانتخاب جورج بوش الابن ولم يُخمنوا ان فوزه سيقتلهم ويُدمر حياة ملايين آخرين. ونقول باختصار ان الامريكيين يصوتون اليوم على مصيرنا وليس في مقدورنا ان نفعل شيئا سوى ان ننشد "ان نكون شعبا حرا في بلادنا".

 

ـ
مركز الاعصاب.. معاريف

بقلم: بن – درور يميني

(المضمون: الانتخابات في الولايات المتحدة بصعوبة يشعر المرء بها في الشارع الامريكي. ولكننا سنشعر بها، قريبا جدا، في الشارع السياسي لاسرائيل - المصدر).

في اسرائيل كما يخيل أحيانا، يتأثر الناس بالانتخابات في الولايات المتحدة أكثر بكثير من الناس هناك. ففي الاسبوعين الاخيرين تمكنت من أن أكون في ست ولايات. الشوارع صامتة. فليس البرد هو الذي بدأ بتهريب الناس الى البيوت. فهذه هي قصة أيضا في الشاطيء الغربي وفي الجنوب. وقد حصل لي أن علقت في مهرجان انتخابي في نيويورك. وغير مرة حين يصل المرشح نفسه. مهرجان عادي. بلا كاميرات تلفزيون. بلا وسائل اعلام. كان هناك متحدثون اكثر من الحاضرين. وفي القنوات القطرية يتحدثون بالفعل عن الانتخابات، ولكن هذا موضوع ندوة معينة ليس الا.

هكذا هو الحال عندنا أيضا. المحللون يتحمسون. وكذا المعقبون، مدفوعو الاجر أم لا. ولكن هذا هو. صحيح أنه في التقارير عن المهرجانات الانتخابية يأخذ المرء الانطباع بأنه توجد حماسة ما، ولكن لا حاجة لاخذ الامور بجدية. لا شيء يترك للصدفة. كما أن حقيقة ان كل هذه المهرجانات تبدو بالضبط على ذات الحال هي الاخرى ليست صدفة. فهذه أحداث يستثمر فيها، مع شركات انتاج، ربما ذات الشركات. والمرشحان، كما يقال عندنا، يدخلان في الايام الاخيرة في المصاف الاخير، فيما أن اعصار "ساندي" يصبح فجأة عنصرا مؤثرا. عندما أكتب هذه الامور، قبل بضع ساعات من فتح صناديق الاقتراع، نجد أن الملايين لا يزالون بلا  كهرباء. هذا هو الوضع أيضا في أجزاء من منهاتن في نيويورك، التي اصبحت عالما ثالثا بكل معنى الكلمة.

في الولايات المتحدة يفهمون بان هذه طبيعة العالم وطبيعة حالة الطقس وأن ليس كل قطع للكهرباء – حتى وإن كان الملايين يعانون منه – هو نتيجة تقصير. عندنا كانوا سيطالبون باسقاط رئيس الوزراء لفشله في تغيير اتجاه الريح. وعلى أي حال كنا سنشهد مسيرة التماسات مجتهدة لمحكمة العدل العليا. اما في الولايات المتحدة، فخلافا للمنطق الاسرائيلي، فان الرئيس القائم يعزز قوته بالذات، وإن كانت بنى تحتية هائلة انهارت. نحن يعنينا النووي الايراني. هذا الموضوع الهام، الذي توجد له آثار ليس فقط اقليمية بل وأيضا عالمية، حظي باهتمام جماهيري غير قليل. غير أنه كيفما اتفق، بالذات قبل الانتخابات في امريكا – نجد ان هذا الموضوع اختفى وكأنه لم يكن.

هذا يعود أيضا كاستحقاق، وليس كذنب، لحملة ميت رومني. ففي المواجهة الاخيرة تبنى المرشح الجمهوري تماما السياسة الخارجية لاوباما، وتنافس الرجلان على تصريحات التأييد لاسرائيل. ومن كل مواضيع الخارجية، فان عملية الارهاب في طرابلس في ليبيا بالذات تواصل اشغال بال وسائل الاعلام مع مكتشفات جديدة تتضمن كشفا لقصورات اخرى للسلطات. وفي هذا الموضوع ايضا مشكوك أن يكون ممكنا العثور على الناخب الذي سيغير تصويته بسبب قصور الحراسة في نطاق السفارة في ليبيا.

وهكذا فان القصة الكبيرة هي تعادل في اوساط المقترعين، مع التفوق لاوباما في احصاء النواب الناخبين. فاحتمال اسقاط رئيس قائم، منذ البداية، ليس كبيرا. بوش الاب اسقط، جيمي كارتر اسقط. ولكن هذه هي الحالات النادرة. الرئيس القائم يأتي ايضا مع ريح اسناد قوية. لقد نجح رومني في الاقلاع، ولكن حسب أغلبية المحللين والخبراء والمتعمقين – هنا ينتهي الامر. بعد ساعات غير قليلة سنعرف أنهم محقون.

لنتائج الانتخابات في الولايات المتحدة لن يكون أي تأثير فوري على علاقات الولايات المتحدة – اسرائيل، ولكن سيكون لها تأثير فوري على الساحة السياسية في اسرائيل. ايهود اولمرت وتسيبي لفني، وربما ايضا محافل اخرى، ينتظرون النتائج. انتخاب متجدد لاوباما سيزيد احتمالات تنافس مزيد من أحزاب الوسط. هذا التوقع يستند الى التقدير بان قسما من الجمهور الاسرائيلي يريد رئيس وزراء ينجح في ادارة منظومة علاقات نزيهة مع زعيم القوة العظمى.

عندما يدير اوباما ورومني معركة على المقترعين المترددين، من رجال الوسط، فانهما يتحدثان اليهم بلغتهم. ليس في اسرائيل. يكاد يكون كل جسم سياسي يدعي الحديث باسم الوسط دحر كيفما اتفق الى اليسار. مع تقسيمات الى هوامش اليسار. اوباما، الذي يأتي من الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي، يكافح ضد الحزب كي ينال مقترعي الوسط. رومني يفعل ذات الشيء. وفقط في اسرائيل نشهد ظواهر معاكس. هكذا بحيث أن الانتخابات في الولايات المتحدة بصعوبة يشعر المرء بها في الشارع الامريكي. ولكننا سنشعر بها، قريبا جدا، في الشارع السياسي لاسرائيل.