خبر ليس صدّيقا ولا اجتماعيا -هآرتس

الساعة 09:15 ص|04 نوفمبر 2012

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: ان صعود نجم موشيه كحلون في استطلاعات الرأي لأنه خفض رسوم أحاديث الهواتف المحمولة فقط يُبين ضحل التفكير السياسي في اسرائيل في هذه الايام - المصدر).

        عندنا ايضا تشي جيفارا محلي هو موشيه كحلون. فهذا الثائر من جفعات أولغا خفض رسوم "الاتصالات". وهناك قليل من الاسرائيليين يعرفون ما معنى هذا وأقل منهم يعرفون كيف ينطقونه، وفي الخلاصة فان الأحاديث والرسائل النصية أقل كلفة علينا بفضل كحلون الذي ظهر في سماء حياتنا مثل روبين هود وهو الآن يلمع فيها كأنه أم جميع الوعود.

        انه فجر يوم جديد، فجر يوم نستطيع فيه ان نلهو بالهاتف أكثر بنصف مجان. انه تاريخ. انه شعب الكتاب الذي أصبح شعب الهاتف المحمول، الشعب الذي يتحدث الى درجة التعب – "أين أنت؟" و"أأنتِ مستيقظة؟" – انه صاحب الارقام القياسية العالمية للثرثرة في الشبكة ويعرف كيف يُقدر ثوارا مثل كحلون الذي خفض كلفة الاحاديث في الهواتف المحمولة وهذه خلاصة حياته وأساس وجوده.

        حاول براك اوباما ان يُجيز اصلاحا للتأمين الصحي، وحاول كحلون ذلك في الهواتف المحمولة – وليعش الفرق. في مجتمع يعتبر فيه كل طباخ شاعرا، وكل منفي من البرامج التافهة مشهورا، فان من يخفض تكلفة الاحاديث يعتبر ثائرا حقا. أعطونا فقط قطعا طرية من اللحم، وتسلية وهواتف محمولة. وفي الحقيقة فان بائع الفواكه في سوق الكرمل قد خفض في الاسبوع الماضي سعر البرتقال عدة قروش، فهل ربما يكون ثائرا هو ايضا؟.

        ان استطلاعات "العمق" مدهشة، والخريطة السياسية فوارة، والساسة والمحللون في دهشة يقولون: خُذني يا كحلون. البطاطا المقلية مع كل شيء وكذلك كحلون ايضا: كحلون مع العمل – انه انفجار؛ وكحلون مع شاس – شيء مدهش؛ بل كحلون مع أمسلم – زلزال. فها هو ذا السلام الذي يبدأ فينا: الشعب مع كحلون، اليمين والمركز واليسار. ان هذه الثورة الاتصالية الكحلونية – لا تقل شأنا عن الثورة الفرنسية والثورة الصناعية – تشهد مثل ألف مستطلع للرأي على كون الخطاب السياسي في اسرائيل ضحلا وعلى بؤسه أكثر مما تشهد على مُحدِثها. فقد أصبح خفض الاحاديث الفارغة قيمة رفيعة. وحسبُنا سياسي لطيف مبتسم متواضع أدى عمله الوزاري كما ينبغي، وهو يميني وشرقي كما نُحب، وهو "اجتماعي" كما نحلم، حسبُنا ذلك ليملأ الفراغ السياسي الفظيع الذي يصبح فيه كل وغد ملكا. قد لا يكون كحلون وغدا لكنه تُوج ملكا (للحظة). وكل ذلك بسبب الاتصالات.

        فتح كحلون سوق الهواتف المحمولة للمنافسة، وثار في شجاعة على التركيزية وعلى أرباب المال الذين سيطروا عليها ومكّن شركات افتراضية من دخول السوق وأفضى الى خفض الرسوم بـ 74 في المائة، ولذلك مُنح جائزة اسرائيل في استطلاعات الرأي. وماذا ايضا؟ لا يوجد الكثير. فهو لم يخفض الاسعار التي لا تقل فضحا لشركات الكوابل والاقمار الصناعية، ولم يكادوا يسمعون به باعتباره وزير الرفاه. وقد رفع يده معارضا سلسلة اقتراحات قانون اجتماعية، كما بيّنت في نهاية الاسبوع رابطة "الحارس الاجتماعي"، وهو بصفته مُشرعا عمل كثيرا فجاءنا بقانون يمنع الاسرائيليين من ان يصلحوا سياراتهم في كراجات فلسطينية والعياذ بالله، وبقانون تراث ليبيا. ويغطي على كل ذلك الابتسامة والأصل الشرقي والاتصالات.

        يتبين ان هذا الصدّيق الاجتماعي ليس صدّيقا كبيرا فضلا عن انه أقل اجتماعية مما يبدو. فكحلون يؤيد قانون إدموند ليفي لتشريع البؤر الاستيطانية واعلان انه "لا يوجد احتلال". اليكم العدل الاجتماعي في اسرائيل 2012: حيث أصبحت سرقة الاراضي عدلا. ويؤيد كحلون ايضا قوانين تلتف على المحكمة العليا، وهذه علامة اخرى واضحة على عدل حالي. بل انه دعا ذات مرة الى ضم المناطق اذا تجرأ الفلسطينيون بوقاحتهم على التوجه الى الامم المتحدة. ألم نقل من قبل انه نجم مولود. ان كحلون قد غنى أغنية واحدة فأصبح نجما كبيرا.

        قضى نهاية الاسبوع في حضن عائلته التي كان يفترض ان تبت في أمر مستقبله الذي هو مستقبلنا تقريبا. وقد جاء باستطلاعات الرأي المدهشة الى العائلة صديقه الطيب شمعون سوسان وهو رئيس مجلس متهم بجناية تحدث هذا الاسبوع في الراديو مُثنيا على موشيه وينطبق على هذه الحال مثل "قُل لي من اصدقاؤه".

        وقد أصبحنا كحلونيين كما أراد "الزعيم الغالي"، بنيامين نتنياهو. قد ينافس كحلون وقد لا يُنافس. وكانت الأنفاس محبوسة في وقت كتابة هذه السطور عند ظهر أمس. لكن مستوى السياسة الاسرائيلية قد حُسم مُبينا ان موشيه كحلون هو الوعد الأكبر. فهل يجب ان نضيف شيئا ما؟.