خبر جهاز الهرب- يديعوت

الساعة 09:17 ص|04 نوفمبر 2012

جهاز الهرب- يديعوت

بقلم: عمانوئيل روزان

ينبغي ان نفرك العيون في دهشة أمام شاشات التلفاز. هل تتذكرون أبو مازن؟ أجرى رئيس السلطة الفلسطينية مقابلة صحفية حصرية مع القناة الثانية. لم تكن مقابلة حصرية مع نتنياهو عن ايران، ولا مقابلة حصرية مع كحلون عن أسعار الحليب بل مقابلة مع أبو مازن عن تلك المسيرة التي سموها ذات مرة "مسيرة السلام" وعن موضوعات كدنا ننساها كالحدود واللاجئين. وأصبحت القناة الثانية كأنها قناة التاريخ.

توجد اسباب وتفسيرات كثيرة تُبين كيف أصبحت القضية الاسرائيلية الفلسطينية مُهملة ومختفية تقريبا عن برنامج عملنا الوطني وعن المعركة الانتخابية الغريبة التي تجري هنا. وهناك اوباما الذي فقد الاهتمام، ونتنياهو الذي سيطر على كل جزء من النقاش العام بالتهديد الايراني، وأبو مازن الذي لم يتمتع قط بطاقات وبزعامة مدهشة، والهدوء والشعور المزيف بالأمن بالطبع. فاذا لم توجد عمليات تفجيرية فلا يوجد عرب يجب أو من المهم أو من العاجل الحديث اليهم.

بيد انه لا يوجد ذو عقل يؤمن حقا بأنه يمكن ان نتجاهل الى الأبد القضية التي هي الأساس والأصل لكل ما سيكون هنا في المستقبل القريب والبعيد. ان القنبلة الموقوتة الفلسطينية يجب ان تقلقنا أكثر من كل قنبلة ايرانية. وليس الأمر أمر الانتفاضة الثالثة التي ستدخل هنا في الفراغ المضلل ولا قوة حماس وموجة العمليات التي ستعود الى حياتنا اذا استمرينا في تعطيل الامور – انها ايضا الحقيقة الأساسية وهي أنه بغير حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني لن توجد هنا الى الأبد دولة طبيعية، دولة ذات أجندة مدنية، تستطيع حقا الاهتمام برفاه مواطنيها.

حتى لو أصبح موشيه كحلون رئيس الوزراء القادم فان أسعار الحليب لن تخفض حقا ولن يُقتطع من الضرائب حقا ولن ترتفع مخصصات الرفاه حقا – ما بقي هنا صراع سياسي قابل للانفجار سيستمر في ابتلاع المليارات في ميزانيات الدفاع. لأن الاسئلة الوجودية حقا هي أين تمر الحدود وكيف ستُحل قضية اللاجئين وليست مسألة مدى طائراتنا الحربية والسلاح الذي تحمله.

اذا بقي اوباما على كرسيه فان الضغط لاجراء مسيرة سياسية حقيقية سيعود بصورة كبيرة بعد ان تنشأ هنا حكومة جديدة، فورا. وحتى ذلك الحين من المريح للاعبين الحاليين في الساحة السياسية ان يتجاهلوه. فشيلي يحيموفيتش تحاول ان تُنسي حقيقة أنها من اليسار، ويفضل نتنياهو دائما الحديث عن ايران، ويتلو يئير لبيد خططا سياسية تقول كل شيء ولا تقول شيئا. وفي الحواشي – في ميرتس والاتحاد الوطني – يتحدثون بالطبع عن هذا الأمر المنسي لكنهم في المركز السياسي الذي أخذ يتسع يدفنونه عميقا في الارض.

ان تجاهل هذا الموضوع يلائم في عمومه حفل الأقنعة في أشد المعارك الانتخابية غرابة هنا. فحينما يكون الجميع مشغولين بسؤال من ينضم الى من ومتى، فانه يسهل ان ننسى ما سيوضع في الحقيقة على مائدة القادة في اليوم التالي. وهذا هو الشيء الذي يجعل ما بدأ مثل فكاهة يصبح ذا زخم حقيقي في خضم هذا الاحتفال كله: وهو ان شمعون بيرس، لا اولمرت ولا تسيبي لفني هو الذي سيقود معسكر المركز – اليسار في مواجهة معسكر بيبي وليبي. أهذا هذيان؟ ليس أكثر من ذلك التآلف بين موفاز ونتنياهو، وليس أكثر هذيانا من حزب كحلون الافتراضي وليس أكثر هذيانا من المعركة على سؤال من يتخلى لمن ومن يقود من وفي أي حزب أو كتلة حزبية سيحدث ذلك.

يستطيع بيرس ان يكون رئيس وزراء بقدر لا يقل عن سائر المرشحين الآخرين الذين ذكرناهم هنا. ان روبي ريفلين الذي سيصبح في هذه الحال هو الرئيس بالفعل سيُفرحه جدا التعيين المفاجيء حتى إنه سيفرح بأن يوكل الى بيرس عمل تشكيل الحكومة. أهذا هذيان؟ ربما. هناك شيء واحد مؤكد: وهو انه مع عودة بيرس الى السياسة لن يستطيع أحد بعد ان يتجاهل القضية الأهم لمستقبل المجتمع الاسرائيلي وقد يصبح ذلك في نهاية الامر معركة انتخاب حقيقية لا معركة هرب متبادل.