خبر قراءة في مواقف المتسابقيْن إلى البيت الأبيض ..عوض أبو دقة

الساعة 07:18 ص|05 نوفمبر 2012

يحاول مرشحا الرئاسة في الولايات المتحدة باراك أوباما وميت رومني، استمالة أصوات الناخبين الأمريكيين؛ حيث يطل الأول برؤية تُركّز على إنعاش البلاد وتقوية اقتصادها، فيما يبدو الآخر وكأنما يستعرض عضلاته على حلبة مصارعة يريد الإطاحة فيها بمن يقف في وجهه.

بالأمس قرأت مقالين لكلا المرشحين، عنوان ما كتبه أوباما "سنعيد بناء أمريكا"، وعنوان رومني "لن يتجرأ علينا أحد"، وللقارئ العادي يتضح من هذين العنوانين قبل أن يَهُم بقراءة التفاصيل، شخصية الرجلين، وطريقة تفكير كلٍ منهما.

ويقول أوباما في مقاله:" يوم الثلاثاء (غداً)، سيتسنى للأمريكيين الاختيار بين رؤيتين مختلفتين جذرياً. أعتقد أن ازدهار أمريكا بُني عبر تقوية الطبقة الوسطى، فنحن لا ننجح عندما تكون أوضاع قلة في أعلى سلم المجتمع جيدة، بينما تكافح البقية للحصول على أقل متطلبات العيش الكريم".

واضح من هذه الفقرة أن أوباما يريد أن يوصل الأمريكيين إلى قناعة بأن منحهم الثقة له لولاية رئاسية ثانية ستضمن لهم حياة كريمة، مشيراً بصورة ضمنية إلى أن غريمه في السباق الانتخابي لا يركز على ذلك الأمر، وإنما يتشعب في قضايا ثانوية أخرى.

ويقول رومني في مقاله:" كرئيس سأتخلص من قرار التخفيض التعسفي لجيشنا، لا ينبغى أن يعانى جنودنا أبداً من نقصٍ في الوسائل التي يحتاجون إليها لتنفيذ مهمتهم والعودة إلى الوطن سالمين، (..)، وسأعمل على تقوية جيشنا حتى لا يتجرأ أي خصم على تحدينا".

ويبدو بصورةٍ جلية أن هذه التصريحات هي صورة مختزلة لبرنامج المرشح الجمهوري ميت رومني؛ حيث بدا وكأنما يريد استحضار عهد سلفه في الحزب جورج بوش الابن، الذي قاد أمريكا للحروب الطاحنة التي خاضتها في القرن الحادي والعشرين في أفغانستان والعراق، وأرهقت الموازنة، وكبدت الجيش خسائر جارفة في الأرواح.

في المقابل، يظهر المرشح الديمقراطي باراك أوباما بصورةٍ مختلفة تماماً، حين يقول:" قبل أربعة أعوام كنا غارقين في حربين، وفي أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات، معاً شقَقْنا طريق عودتنا، فحرب العراق انتهت، وأسامة بن لادن قتل، وأبطالنا يعودون للوطن ..".

ومما سبق يحاول أوباما أن يوصل رسالة واضحة للناخب بأن عهد الحروب التي أرهقته وكبدته كثيراً سيولي إلى غير رجعة إذا ما أعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية.

ويتباهي أوباما في مقاله بسلفه الديمقراطي في البيت الأبيض وزوج حليفته هيلاري، حين يقول:"  عندما كان بيل كلينتون رئيساً، كان يؤمن بأنه إذا استثمرت أمريكا في مهارات وأفكار أبنائها، فسيتبع ذلك فرص عمل وشركات جديدة، (..) مع نهاية ولاية كلينتون، أوجد اقتصادنا 23 مليون وظيفة جديدة، وارتفعت الأجور، وتراجع مستوى الفقر، وأصبح لدينا أكبر فائض في تاريخنا".

وينبه أوباما الناخبين من خطورة التصويت لخصمه، قائلاً:" إن المسار الذي يعرضه حاكم ماستشوستس السابق رومني، هو نفسه الذي جرّبناه خلال الأعوام الثمانية التي تلت رئاسة كلينتون، وهو فلسفة تقول إن الذين في القمة يحق لهم أن يلعبوا بقواعد مختلفة عن البقية، عبر تخفيضات ضريبية للأغنياء لا يمكننا تغطيتها، وبتشجيع الشركات على نقل الوظائف والأرباح للخارج، وبفرض قواعد أقل على كبريات البنوك وشركات التأمين. هذه السياسات هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن".

ويتابع:" حاول رومنى مؤخراً أن يظهر نفسه كعنصر تغيير، منتقداً خططه الضريبية والدفاعية. إن التغيير هو أن يتمتع المواطنون بمهارات ومستوى تعليمي يضمن الحصول على وظيفة جيدة. التغيير هو أن تكون أمريكا موطناً للجيل القادم للصناعة والابتكار، وأن تدير ظهرها لعقد من الحرب لتكرس اهتمامها بالإعمار هنا على أراضيها".

ويرد رومني على أوباما قائلاً:" رغم أن أمريكا هي أرض الفرص، إلا أن الفرص لم تدق باب الكثير من الأمريكيين في الآونة الأخيرة، بسبب الانكماش الاقتصادي، الذي ترك الملايين دون وظائف؛ مما أدى لتحطيم أحلام العديدين وتعطيل حياتهم وتغيير خططهم وألقى بظلال قاتمة على آمالهم".

ويشير رومني إلى أنه وضع مع بول ريان، المرشح لمنصب نائب الرئيس، خطة للتعافي الاقتصادي تتضمن خمسة عناصر ستوجد خلال أربعة أعوام 12 مليون وظيفة، وتأكيده أنه سينتج نسبة أكبر من الطاقة التي تدفئ منازلنا، وتحرك سياراتنا، وتنعش اقتصادنا، سنوقف حرب الرئيس أوباما على الفحم، وازدرائه للنفط، وجهوده لتقييد الغاز الطبيعي عبر قوانين فيدرالية، سندعم الطاقة النووية والمتجددة، سنستثمر في علوم الطاقة والأبحاث للتوصل إلى اكتشافات بإمكانها تغيير عالم طاقتنا.

القراءة السابقة لمواقف الرجلين يستدل منها على أن أوباما هو الأقرب لاستمالة قلب الناخب الأمريكي، وبالتالي يبقى هو الأقرب لكسب سباق الرئاسة مجدداً.

وعلى ضوء تلك الانتخابات سيتضح مسار الانتخابات الإسرائيلية، لأن من المعلوم أن كلا الطرفين يخدم كل منهما الآخر في سياساته وتوجهاته. بل من المعقول أن نذهب أبعد من ذلك ونقول إن نتيجة الانتخابات الأمريكية من شأنها أن تؤثر على الخارطة السياسية والحزبية في كيان العدو، وتقلب حسابات التحالفات القائمة، ما يعزز قناعتنا بعدم جدوى الانتظار المعلن وغير المعلن لبعض الأطراف الفلسطينية والعربية الحليفة لأمريكا.

ختاماً من الجدير أن نشير إلى حرص المتنافسين في سباق الرئاسة إلى إرضاء جمهور الناخبين أولاً وأخيراً، وكل ما صدر من تصريحات ومواقف عن طرفي السباق يدلل على رغبتهما الأكيدة تحقيق مصالح الشعب الأمريكي. فهل يتعظ زعماؤنا من تلك الفلسفة التي تقول: "مصالح الشعوب أولاً وأخيراً هي الضامن والحصن".