خبر اجل انه بوتين تماما- هآرتس

الساعة 11:04 ص|05 نوفمبر 2012

اجل انه بوتين تماما- هآرتس

بقلم: دمتري شومسكي

        (المضمون: الحقيقة ان الثقافة التي يحملها ليبرمان وجمهور المصوتين له تشابه تماما الثقافة التي يحملها بوتين وجمهور المصوتين له وهي ثقافة ترفض المساواة وعدم التمييز والتنور - المصدر).

        منذ انتُخب براك اوباما لرئاسة الولايات المتحدة، كانت احدى الفكاهات الشعبية في روسيا البوتينية وفي جالياتها الثقافية في أنحاء العالم ومنها تلك التي في اسرائيل هي: "انتخاب اوباما رئيسا هو فكاهة سوداء للامريكيين". ونسأل هل يكون من العنصرية ان نزعم ان مجموعة ثقافية تنشأ بينها هذه الفكاهة وتضرب جذورها هي مجموعة تتميز بميول عنصرية سافرة أم ان زعما كهذا هو زعم مضاد للعنصرية في جوهره خاصة لأنه يُشخص في صراحة ظاهرة عنصرية مقلقة بين جمهور ذي ماض مشترك من نوع ما.

        يمكن ان نسأل هذا السؤال ايضا عن المقارنة التي قامت بها رئيسة ميرتس زهافا غلئون بين افيغدور ليبرمان وفلادمير بوتين. هل يكون اعتقاد انه يوجد قاسم مشترك ما بين سياسيين مولودين في دولة واحدة لم تعد موجودة بلغوا العظمة بفضل تأييد لا يستهان به من مواطني تلك الدولة في السابق ويخلص كلاهما اخلاصا مبرهنا عليه لتراث اضطهاد حقوق المواطن الذي خلفته وراءها تلك الدولة – هل يكون هذا الاعتقاد اعتقادا عنصريا؟ أم العكس فلربما يوجد فيه خاصة ما يشير في صراحة الى ظاهرة العنصرية ما بعد السوفييتية في سياقها الواسع؟.

        أجرت الدولة السوفييتية تجربة لم يسبق لها مثيل على البشر. فمن جهة ملأت مصطلحات التنور والمساواة والاخلاق وكرامة الانسان وحريته الفضاء العام الى درجة متعبة. ومن جهة اخرى، مع عدم وجود مجتمع مفتوح ومن غير امكان ما للنقد العام، قام وهاج في الحياة اليومية أسفل البشر بلا عائق.

        حسبُنا ان نشاهد أفضل الافلام السوفييتية شبه التآمرية في أواخر ايام الاتحاد السوفييتي كي نرى أبعاد الداروينية الاجتماعية وتأليه استعمال القوة في العلاقات بين الأفراد والجماعات، واحتقار المختلف والضعيف الذي كان من نصيب مواطنين سوفييت كثيرين في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين يصعب على من لم ينشأ في الاتحاد السوفييتي المتأخر أو لم يبحث فترة آخر ايامه بحثا عميقا، يصعب عليه ان يتخيل الى أي حضيض تدهورت الاخلاق المدنية والسياسية بين الجمهور السوفييتي نتاج تلك التجربة.

        ان الفرق الذي لا يمكن تصوره بين خطاب المساواة المدنية والقومية وبين واقع الداروينية الاجتماعية المتوحشة والتمييز المؤسسي بسبب الأصل القومي، جعل مواطنين سوفييت كثيرين يعتقدون ان الذنب ذنب مفاهيم التنور والانسانية والمساواة. وأن مفاهيم التنور والانسانية والمساواة هي مفاهيم كاذبة منافقة في ذاتها لا أنهم أفسدوها.

        يخطيء بسبب ذلك الصبار الاسرائيلي العادي مثل آري شبيط الذي قال في صحيفة "هآرتس"، 1/11، ان "المهاجرين من روسيا أرادوا الهرب من ثقافة سياسية مستبدة ولم يريدوا اعادة نسخها". وفيما يتعلق بالمصوتين لليبرمان على الأقل (في أكثرهم) وبجمهور مصوتي بوتين في روسيا، فان هؤلاء واولئك كانوا يريدون ان يجدوا أنفسهم في دولة لا تستعمل مرة اخرى مفاهيم المساواة والانسانية الفاسدة وألا تحارب عبثا – حتى ولا في الظاهر – التمييز بين المجموعات البشرية لأن هذا التمييز تعبير مشروع عن طبيعة الانسان.

        نجح المصوتين لبوتين في روسيا اليوم في ان يحققوا بقدر كبير هذا الحلم السياسي والاجتماعي. وقد ينجح المصوتون لليبرمان في اسرائيل في فعل هذا في المستقبل القريب. ولذلك فان المقارنة بين بوتين وليبرمان ليست مقارنة عنصرية بل انها تعبير عن احتجاج على الموجة العكرة للعنصرية ما بعد السوفييتية من قبل كل من لا يرغبون في ان تضرب الفكاهة على شاكلة "انتخاب اوباما رئيسا هو فكاهة سوداء للامريكيين" جذورا في المستقبل في اسرائيل ايضا.