خبر إسرائيل في طريق إلى عزلة دولية- هآرتس

الساعة 09:46 ص|01 نوفمبر 2012

 

بقلم: شاؤول اريئيلي

اذا تجاوزنا أفق الانتخابات أمكننا ان نُقدر ان حكومة اسرائيل التالية قد تحتاج الى مفاوضة الفلسطينيين. وهي مفاوضة سيكون بدؤها سيناريو ما لكن نهايتها، فيما يتعلق باسرائيل على الأقل، مشروطة بالتصور العام لرئيس الوزراء بعامة وبرؤيته للصراع الاسرائيلي الفلسطيني بخاصة.

حتى لو كان أكثر الاحزاب تختار منذ زمن بعيد ان تدفن رؤوسها في الرمل وتتجاهل الصراع، وبصورة أقوى مع اقتراب الانتخابات، فان سيناريو متشائما قد يحثها دفعة واحدة – سواء قبل الانتخابات أم بعدها. والاسباب المحتملة لذلك كثيرة مثل: توتر يزداد في جبل الهيكل بسبب محاولات اليمين المسيحاني تغيير الوضع الراهن والسائد منذ مئات السنين، واحتجاج اجتماعي للفلسطينيين في الضفة يبدأ موجها على السلطة وينتهي موجها على اسرائيل، أو حادثة "شارة ثمن" متطرفة أو حتى زخم البناء في المستوطنات اذا تم تحقيق نية الحكومة ان تمضي أجزاءا من تقرير إدموند ليفي.

ان سيناريو غير عنيف، احتمالاته ضئيلة، قد يتحقق بعد انتخاب محتمل جديد لبراك اوباما، يعرض مبادرة امريكية جديدة. وستُمكّن الموافقة على طلب الفلسطينيين ان يحصلوا من الامم المتحدة على منزلة دولة غير عضو، سيُمكّن محمود عباس بحسب تصريحه من التفاوض من غير الشروط التي اشترطها الى الآن.

علّمنا عقدا تفاوض ان كل محاولة لبناء حلول الصراع بتبني روايتي الطرفين تفضي بالضرورة الى فشل بسبب الهاوية الفاغرة فاها بينهما. وتدل التفسيرات القانونية المتناقضة المتعلقة بحقوق اسرائيل والفلسطينيين من كتاب الانتداب الى قرارات الامم المتحدة وفي مقدمتها 194 و242، على فروق يصعب التقريب بينها. وعلّمتنا أنابوليس ان قراءة واعية للواقع والمصالح توجب على الطرفين الاكتفاء بـ "نصف شهوته في يده". لا أحد في اسرائيل طلب وجودا اسرائيليا في غزة بعد ان تم اخلاؤها، ولم يشترط أحد في الجانب الفلسطيني عودة مئات آلاف اللاجئين الى اسرائيل. وفي المقابل فان الوجود الاسرائيلي في الكتل الاستيطانية وفي الأحياء اليهودية في شرقي القدس جعل الطرفين يوافقان على تبادل اراض يُمكّن من بقائها تحت سيادة اسرائيل.

ان سيطرة حماس على غزة وتعقيد كل حل يتطلبان من الطرفين زمنا طويلا وتمسكا بالتنفيذ في مقابل محاولات متوقعة من معارضي التسوية للتشويش عليها كما حدث في مسيرة اوسلو.

سيحتاج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اذا انتخب مرة اخرى الى التفاوض، لكن تبين من ولايته الاخيرة انه ليس براغماتيا. فنتنياهو بخلاف كل أسلافه تقريبا صاحب ايديولوجية عالمه مقسوم بين الاسود والابيض. فالعدل والحكمة موضوعان في جعبة طرف واحد فقط، هو طرفه. وفي خطبته الاخيرة في الامم المتحدة قسم العالم الى متنور ومُنير، وبدائي وظلامي حيث مكان الفلسطينيين ايضا. ويُعرّف نتنياهو منتقدي اسرائيل بأنهم معادون للسامية ويُعرّف مؤيديها بأنهم أفاضل أمم العالم. ويراوح مستقبل اسرائيل كما يرى بين المحرقة والنهضة دائما. وهو يرى ان "دولة م.ت.ف التي ستُغرس على مبعدة 15 كم من تل ابيب هي تهديد وجودي لها".

ان وحدته مع افيغدور ليبرمان الذي يرى عباس عائقا أمام السلام ستعزز اعتقاداته وتؤدي باسرائيل نهائيا الى منزلة "شعب يسكن وحده". وقد عمل نتنياهو بصورة واضحة على مجابهة رئيس امريكي يتولى عمله، وأصبح زعماء اوروبا يرون أنه لا يقول الحقيقة، وهو لم يمنع المس بالعلاقات بمصر وبالاردن. فليس هو وليس ليبرمان المنبوذ من المجتمع الدولي، هما الزوجين المناسبين لليوم المتوقع لاسرائيل.