خبر طريق مسدود في القطاع -هآرتس

الساعة 09:59 ص|30 أكتوبر 2012

بقلم: رؤوبين بدهتسور

        (المضمون: يصعب على الجيش الاسرائيلي ان يجد حلا ناجعا لمشكلة اطلاق القذائف الصاروخية على البلدات الجنوبية في اسرائيل ويجب على رئيس الاركان ان يُبين ذلك للحكومة بوضوح - المصدر).

        دُفع الجيش الاسرائيلي في غزة الى طريق بلا مخرج. وبرغم جعجعة وزير الدفاع ورئيس الوزراء اللذين يهددان حماس صباح مساء برد مؤلم اذا لم يقف اطلاق القذائف الصاروخية، وبرغم حديث رئيس هيئة الاركان عن ان "الجيش الاسرائيلي ذو قوة وهو مستعد للاستمرار في الرد والمبادرة وعلى الرد على كل تهديد في كل وقت"، فان الحقيقة المرة هي انه ليس للجيش حل في الحقيقة. فمنذ مطلع السنة فقط أُطلق من قطاع غزة نحو من ألف قذيفة صاروخية على بلدات في اسرائيل، من سدروت الى عسقلان وبئر السبع. ولا يكاد يمر يوم من غير ان تُسمع تحذيرات "اللون الاحمر" التي تجعل سكان الجنوب يجرون الى اماكن آمنة، ولا يملك الجيش الاسرائيلي جوابا.

        من المحزن ان نقول ذلك لكن الجيش الاسرائيلي فشل في العقد الأخير في امتحان مواجهة القذائف الصاروخية لحماس والجهاد الاسلامي. ما الذي لم يُجربوه؟ الاغتيالات ومهاجمة "البنى التحتية"، واطلاق نيران المدافع على خلايا اطلاق الصواريخ، وعملية واسعة النطاق في داخل القطاع ("الرصاص المصبوب")، وتحصين آلاف المباني بكلفة مئات الملايين (وعد رئيس الوزراء في الاسبوع الماضي بالاستمرار في التحصين لجميع المباني هذه المرة في مدى بين 4.5 الى 7 كم عن القطاع)، ونصب منظومة دفاع لمواجهة الصواريخ. وبرغم كل ذلك يستمر اطلاق الصواريخ. وحماس في واقع الامر هي التي تحدد قواعد اللعب. فان شاءت أطلقت القذائف الصاروخية وإن شاءت أعلنت هدنة. فالمبادرة في يد الطرف الثاني ودُفع الجيش الاسرائيلي الى موقف من يرد على ذلك.

        يُكثر رئيس الاركان بني غانتس الاشارة في المدة الاخيرة الى انه لا يمكن الاستمرار في ذلك وانه لن يكون مفر من عملية عسكرية واسعة النطاق اخرى في داخل القطاع. وقد زعم غانتس في تشرين الثاني من العام الماضي أمام اعضاء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست ان "جولات التصعيد الأخير والاصابات بالأرواح والحياة اليومية لسكان الجنوب تفضي الى ان يحتاج الجيش الاسرائيلي الى عمل هجومي كبير في قطاع غزة؛ فلن نستطيع الاستمرار في جولة بعد جولة". وكان هذا قبل سنة كما ذكرنا آنفا. ومنذ ذلك الحين تم غير قليل من "الجولات" الاخرى وما يزال الجيش الاسرائيلي لم يدخل غزة.

        يُحجم رئيس هيئة الاركان، وهو محق في ذلك كثيرا، عن أن يوصي الحكومة بنسخة اخرى من "الرصاص المصبوب". فهو يدرك جيدا ان عملية عسكرية واسعة ايضا في القطاع لن تحل مشكلة القذائف الصاروخية. من المعقول ان نفترض في الحقيقة ان ينجح الجيش الاسرائيلي في ان يقتل غير قليل من ناس حماس بل ربما يضع يده على قواعد اطلاق وقذائف صاروخية، لكن اطلاق الصواريخ لن يتوقف. ولا يجوز ان ننسى أنه في خلال عملية "الرصاص المصبوب" ايضا وفي اثناء المعارك، استمرت حماس في اطلاق القذائف الصاروخية بل زادت في معدل اطلاقها.

        يبدو ان آخر شيء يريده غانتس هو ان يحتل قطاع غزة. والى ذلك ما الذي سيحدث بعد ان تخبو المعارك؟ هل يبقى الجيش الاسرائيلي في غزة وما حولها؟ من المحتمل ان لا. وبعد خروجه فان الوضع سيعود الى سابق عهده. ولا يوجد شيء من الحقيقة في ادعاء ان عملية كهذه ضرورية لردع حماس. فقد تحطم منذ زمن الوهم الذي جهد قادة الجيش الاسرائيلي في تعزيزه وهو ان "الرصاص المصبوب" عززت الردع الاسرائيلي.

        يبدو انه حان وقت تفكير مختلف واعتراف بأن الجيش الاسرائيلي دُفع الى طريق مسدود. ويجب ان ندرك انه من المحتمل جدا ان تكون حماس قد حددت نقطة ضعف الجيش الاسرائيلي، وقد لا يكون رد عسكري ناجع على مشكلة القذائف الصاروخية، موجودا. فبرغم ميلنا الى اعتقاد وجود حل عسكري لكل تهديد، وان الجيش الاسرائيلي سيجد الجواب العملياتي المناسب لكل خطر، فان الواقع أكثر اعوجاجا. يصعب في الحقيقة ان نطلب الى رئيس هيئة الاركان ان يوضح للحكومة ان الجيش الاسرائيلي قد فشل وانه لا يوجد حل عسكري ناجع لمشكلة القذائف الصاروخية، لكن هذا ما يجب عليه فعله.